14 شباط 2015: ضرورات الإعتدال

محمد شبارو

السبت 2015/02/14

ليست الذكرى العاشرة لإغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري كسابقاتها. لأول مرة تحل الذكرى، والإرهاب المتفشي في المنطقة، يحتل أولوية الشاشات والتصريحات والخطب، في العالم، من الولايات المتحدة، إلى أوروبا، وصولاً الى العالم العربي والإسلامي.

ثمة، بين مشهد الدماء المعمم، ضرورة لمحاربة التطرف بالإعتدال. هذه القاعدة كان روج لها المحور العربي الذي كان يصبغ بهذه الصفة. خلال المفاوضات النووية والتقارب الأميركي – الإيراني، والخشية، من تسليم مفاتيح المنطقة لإيران، خرج زعماء المنطقة، لرفع هذا الشعار. لاحقاً تبنت هذه المعادلة حتى الولايات المتحدة، ودخلت مع الدول العربية في حلف لمحاربة "داعش" مستثنية إيران.

في لبنان، بدت الصورة أوضح. حتى "حزب الله"، أدرك صوابية هذه المعادلة. فعلياً حقق الحوار بينه وبين تيار "المستقبل" أكثر من إنتصار في وجه الإرهاب، بقاعاً، وشمالاً، وفي سجن رومية. معادلة رابحة، عربياً، وإسلامياً، وحتى لبنانياً.

بناء على كل هذا، تكتسب ذكرى رفيق الحريري، هذا العام بعداً جديدا. وصول الرئيس سعد الحريري للمشاركة في الذكرى التي غاب عنها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، يدل على أهمية المناسبة، وارتباطها بما يحصل في المنطقة. حتى شكل المناسبة سيكون مغايراً، من الحضور الذي سيفوق الأعوام الماضية، إلى المشاركين الذين سيكون من بينهم، ممثلون عن حركة "أمل" و"التيار الوطني الحر"، الذي تؤكد مصادر "المدن" أنه سيكون ممثلا بوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.

"رفيق الحريري ضرورة في هذه الأيام" تقول مصادر مطلعة في "8 آذار" لـ"المدن"، وتلفت إلى أن "الإعتدال الذي كان يمثله الحريري، هو النموذج الذي يجب أن يعمم، وصورة رفيق الحريري، ومبادءه وثوابته، من التمسك بالمؤسسات، وخصوصاً الجيش اللبناني، الى العيش المشترك، والمناصفة، والدولة، كلها شعارات نحن اليوم بأمس الحاجة اليها"، كاشفة أن قوى "8 آذار" تتعاطى مع هذه المناسبة بوصفها مناسبة وطنية جامعة، ولهذا الغاية قد يشارك البعض في إحتفال "البيال"، إضافة الى عرض قناة الـ"NBN" مع باقي المحطات بالأمس وثائقي "زمن رفيق الحريري".

 تشير مصادر مطلعة في "المستقبل" لـ"المدن"، إلى إن عنوان "الإعتدال" يصلح ليطلق على هذه المناسبة لهذا العام، وتلفت إلى أنه ومن ضمنه الحوار مع "حزب الله"، هو أصلاً أولوية لدى تيار "المستقبل"، وهو ما برز في خطوات عملية إن كان على الصعيد الأمني، بعد جلسات الحوار، أو على صعيد المواقف الحازمة، والتي كان آخرها، استقالة النائب خالد الضاهر من كتلة "المستقبل". وتؤكد أن هذه السياسة تأتي، أولاً لحماية الطائفة السنية، وليس لتغطية "حزب الله" أو قتاله في سوريا، أو أي من الملفات الشائكة والمختلف عليها، خصوصاً أن النار دخلت إلى "عقر دارنا، في عرسال، وصيدا، وطرابلس".

قبل أيام من حلول الذكرى العاشرة، بدت أنها هذا العام ذكرى للوحدة، على عكس السنوات الماضية، التي كان يسبق حلولها، الكثير من السجالات والتراشق، والتي تصل الى حد الدخول في المحرمات، والهتك حتى بالموتى. هذا العام ضرورة الإعتدال، وضرورة رفيق الحريري، أولوية لـ"المستقبل" و"حزب الله"، ومختلف قوى "8 آذار"، وقوى "14 آذار" على حد سواء. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024