تحقيق المرفأ: مماطلة قاتلة من القاضي حبيب رزق الله

نادر فوز

الخميس 2021/11/18
لم يعد مفهوماً أو مبرّراً تأخير بتّ الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، القاضي حبيب رزق الله، في الطلب المقدّم أمامه للفصل بين طلب ردّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار (الملف 69) وطلب ردّ القاضي نسيب إيليا (الملف 72). لاختصار المشهد على اللبنانيين، كل التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت متوقف بسبب تأجيل القاضي رزق الله البت بالفصل، والذي إن حصل من شأنه إعادة تحريك التحقيقات، بعد أن قام القاضي حبيب مزهر بكفّ المحقق العدلي من خارج صلاحياته وتكليفه.

الثلاثاء.. لا الخميس
مضى أسبوعان على تقديم طلب الفصل بين الملفين أمام القاضي رزق الله. وعلى ما تقول مصادر مواكبة لهذه الإجراءات في حديث مع "المدن"، يحضر رزق الله إلى مكتبه في قصر العدلي يومي الثلاثاء والخميس من كل أسبوع. وخلال الأسبوعين الماضيين، يحضر أيام الثلاثاء ليقول إنه سيصدر قراره الخميس، ليعود ويحضر الخميس ليؤكد على أنه سيُصدر قراره الثلاثاء الذي يليه. وهكذا يستمرّ تأخير البتّ بالطلب، ويبقى ملف التحقيق في مجزرة 4 آب طيّ الموت السريري الذي فرضه عليه القاضي مزهر بقراره كفّ يد البيطار.

نص الطلب واضح
معنيون في ملف مرفأ بيروت، يشعرون أنّ القاضي رزق الله يماطل في حسم خياراته. الطلب الموجود على مكتب القاضي واضح، ولا يحتاج إلى الكثير من التفكيك. فيه إشارة إلى المخالفة الفاضحة التي ارتكبها مزهر وتجاوز فيها تكليفه بالنظر في طلب ردّ القاضي إيليا. وفيه نقطة أساسية وحيدة وهي الطلب من الرئيس الأول، سنداً إلى المادة 19 من قانون القضاء العدلي، أن يمارس صلاحياته بإعادة الملف 69 إلى هيئته الأصلية، لكون صلاحيته هي الإشراف على حسن سير الأعمال. وفيه إشارة واضحة أيضاً إلى كون قرار مزهر بضمّ الملفين أدى إلى عرقلة الأعمال وعرقلة سير العدالة في محكمة الاستئناف.

المماطلة القاتلة
وخيارات القاضي رزق الله في هذا الإطار محصورة بين الموافقة على الفصل بين الملفين أو رفضه. إلا في حال ارتأى الأخير اللجوء إلى خيار عدم الاختصاص للبتّ في طلبات مماثلة، بهدف إبعاد كأس الخيارات عن نفسه. لكن المماطلة باتت ثابتة اليوم، إذ قام رزق الله بتبليغ القاضي مزهر بالطلب المقدّم، ولو أنّ الأخير ليس طرفاً مستهدفاً من الطلب الذي ليس شكوى ولا دعوى أو طلب ردّ. إلا أنّ تبليغ مزهر والطلب إليه إعداد ملاحظاته بهذا الخصوص، ساهم في تأجيل صدور قرار الفصل من عدمه، وأكسب رزق الله المزيد من الوقت.

تصنيف رزق الله
كل المعنيين في ملف انفجار المرفأ، من قضاة وقانونيين ومحامين وأهالي الضحايا والجرحى والمتضررين، يعرفون جيداً أنّ القرار المفترض أن يصدر عن زرق الله هو المدخل الوحيد لمعالجة قرار مزهر بكف يدّ البيطار وتداعياته على توقيف التحقيق. كما أنّ رزق الله يدرك هذا الأمر بشكل واضح، فبات بالنسبة للمعنيين في مجزرة 4 آب مخيّراً بين أمرين: إما أن يكون من بين القضاة الداعمين للتحقيق وكشف الحقيقة وإحقاق العدالة، أو أن يكون من بين القضاة الذين يعملون على عرقلة سير العدالة وتجميد التحقيق.

الخوف من الحملات
لدى مراجعة المعنيين بالملف القاضي رزق الله، يقول إنه لا يزال يدرس الطلب بهدف إصدار قراره. الأكيد أنّ القاضي متردّد بهذا الخصوص، وتردّده في هذا الإطار لا يساهم إلا في قتل التحقيق. "قد يكون رزق الله خائفاً من حملات سياسية وإعلامية عليه"، يقول أحد أهالي ضحايا المرفأ. فمسار التصعيد السياسي والإعلامي والقانوني على قضاة على علاقة بملف المرفأ، شملت إلى اليوم 8 قضاة، هم رئيس الغرفة رقم 12 من محكمة الاستئناف القاضي نسيب إيليا ومستشارتاه القاضيتان ميريام شمس الدين ‏وروزين الحجيلي، رئيس الغرفة الأولى من محكمة التمييز القاضي ناجي عيد ومستشارته القاضية روزين غنطوس، رئيس الغرفة الخامسة من محكمة التمييز القاضية جانيت حنا ومستشاراها القاضيان نويل كرباج ‏والقاضي جوزيف عجاقة. ‏

في مقلب آخر، وبعيداً عن الحملات على القضاء والقضاة، قد يكون رهان عدد من المدعى عليهم في ملف انفجار مرفأ بيروت، كبيراً على نتائج انتخابات نقابة المحامين في بيروت المقرر إجراؤها يوم الأحد المقبل. بالنسبة لهؤلاء يمكن العمل على لجم حركة النقابة ومحاميها في حال فوز نقيب مقرّب من السلطة أو آخر قابل للتفاوض على الملف. إلا أنه يغيب عن بال هؤلاء أنّ فرق الادعاء المختلفة ستستمرّ في عملها القانوني، دفاعاً عن حقوق من سقطوا في مجزرة 4 آب. بدعم من النقيب مهما كان اسمه ومن دونه، بدعم من مجلس النقابة مهما كان أعضاءه أو من دونه، فريق الدفاع عن حقوق من قُتلوا وجُرحوا وهُدمت حيواتهم ومدينتهم وعاصمتهم مستمرّ في عمله وادعائه إجراءاته.. وبالزخم نفسه.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024