إقبال كثيف على المدارس الرسمية: هل تستوعب؟

بشير مصطفى

الإثنين 2018/09/24

مع بداية كل عام تتوجه الأنظار إلى المدارس الرسمية لمراقبة حجم الإقبال عليها. هذا العام ومنذ الأيام الأولى لعملية التسجيل لمس السلك التربوي تزايداً ملحوظاً في عدد التلاميذ، ولم يتأخر هؤلاء عن إبلاغ المناطق التربوية والوزارة بذلك.

تقدم المراجع التربوية تفسيرات عدة لهذا الإقبال. فوفق الدراسات التي أجراها المركز التربوي للبحوث والانماء، تمكنت المدارس الرسمية من تحسين مستواها التعليمي، وبرهنت عن جدارة في مواد العلوم والرياضيات وتحسن في اللغة. وهذا ما أكدته نتائج الشهادة الرسمية.

إلا أن هذا الأمر يمثل جزءاً من الصورة، لأن هناك فئة كبيرة من الأهل لم تعد قادرة على تحمل أكلاف التعليم الخاص. فبعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب، بدأت المدارس الخاصة بزيادة الأقساط مباشرة أو بالمواربة. فبحجة أن الأساتذة يطالبون بالدرجات الست المستحقة، ضاعفت المدارس الأقساط، واعتمدت "الحيلة" لناحية رفع أسعار الكتب والقرطاسية والزي الموحد ومصاريف الأنشطة.

أمام هذا الواقع، لم يعد هناك من خيار أمام الأهل المكتوين من أقساط المدارس الخاصة سوى التوجه إلى المدرسة الرسمية. علماً أن المدارس الخاصة المجانية وغير المجانية كانت تغطي نحو ثلثي القطاع التربوي في لبنان.

وينفي مصدر تربوي أن يكون التلاميذ السوريون سبب شكوى المدارس من الإقبال، فهؤلاء شكلوا في السنوات المنصرمة نحو 8% من نسبة التلاميذ في لبنان، ولا يتوقع أن يزيد عددهم عن ذلك مع توقف موجات النزوح وبدء العودة.

ويؤكد مصدر تربوي عدم امكانية تحديد رقم رسمي للمسجلين في المدارس الرسمية لهذا العام، لأن التسجيل قد يستمر طويلاً. والمؤسسات التربوية غير قادرة على تقديم الجداول النهائية بالمسجلين لديها إلا بعد بدء العام الميلادي الجديد. لكن، بالعودة إلى أرقام الأعوام الماضية يتضح أنه بدءاً من العام 2011 تزايد عدد التلاميذ في المراحل كلها باستثناء المتوسطة، ويعتقد أن سبب ذلك هو التسرب أو الانتقال إلى التعليم التقني والمهني. ويقدر عدد تلاميذ في ما قبل المرحلة الابتدائية بـ227 ألف، وما يزيد عن 500 ألف في المرحلة الابتدائية التي كانت ترتفع بحدود 11%. أما المرحلة الثانوية فيقدر عدد التلاميذ فيها بنحو 130 ألفاً. ووفق بيانات مركز البحوث والانماء، تستأثر المدارس الرسمية بحصة الثلث.

ومن أجل مواكبة الضغوط على القطاع التعليمي الرسمي، أجرى وزير التربية مروان حمادة سلسلة لقاءات مع المسؤولين التربويين. ويقول مستشاره أنور ضو إن الوزير أبلغ الجميع بأنه "ممنوع يضل تلميذ بلا مدرسة"، ووجوب استقبال المدارس الرسمية جميع التلاميذ المتوجهين إليها. وتسعى الوزارة إلى مساعدة الأهالي عندما تبلغ بعض المدارس قدرتها الاستيعابية. فهي توجههم إلى مدارس ضمن النطاق الجغرافي عينه، وتساعدهم في الحصول على مقعد لابنائهم.

ومن بين الحلول المدروسة لمعالجة كثافة التلاميذ هي مسألة التشعيب، لكن وجود أعداد كبيرة من التلاميذ في الصف الواحد سيؤثر سلباً على الاستيعاب وجدارة التلاميذ. وترفض المصادر وضع عدد محدد للتلاميذ في كل صف، لأنه يتوقف على حجم الصفوف، مع أن المتوسط المقبول هو 30 تلميذاً. لكن المشكلة في المدارس الرسمية هي عدم وجود غرف كافية لفتح شعب جديدة، لذلك ستضطر إلى فتح صفوف مكتظة، أو ارسال التلاميذ إلى مدارس أخرى. ويرى البعض أن التشعيب قد يشكل حلاً لمشكلة المتعاقدين، الذين يضعونه في مقدمة مطالبهم.

ولا تتوقف مشاكل بدء العام الدراسي الجديد على زيادة المقبلين على المدارس الرسمية، ومشكلة المتعاقدين، بل هناك 2170 استاذاً من المتمرنين لدى كلية التربية، الذين أعلنوا الاضراب يوم الاثنين في 24 أيلول 2018، وهم لم يتقاضوا أجورهم منذ شهرين بحجة انتهاء تحصيلهم في الكلية، واجتيازهم امتحان الجدارة ووجوب الانتظار إلى حين انتقالهم إلى جداول وزارة التربية. ويتجه هؤلاء إلى التصعيد من أجل تحصيل حقوقهم بالدرجات الست، وتسريع إصدار مرسوم التعيين النهائي.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024