الحكومة المستعصية: تسريبات الحريري وردّ حزب الله

المدن - لبنان

الإثنين 2020/11/23
في فترة الجمود القاتل التي يعيشها لبنان، وهي فترة ستستمر -على ما يبدو- خلال الشهرين المتبقيين من عهد دونالد ترامب في البيت الأبيض، تتجدد حرب التسريبات الإعلامية لتعبئة الفراغ الحكومي.

الاجتماع الأخير
إنها حرب الضغوط المتبادلة، بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. عملياً، لم يحصل أي تقدّم يذكر في مسار تشكيل الحكومة. التعقيد لا يزال يتحكم بالمسار الحكومي، فيما عملت بالأمس أوساط الحريري على تسريب كلام له، مفاده أنه لم يقدم أي التزام للثنائي الشيعي. وأن الثنائي ليس هو من سيسمي الوزراء الشيعة في الحكومة، ولا حتى وزير المال. الهدف من هذا التسريب هو الضغط على رئيس الجمهورية، الذي يطالب باعتماد وحدة المعايير، أي أن يوافق الحريري على شروط عون كما وافق على شروط حزب الله وحركة أمل.

لعبة الحريري في التسريب تهدف إلى إحراج عون، وتظهيره بأنه هو الذي يعرقل عملية تشكيل الحكومة، فيما الحريري تمكن من انتزاع أكبر التنازلات من حزب الله. المشكلة الحقيقية لا تزال عالقة عند الاجتماع الأخير بين الرئيسين. في ذلك الاجتماع، قال الحريري لعون إن حكومة الـ18 فيها 9 وزراء مسيحيين، وزيران للأرمن ولتيار المردة، ويبقى 7 وزراء، بإمكان رئيس الجمهورية اختيار اسمين منهم، فيما الأسماء الخمسة الأخرى يختارها الحريري. وهذا الأمر أغضب عون إلى حدّ بعيد. فتوجه إلى الحريري بالقول إن هذا المعيار غير منطقي ولا يمكن أن يمرّ، وهو لن يوافق على هذه الصيغة.

رد حزب الله
يستند عون على دعم حزب الله له. فبعد الكلام الذي سُرّب عن الحريري، عمل الحزب على نفي كل هذه الأجواء، من خلال تصريح النائب حسن فضل الله الذي اعتبر أن واشنطن تضع شروطاً تمنع حزب الله من المشاركة في الحكومة، والحزب سيعمل على كسر هذه الشروط الأميركية. كان هذا أول الردود على تسريبات الحريري القائلة أنه سيسمي الوزراء الشيعة، والذين لا ينتسبون أو يمتّون بأي صلة إلى الثنائي الشيعي. والرد الثاني جاء من مصادر قريبة من حزب الله لـ"المدن": "نحن لم نوافق مع الحريري على تسميته للوزراء المسيحيين، فكيف سنوافق على تسمية الوزراء الشيعة؟". وتشير المصادر نفسها إلى أن الحريري يلجأ إلى استخدام هذه اللعبة لإحراج عون. لكنه سيحرج نفسه في النهاية، عندما يقتنع بتقديم تنازلات لتشكيل حكومته.

التقدم في الانهيار
قراءة حزب الله لموقف الحريري تنطلق من أنه قبض على ورقة التكليف، ولا أحد سينتزعها منه. كما أنه يعتبر نفسه مدعوماً أميركياً. وهو مدعوم من المبادرة الفرنسية. أما عون فهو في حالة ضعف. وبالتالي، يظن الحريري أنه سيتمكن من تمرير ما يريده. لكن هذه النظرة خاطئة وفق ما يعتبر الحزب. والدليل، أن الحكومة لم تتشكل ولن تتشكل، إذا استمر الرئيس المكلف بالتعاطي وفق هذا المنطق.

لا أحد يتوقع حصول معجزة تؤدي إلى تغيير المعايير التي فرضت. لذلك، تشير التوقعات أن الأزمة ستطول إلى ما بعد خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض. ومن الآن إلى ذلك الوقت، سيكون لبنان في حلقة مفرغة، خالية من أي تحرك جدّي يحرز تقدّماً، إلا "تقدّمه" في مسار الانهيار.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024