معامل الكهرباء بين برّي و"العهد": توتر عالٍ

المدن - لبنان

الجمعة 2019/10/04

يوم الخميس زارت وزيرة الطاقة ندى البستاني الرئيس نبيه برّي. من الواضح أن إدارة ملف الكهرباء والنفط ليست على ما يرام. ثمة سجال حولها وعنها. رئيس مجلس النواب الذي يعتمد سياسة "تصفير" المشاكل، لا يبدو أنه قادر بعد على كتم تململه وقلقه.

من يُواكب خط سير رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في العقدين الأخيرين وخلال الأزمات المتتالية التي مرت بلبنان، وتحديداً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ينتبه أن الرئيس برّي يبرع في "إعادة التموضع" وفي ابتكار المخارج اللائقة للمآزق.

"التغويز"
في الآونة الأخيرة، أدار ورعى حوارات  داخلية لإنهاء التوتر وفض النزاعات، لا سيما بين حزب الله وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي. ورغم ميله إلى صون روح التسوية في كل شؤون البلد، إلا أنه لم يتردد في التعبير عن استيائه واعتراضه عندما تحدث عن تلكؤ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في لقاء بعبدا الاقتصادي. وهو يُكرر يومياً المطالبة بالبدء بتنفيذ البنود الـ22، التي تم التوافق عليها في هذا اللقاء من أصل 49 بنداً، متسائلاً على ماذا الاختلاف، ولماذا معاودة البحث من جديد في الإصلاحات الاقتصادية؟

من القضايا الملحّة برأي بري هو قطاعيّ الكهرباء والنفط والغاز، والذي ناقش مسارهما ومسار خطة الوزارة حيال هذين القطاعين خلال استقباله في عين التينة وزيرة الطاقة ندى بستاني يوم الخميس. وقد غادرت من دون الإدلاء بأي تصريح.

ينطلق برّي دائماً من ثابتة أن الجميع اتفق على أن مشكلة الكهرباء تُشكل ثلث الدين العام. لذا، يبدي استغرابه - بصوت مسموع - التأخير في تفعيل عمل الهيئة الناظمة لقطاع النفط، المعطلة بسبب الخلاف على الصلاحيات. عدا هذا الأمر الحيوي، يلاحق برّي خطة "التغويز" (حسب اجتراحه اللغوي) أي التذكير بالمناقصة التي تمت لتلزيم تحويل معامل إنتاج الكهرباء من الفيول إلى الغاز، والتي رست على شركتي "توتال" و"قطر بتروليوم"، وفقاً لدفتر الشروط. وحتى الآن، لم يتم التلزيم. ما يسجل عائقاً أمام حل واحدة من أهم مشكلات قطاعي الكهرباء والنفط والغاز، وعائقاً في مجمل تطور الوضع الاقتصادي.

سماسرة الفيول
في هذا الملف تقول مصادر "المدن" إن تأجيل تلزيم معمل ديرعمارالثاني غير مبرر حتى الآن، وأن بري لديه "شكوك" ومخاوف من التأخير في معالجة ملف الكهرباء، خصوصاً أنه طرح شراء الفيول من دولة إلى دولة سابقاً ولم يلقَ تجاوباً.

وتؤكد المصادر المقربة من عين التينة أن سماسرة الفيول لديهم شركاء في السلطة، وأن أي تأخير في هذا الملف مشبوه ومقصود. وبالتالي، بات السؤال مشروعاً عن المستفيد من البقاء على الفيول.

وتضيف مصادر "المدن"، إن الانتقال إلى الغاز يضمن الكثير من المكاسب البيئية ويقلل من أضرار التلوث والأمراض، كما يوفر ما بين 400 إلى 500 مليون دولار سنوياً.

وعلمت "المدن" أن معمل ديرعمار كان يعمل في الأساس على الغاز الطبيعي، ولا يعلم أحد لماذا وكيف تحول إلى العمل على الفيول، الذي يُسبب الكثير من الأضرار البيئية ويفاقم من التلوث ويضاعف من الإصابة بالأمراض السرطانية وما تجلبه من كلفة صحية وعلاجية باهظة، إضافة إلى أن الكلفة المالية للفيول تفوق كلفة الغاز. أي المزيد من هدر أموال خزينة الدولة.

البطاقة الصفراء
كانت الحجة بعدم العودة إلى تشغيل المعمل على الغاز أنه يكلف الدولة مبالغ كبيرة. لكن العكس هو الصحيح. وقد علمت "المدن" أن المعمل عمل لمدة سنة على الغاز الذي كان يؤمن من سوريا، ثم تم إيقافه بحجة أن البواخر المنتجة للكهرباء كانت قد وصلت إلى عرض البحر وهي تنتظر للدخول في الخدمة.

وتقول المعلومات المتوافرة حول هذا الملف، أن وزيراً شمالياً سابقاً كان قد أبلغ بهذه المعطيات منذ سنوات عديدة، وأكد إمكانية إعادة تشغيل المعمل على الغاز بما يوفر مئات ملايين الدولارات على الخزينة ويؤمن الكهرباء لمدينة طرابلس ومحيطها على مدار 24 ساعة. وقد حاول هذا الوزير إثارة الموضوع مع المعنيين، لكنه لم يُفلح. وكان هذا الأمر، إضافة إلى أسباب سياسية أخرى، من الدوافع التي شجعته على الاستقالة من منصبه الوزاري.

في الخلاصة، وإذا استخدمنا لغة كرة القدم، أشهر "الحكَم" نبيه بري البطاقة الصفراء بوجه "العهد" .. وإذا أضفنا إلى ذلك تحذيراته في الكثير من القضايا الأخرى، الاقتصادية والسياسية، يمكننا التخمين أنه قد لا يتردد بإشهار البطاقة الحمراء إن استمر الحال على ما هو عليه.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024