الثنائي الشيعي يستنفر لـ"تأمين" الخط الساحلي.. وقصر عين التينة

المدن - لبنان

الخميس 2019/10/31

أعلنت "هيئة نصرة الجنوب" أنها "باشرت الإجراءات العملانية، الرامية إلى حماية الطرق المؤدية إلى الجنوب ومحاسبة قطاع الطرق وفارضي الخوات".

"كرامة أهلنا وسلامتهم"
هذه الجملة جزء من بيان باسم هذه الجهة غير المعروفة من قبل، نشرت قرابة التاسعة من مساء الثلاثاء على صفحة فايسبوكية، تحمل اسم أبو جمال الأمين، وعلى خلفيتها صورة لأحد قادة حركة أمل داوود داوود مذيلة بعلم حركة امل، والذي اغتيل في أواخر الثمانينات في منطقة الأوزاعي. وهو والد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد داوود.

ويتابع البيان الذي كتب بلغة احترافية: "مرة جديدة يقوم قطاع الطرق وشذاذ الآفاق بأخذ أهلنا كرهائن على أوتوستراد الجنوب (إشارة إلى قطع الطريق الساحلي في منطقة الجية – برجا)، حيث عشرات الآلاف من السيارات بركابها يواجهون خطر التعرض للأذى الجسدي مع أطفالهم. ولصون كرامة وسلامة أهلنا، نعلن باسم هيئة نصرة الجنوب وأهله، أن هذه الجريمة لن نسمح باستمرارها وتماديها وتكرارها. كما تؤكد أن ردها على حصار الجنوب وأخذ أهله رهائن سيكون قريباً، وبخطوات ستذهل قطاع الطرق وكل من يتخاذل عن تأمين سلامة أهلنا".

يأتي هذا البيان بالتزامن مع احتقان كبير في البيئة الشيعية، بعد إشاعة الكثير من "الأخبار" عن تعرض رموز "الثنائي" الشيعي (أمل وحزب الله) لسيل من الشتائم والسباب "في عقر دارهم"، فكان رد الفعل الأول بغزوات لأنصار الفريقين على ساحات رياض الصلح والشهداء وجسر الرينغ، وقبلهما في صور والنبطية.

البيان هذا لم يأت من فراغ أو للتهويل والتخويف فقط، وإنما ينطوي (حسب أنصار أمل وحزب الله وجمهورهما الكبير) على واقع لا مفر منه عند احتدام الأمور و"خنق" أبناء الجنوب ومواصلاتهم من الجنوب إلى بيروت وسائر المناطق اللبنانية. وهذا "التحذير" من قبل الثنائي الشيعي، وتحديداً حزب الله، الذي يعتبر أن الخط الساحلي الذي يتهدده القطع عند أي إشكال سياسي في البلد، من المنطقة الممتدة من خلدة وحتى صيدا، مروراً بالسعديات والناعمة والجية وبرجا (المحسوبة على تيار المستقبل والجماعات الإسلامية السنّية) هو "خط أحمر" لا يمكن السكوت عن أي محاولة لقطعه، مذكرين بمحاولات التضييق التي مارسها أحمد الأسير قبل سنوات، والتي كان لحزب الله اليد الطولى في التخلص من حركته، التي كانت تحمل طابعاً مذهبياً.

الاستراتيجية السكنية  
كل السيناريوهات والخطط والبروفات موجودة، لمنع إقفال هذا الخط الحيوي و"الاستراتيجي"، الذي يُعد الممر الوحيد لأبناء الجنوب في التنقل وفي تأمين الدورة الاقتصادية، وله أهمية عسكرية قصوى. وهذا ما يتداوله بشكل واضح أنصار الطرفين، وبالتحديد حزب الله، الذي عمل على مدى سنوات طويلة على تأمين حضور "سكني" شيعي كبير على طول الطريق، وعلى المرتفعات المطلة على الأوتوستراد، ضمن استراتيجية شاملة لتأمين دائم للخط الساحلي. وهو يمتلك، إلى جانب حليفته حركة أمل التي تحظى بحضور لافت في منطقة خلدة، جميع القدرات في تلك المناطق التي تخوله حماية الطريق مهما كانت التعقيدات.

ويقول مصدر مقرب من الحزب: "لا نحبذ الوصول إلى هذه المرحلة. لكن كل ما يهمنا هو إيصال رسالة فقط. ونحن نعتبر أن أبناء هذه المناطق هم جزء من مكونات هذا البلد، ومن بينهم الكثير من مؤيدي وداعمي المقاومة ونحترمهم ونجلهم".

تداعيات إقفال هذا الطريق في منطقة برجا فجّرت إشكالاً بين مجموعة من المحتجين وفريقين صحافيين من المنار والـnbn  التابعين لحزب الله وحركة أمل، أخذ طابعاً سياسياً في ظل إعادة خلط الأوراق سياسياً ومحاولات ركوب "الانتفاضة"، بعد استقالة الرئيس سعد الحريري، التي اعتبرها جمهوره استفراداً به، فيما بقي الآخرون في مناصبهم، في إشارة إلى الرئيسين عون وبري.

مقر عين التينة
في السياق، وبعد سيل من التحذيرات عبر صفحات الفيسبوك، نشرها ناشطون من حركة أمل، موجّهة ضد متظاهرين يعتزمون الاعتصام والتظاهر عصر السبت أمام قصر عين التينة، مقر الرئاسة الثانية، صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس نبيه بري، بياناً جاء فيه: "تتداول وسائل التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر والتواجد والانتشار حول مقر الرئاسة الثانية في عين التينة نهار السبت في الثاني من تشرين عند الساعة الرابعة عصراً. يهم المكتب الإعلامي للرئيس بري أن يؤكد أن هذه الدعوة المدسوسة يُراد منها الفتنة وإغراق البلاد بمزيد من الفوضى. ويدعو جميع الأخوة الحركيين وأنصار الحركة ومحبي ومؤيدي دولة الرئيس بري، البقاء في قراهم ومنازلهم وأعمالهم درءاً للفتنة ووأدها، وتفويت الفرصة على الساعين لزعزعة استقرار لبنان".

هذا المناخ المتوتر والمشحون، هو بالضبط ما تريده أطراف كثيرة في السلطة للانقضاض على الانتفاضة الشعبية وتمزيق صورتها الجامعة لكل الطوائف.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024