محمد أبي سمرا
في تكيّتهم وحضرتهم وحول مقامات أوليائهم وأضرحتهم، حيث حجّوا وأحيوا موالدهم الكهفية،وجدوا أنهم قلةَ ويختلط أمواتهم بأحيائهم: إبراهيم قليلات (أبو شاكر)، وعصام العرب، ومصطفى حمدان، وعبد الحفيظ قاسم، وشاكر البرجاوي، وكمال شاتيلا، وأحمد الخطيب، وعبد الرحيم مراد، وحسن صبرا، وحسين اليتيم، ومعروف سعد، ومصطفى سعد، وأسامة سعد، وبشارة موهج، ومعن بشور ... وحين حاولوا صوغ بيانهم، وجدوا أن غيبتهم الطويلة أفقدتهم اللغة تماماً، ولم تُبقِ في ذاكرتهم سوى أصداء أصوت وكلمات لا يفهمها أحد. حتى هم أنفسهم صدئت معانيها وتخشبت في أسماعهم التي تعودت في شبابهم البعيد على تلقفها، لترددها ألسنتهم بين مريديهم.
لذا قرروا الاستعانة بمجدّدين لصوغ بيانهم، فاستدعوا من قدامى عرابي الحركات الشبيهة بحركتهم السيد منير شفيق، ومن المخضرمين زاهر الخطيب ونجاح واكيم، ومن تلامذتهما غالب وناصر قنديل، ولم ينسو زوار صحيفة الممانعة: سعدالله مزرعاني، والمقيمان في عقر دار الإمبريالية وأشدهم كراهية لها سيف دعنا وأسعد أبو خليل... فشاركوا هؤلاء جميعا في توليف بيان حضرتهم الذي نقلته عنهم ونشرته "الوكالة الوطنية (اللبنانية) للإعلام" في بيروت. فأحد القنديلين (غالب) عضو في "المجلس الوطني للاعلام". والثاني (ناصر) كان في شبابه أحد أركان "السلطة الشعبية" و"رابطة الشغيلة" في حي الطمليس طوال حرب السنتين (1975-1976)، ثم أودعه غازي كنعان نائباً عن بيروت في البرلمان اللبناني على لائحة رفيق الحريري، وصار بوقاً صدّاحاً في ربط "الممانعة" بالثورة العالمية، شأنه في هذا كله شأن رائده زاهر الخطيب.
للتسلية والترفيه؟
وصدر بيان أهل الكهف باسم "الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين - المرابطون"، فأدان "الأعمال التي تستهدف وحدة الأراضي الصينية مؤكداً وقوفها (الهيئة) مع القيادة الصينية الحكيمة والرشيدة بقيادة فخامة الرئيس شي جين بينغ (ضد) ما يجري في مدينة هونغ كونغ من أعمال شغب وتسلل مجموعات إرهابية إلى داخل المدينة والمؤسسات الرسمية والمطار". ووصف البيان هذا التدخل بأنه "تدخل خارجي سافر يَظهر جلياً وبوضوح، من خلال تصريحات المسؤولين الغربيين والمستشارين في واشنطن ولندن وكندا. واستُخدم سابقاً تحت عناوين مزيفة في كثير من الدول لتفتيتها وتقسيمها".
لماذا هونغ كونغ، ولماذا الصين وقيادتها، ولماذا فخامة الرئيس شي جين بينغ، الذي لم يُعرف يوماً أن منصبه يُنعت بالفخامة؟!
ربما لم يعد سيادة الرئيس السوري بشار الأسد في حاجة لبيانات تأييد بعد انتصاراته الأخيرة على الإرهاب ومشاريع التفتيت والتقسيم في سوريا. لذا رأى أهل الكهف الناصري في صحوتهم الأخيرة من سباتهم، أن الصين ورئيسها في حاجة إلى نجدتهم. أما الوكالة الوطنية للإعلام فكانت في حاجة إلى مادة تنشرها في عطلة العيد التي تتضاءل فيها الأخبار والبيانات والحوادث السياسية، فأذاعت للتسلية والترفيه بيان أهل الكهف في دعمهم الصين.