القاضي البيطار وجريمة المرفأ: قرارات إخلاء ولغم الوزراء والنواب

نادر فوز

الجمعة 2021/04/02
أنهى المحقّق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، استجواب كل الموقوفين في الملف والبالغ عددهم 25. فاستكمل تحقيقاته هذا الأسبوع، على أن يصدر عنه قرارات بإخلاء سبيل عدد منهم خلال أيام، حسب ما تقول مصادر قانونية لـ"المدن". وحسب هذه المصادر أيضاً، فإنّه من المتوقع أن تشمل قرارات إخلاء السبيل بين 13 و14 موقوفاً، وتضيف أنّ عدداً منهم "يستنفد قريباً فترة العقوبة التي يمكن أن يحكم بها في جرم التقصير والإهمال الوظيفي". مع العلم أنّ الادعاء على جميع هؤلاء واحد، يبدأ بالإهمال والتقصير وينتهي بالتسبب بالتفجير وقتل الناس وتدمير العاصمة بيروت. وتشير مصادر مواكبة للملف أنّ "القاضي البيطار كوّن نظرة جديدة ومختلفة عن تلك التي كانت موجودة ومكرّسة بفعل التحقيقات التي أجراها المحقق العدلي السابق فادي صوّان".

نقطة الصفر
قام البيطار، بعد ساعات الاستجواب الطويلة التي أمضاها خلال الأسبوعين الماضيين، بإعادة الملف إلى نقطة الصفر "لكن بمنحى إيجابي، إذ تمكّن من استخلاص إفادات وزوايا جديدة من الموقوفين لم يسبق أن تقدّموا بها أمام صوّان". وقد يكون الملف قد تطوّر من مرحلة دفاع عدد من المتّهمين عن أنفسهم من جرم التقصير والمسؤولية عن شحنة النيترات التي فجّرت العاصمة، إلى مرحلة الإشارة والدلالة على مسؤولية زملاء لهم. والعودة إلى نقطة الصفر، وفق هذا المنحى، ليست بالأمر السلبي إطلاقاً.

قراءة إخلاءات السبيل
لا يتردّد عدد من أهالي ضحايا جريمة 4 آب بالتأكيد على أنه "لا يعنينا إخلاء سبيل البعض، فالمطلوب تنفيذ العدالة ولا نريد كبش فداء"، في إشارة إلى صغار الموظفين في المرفأ. وقرارات إخلاء السبيل إن صدرت الأسبوع المقبل أو بعده ستفتح المجال أمام انتقاد القاضي البيطار على المستوى الشعبي. وبما لا لبس فيه، سيتمّ التعامل معها، شعبياً، كل على حدة إن شملت موظفاً صغيراً أو مديراً في المرفأ أو ضالعاً في شحنة النيترات وتخزينها. وتقول مصادر قانونية لـ"المدن" إنّ "القاضي البيطار يدرك كل هذا، لكنه لن يتردّد في إصدار أي قرار يراه مناسباً".

الادعاء على الوزراء
لغم إضافي يقف أمامه القاضي البيطار، ويتمثّل بكل من الوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس. فالادعاء الصادر على هؤلاء من قبل القاضي فادي صوّان لا يزال قائماً، إلا أنّه في حال تقدّم الوكلاء عنهم بالدفوع الشكلية لإسقاط الادعاء، سيكون المحقق العدلي في مأزق فعلي. فحصانة خليل وزعيتر النيابية قائماً تحديداً في ظل انعقاد الدورة النيابية بفعل استقالة الحكومة، وحصانة فنيانوس بعضوية نقابة المحامين قائمة أيضاً، على اعتبار أنّ صوّان لم يستحصل على اذن من النقابة قبل الادعاء عليه. في حالة الأخير، يسهل إسقاط الادعاء وإبراز آخر بعد الحصول على الإذن النقابي، خصوصاً أنّ عضوية أي وزير في نقابة المحامين تسقط فور تسلّمه منصبه الوزاري بفعل النظام الداخلي. لكن تبقى معضلة النائبين قائمة، وكذلك الشقان السياسي والطائفي-المذهبي في الادعاء على رئيس الحكومة المستقيلة حسّان دياب.

ومع كل ما يشار إليه، من الأجواء القضائية والحقوقية، عن مدى حرفية القاضي البيطار في تعامله مع جريمة 4 آب، لا تزال التساؤلات قائمة حول عدم الاستماع إلى قيادة الجيش في الملف. أو حتى رؤساء ووزراء حاليين وسابقين. فبدل اللغم الواحد، أمام البيطار حقل واسع من الألغام، يتضاعف حجمها مع الزاوية الأهم في الملف والمتعلّقة بصفقة النيترات والتحقيق في الجهات المتورّطة بها، وتلك التي أفرغتها في بيروت والثالثة المستفيدة منها. من يعرفون القاضي البيطار يقولون إنه "لن يكتفي بأن يكون فزّاعةً في حقل الألغام". سيخطو، لكن خطوات غير محدّدة التوجّه بعد، ولو أنه إلى الآن يسير في السليم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024