حزب الله يراعي مصالح فرنسا في لبنان ويحفظ سيطرته

منير الربيع

الأربعاء 2020/09/09
ثوابت ثلاثة لم يتخلّ عنها حزب الله بعد قبوله وتلقفه للمبادرة الفرنسية: مشاركته في الحكومة بوزراء اختصاصيين. استمراره في الحصول على الثلث المعطل، لأنه مسألة استراتيجية. وعدم مناقشة ملف السلاح ودوره.

حزب الأمن والسياسة
ستولد الحكومة مراعية شروط الحزب ومطالبه هذه، مع تأجيل النقاش في الملفات الاستراتيجية حول السلاح والمعابر والحدود وغيرها. ذلك لأنها ترتبط بإيران مباشرة، ومؤجل بحثها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

في المسائل الأخرى تلقف الحزب المبادرة الفرنسية، ويتصرف معها بأهمية استثنائية في ظل هذا الظرف الذي يمرّ به لبنان. فلم يعد سواها يشكل مخرجاً لتخفيف حدّة الضغوط وعملية اختناق البلد المستمر.

يعرف حزب الله كيف يستثمر في الوقت في انتظار التطورات. ولديه الخبرة في العمل على أكثر من جبهة. يعلن أنه أبرز الداعمين للإصلاح. وفي الحفاظ على الاستقرار، يبدي حرصه الكامل عليه. وينقل المعارك إلى أماكن أخرى تعيد إليه الاعتبار وتبديه حريصاً على الاستقرار. وهذا ما حمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الإشارة والإشادة بحزب الله في هذا المجال. وسكت الحزب إياه على حادثة خلدة، وما تلاها. لكن المعركة انتقلت إلى مكان آخر: الإشكالات السنية - السنية في الطريق الجديدة مثلاً، والتخوف من عمليات إرهابية، ومن حصول توترات في المخيمات الفلسطينية.

هذه الحوادث كلها في صالح حزب الله، الذي يظهر نفسه في دور العامل على التهدئة والحريص على الاستقرار والاستثمار في المبادرة الفرنسية، لتحقيق نجاحات تقنية في عدد من الأمور، وإن لم تكن سياسية تؤدي إلى حلول للأزمة القائمة. في الخلاصة، تتشكل الحكومة من وزراء ترضى عنهم فرنسا ويلبون مصالحها في مجالات متعددة، بينما تكون اللعبة قد عادت إلى سابقها، أو إلى ما قبل تفجير مرفأ بيروت في 4 آب. فيما يحتفظ الحزب بالثلث المعطل، وبكلمة مقاومة في البيان الوزاري، ويعود لبنان إلى انتظار المفاوضات الإيرانية - الأميركية.

الحدود - المعابر المؤجلة
وهدف حزب الله هو إنجاح المبادرة الفرنسية شكلياً من دون مضمونها. هو يعلم أن باريس حريصة على مصالحها في لبنان وفي البحر المتوسط، ولن تتمكن من تحقيق ذلك والاحتفاظ بموطئ قدم جدية في لبنان من دون موافقته أو تقاطع المصالح بينهما. وهذا ما سيمنحها إياه، مقابل أن يبقى هو على مشروعه من دون تغيير. لقاء تمريره بعض المطالب الفرنسية: إصلاح الكهرباء مثلاً وغيرها من القطاعات، من دون الاقتراب من الحدود والمعابر، التي يعمل الحزب على التسويف حولها، أو استخدام هامش المناورة الواسع لديه في هذا المجال: إغلاق معبر معين والاحتفاظ بآخر أو فتح معبر جديد.

ستكون لعبة خاضعة لعض الأصابع وتقاطع المصالح، إلى أن يحل موعد التفاوض الجدي بين إيران وأميركا، والذي يفترض أن يبدأ من ملف ترسيم الحدود. فديفيد شينكر أعلن استعداده للعودة إلى لبنان عندما يتوفر جواب لبناني واضح للمضي في التوافق على عملية الترسيم.

وفي انتظار تلك اللحظة، يحافظ الحزب على مبدأ التسوية، مستفيداً من إعادة تشكيل حكومة تضم القوى المختلفة، ويكون الداعم لها، بينما ستكون المعارك قد انتقلت إلى ساحات أخرى، إما إلى الصعيد الشعبي والمناطقي أو على الحصص والملفات. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024