فصل من الهذر الباسيلي في أميركا

المدن - سياسة

الأحد 2019/09/29
يستكمل جبران باسيل ووفده التجوال على حساب الخزينة الخاوية. يسافر من ولاية إلى ولاية في أميركا الشمالية، تجنيداً وتعبئة للمغتربين، حاملاً خطابته المهذارة لاستمالة مغتربين إلى "لبنانوية باسيلية": "من مسؤوليتكم أن تبذلوا جهداً لتستعيدوا جنسيتكم، (لتصيروا باسيليين)، وقد وضعنا لكم القوانين التي تسهل عليكم استعادة هوية وطنكم الأم التي تمنحكم الحق في المشاركة بالانتخابات النيابية". كأن المغتربين من أصل لبناني لا ينقصهم في أميركا سوى المشاركة في الانتخابات اللبنانية التي تعيدهم إلى القرون الوسطى!

وما بين استعادة الجنسية والمشاركة في الانتخابات، تتوضح مهمة وزير الخارجية: البحث عن ديموغرافيا سياسية مناسبة للتيار العوني الباسلي.

خاطب باسيل من لبى دعوته في مدينة أوستن (ولاية تكساس): "لبنان يحتاجكم ليس للحصول على أموالكم، بل لتعيدوا الارتباط به وتحملوا قضيته في العالم وتعيشوا لبنانيتكم، وتشاركوا في تطوير اقتصاده واستهلاك منتوجاته". وكان على باسيل أن يتابع قائلاً: لبنان، أيها المغتربون، غني مشبع بوفرة مالية واقتصادية عارمة، ولا تصدقوا الاحتجاجات اليوم في شوارع بيروت على الأزمة المعيشة، فهي شائعات مغرضة. أما كيف يعيش مغتربو تكساس لبنانيتهم ويستهلكوا منتجات لبنان فواضح وضوح الشمس: استيراد اللبنة التبولة والكبة من لبنان إلى تكساس، حيث تجعلها كلفة نقلها غير قابلة للبيع. وادعى باسيل أن من سبقه اكتفى بشعار لبنان بجناحيه المقيم والمغترب، والذي لم يتعد الجانب العاطفي. أما هو فاجترح "مسار آخر لترجمة هذا القول من خلال التواصل مع اللبنانيين المنتشرين، وفي طليعتهم أولئك الذين حققوا النجاح، ثم انطلقنا في البحث عن كل واحد منكم في كل أنحاء العالم. من دونكم نخسر وطننا. لأننا لن نستطيع حمايته من دونكم، فأنتم الأصل". يطلب باسيل من المهاجرين الفارين من لبنان الحروب، العودة إليه، فيما هو ينهار، ولا تفكر أجياله الجديدة إلا في كيفية الفرار منه.

ويتابع وزير الخارجية هذره: "لا نريد أن يصبح لبنان أرضاً بلا شعب، أو شعباً بلا أرض". إذاً، ثمة ملحمة توراتية هنا. ملحمة مصير يقررها ذوي الأصول اللبنانية، عبر إعادة انتمائهم إلى وطنهم الأم وإلى "الرسالة التي يمثلها لبنان بتنوعه الطائفي والمذهبي والثقافي والسياسي. إنه أنموذج يمكن للعالم أن يقتدي به". كلام يضمر معنى آخر، يظهر في خطبته نفسها: "العالم في حال صراع حضاري وثقافي، فإذا استمر قد يؤدي إلى ما يشبه الحرب العالمية". وبالطبع، سيكون لبنان الباسيلي في هذا "الصراع الحضاري" إلى جانب حلفائه: حزب الله، سوريا الأسد، إيران خامنئي، والسيد بوتين.. وربما أيضاً إلى جانب كوريا الشمالية (لما لا؟). أما الأعداء المباشرين فهم هؤلاء: "نواجه الصعوبات والضغوط، التي تأتينا من حولنا، نستقبل النازحين واللاجئين بمئات الألوف".

هذا الهذر الباسيلي السعيد، ليس سوى صنيعة متطفل على السياسة، ومتسلق سريع إلى السلطة في بلد يتهاوى، فيما يتراءى لوزير خارجيته أن الدنيا لا تتسع لطموحه الهذياني.  

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024