حركة أمل ورئيسها بجريرة حزب الله: برّي يخسر تمايزه؟

منير الربيع

الثلاثاء 2020/09/29
منذ العقوبات التي فرضت على الوزير علي حسن خليل، إلى الموقف الذي أطلقه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بحق حزب الله وحركة أمل.. يُراد إعطاء صورة مغايرة للرئيس نبيه برّي، ولموقعه، ودوره.

نفي التمايز
لطالما كانت الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية وحتى القوى المحلية المتخاصمة مع حزب الله، تلجأ إلى نبيه برّي كبوابة للدخول إلى الحلول والتسويات. استهداف الرجل، يعني استهدافاً لدوره، مع ما يؤشر ذلك إلى المزيد من التصعيد المقبل على الساحة اللبنانية. يراد للرئيس برّي أن يذهب بجريرة حزب الله، وان يوضع في الخانة ذاتها مع الحزب، سياسياً، بملف العقوبات، او بملفات الفساد أو غيرها من التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي، أو يتم تناولها في قرارات فرض العقوبات الأميركية.

إنها المرة الأولى على الصعيد الدولي، التي يتم التعاطي فيها مع نبيه برّي بهذا الشكل. لم يتم فصله عن حزب الله ولا تمييزه. لا، بل يراد أخذ الشيعة كلهم بجريرة بعضهم البعض. وعلى الرغم من ذلك، أو أكثر ما يؤكده هي طريقة تعاطي الرئيس الفرنسي مع موقف الثنائي الشيعي في عملية تشكيل الحكومة، معتبراً انهما الطرفان اللذان يمثلان الشيعة. وهذا يعبر عن نظرة واقعية، تختلف عن النظرة الأميركية التي لطالما تبحث عن شخصيات شيعية مستقلة معارضة لحزب الله وحركة أمل. أغلق إيمانويل ماكرون في تعاطيه، وعلى الرغم من تحميل الحزب والحركة مسؤولية العرقلة، الباب أمام الإشارة إلى وجود شخصيات شيعية أخرى. بمعنى تكريسهما معبراً أساسياً لأي تفاهم.

"الثنائي الوطني"
ما قاله الرئيس الفرنسي كلام كبير، سواء لجهة الاتهامات بالتعطيل أو بالفساد. موقف استدعى ردوداً سريعة من قبل الثنائي الشيعي. إنما الرد الفعلي سيكون على لسان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، الذي سيرد بحزم على هذه الاتهامات، وسيتوجه إلى ماكرون بعدم استخدام المصطلحات الأميركية. لكنه لن يقطع خيط الوصل مع الفرنسيين. في المقابل، ردّت حركة أمل على الكلام الفرنسي عبر مكتبها السياسي، وأول الردود على ماكرون، كان بتغيير الوصف الذي أطلقه على الحركة والحزب بوصفهم الثنائي الشيعي، فأطلقت الحركة إسم "الثنائي الوطني". في تعبير للخروج من مسألة تطييف ومذهبة المطالب السياسية والحكومية.

الردّ على الاتهامات بالفساد كان واضحاً من خلال ما تضمنه البيان: "الحركة كانت السباقة في إعداد ورقة اصلاحات، إنطلاقاً من الوقائع الاقتصادية والمالية والإدارية، وقدمتها في لقاء قصر الصنوبر. ولهذا تبنت ودعمت المبادرة الفرنسية في نصها الواضح، المتضمن خطوات وأفكاراً لقرارات إصلاحية ضرورية لإنقاذ البلد، والتزم الرئيس نبيه بري بتسهيل إقرار القوانين اللازمة لهذه الإجراءات في المجلس النيابي". وفي القراءة السياسية لـ"أمل"، كانت واضحة مسألة عدم تطييف أي وزارة، في اعتبار برّي بطليعة الحريصين على الحفاظ على استقرار لبنان ووحدة أبنائه، وانتظام عمل مؤسساته السياسية والدستورية، والسبّاق إلى إدارة الحوار الداخلي بين مختلف القوى وفي ظروف سياسية معقدة، والداعي إلى قيام الدولة المدنية. ولذلك أطلق إسم "الثنائي الوطني" بدلاً من الثنائي الشيعي.

مواجهة العقوبات
في خضم هذه الردود يبقى تلويح ماكرون بالعقوبات حاضراً أيضاً. إذ رفضت حركة أمل بأي شكل ما جاء من كلام اتهامي معمم على الأطراف كافة لجهة "الاستفادة وقبض الأموال" معتبرةً أنه "كلام يجافي حقيقة ان الحركة في طليعة من ينادي بالمحاسبة والتدقيق، وإقرار القوانين المتعلقة بذلك، وتعتبر هذا الكلام سقطة سياسية لمطلقه لا تساعد على انجاح المبادرة التي نحرص على ان تستمر وتحقق الغايات المطلوبة منها في مساعدة لبنان".

هذه المواقف تتخذها الحركة في إطار الدفاع عن النفس وعن حزب الله أيضاً. وهي ردود استباقية لأي عقوبات جديدة قد يتم فرضها، وسط كلام كثير عن أنها قد تطال أشخاص من عائلة برّي. لكن الأخير يؤكد دوماً بأنه لن ينهي حياته بالخضوع إلى الابتزاز. بينما يظهر الكلام الفرنسي الكبير في هذا الشأن، وكأنه يهدف إلى تغيير موقف سياسي لدى حزب الله وحركة أمل. ولذلك دعا ماكرون بعض المسؤولين السياسيين أن لا يكونوا رهائن لدى حزب الله. وهو يقصد برّي ورئيس الجمهورية ميشال عون بشكل خاص.

أهم ما رفضه الثنائي الشيعي في المبادرة الفرنسية وعملية تشكيل الحكومة، ما يعتبرانه قفزاً فوق نتائج الانتخابات، والذهاب إلى تكريس عرف باختيار وزراء الطائفة الشيعية من خارج إرادة الحزب والحركة. وهو أمر لا يمكن لهما التنازل عنه. ولو كانت المعركة التي يخوضانها ستؤدي إلى مزيد من العقوبات، أو تظهر أنهما يقاتلان في سبيل موقع وزاري. بينما يستعدان للتفاوض بشأن ملفات أخرى، أهمها ترسيم الحدود.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024