"حزب الله": لم يحن أوان مصالحة الشارع السني

صبحي أمهز

الجمعة 2015/02/13

غداً السبت تحل ذكرى إغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري. منذ العام 2005، ومظاهرة "شكراً سوريا"، بدأ التباعد بين "حزب الله" والشارع السني، أو على الأقل أغلبية هذا الشارع، الذي كان في فترة ما، وتحديداً قبل العام 2005، يعتبر "حزب الله" حزباً مقاوماً، له حضور كبير في معظم المناطق ذات الأكثرية السنية.

كسرت الجرة، بعد الإغتيال. على مدار الأعوام العشرة المنصرمة، لم يفلح "حزب الله" في مخاطبة الشارع السني، أو ربما لم يحاول. تراكمت الأحداث من محاصرة السراي إلى 7 أيار وصولاً الى المشاركة في القتال في سوريا الى جانب نظام بشار الأسد، قبل أن يقرر التحاور مع تيار "المستقبل"، لمخاطبة الشارع السني عبره، وتهدئته بالوكالة.

ثمة أكثر من علامة إستفهام ترسم بشأن قدرة "المستقبل" فعلياً على ضبط الشارع. قد يكون "المستقبل" بما يمثل قادراً على محاربة التطرف، على لجمه، وعلى تكريس نهج الإعتدال، لكنه بالطبع، لا يمكنه ردم الهوة بين الشارع و"حزب الله"، ولا يريد أن يلعب هذا الدور.

من جهته، لا يزال "حزب الله" يهرب الى الأمام. مصدر سياسي رفيع في الحزب يعتبر وفق ما يقول لـ"المدن" ان الشارع السني لا يقتصر على "المستقبل" تماما كما لا يقتصر تمثيل الشارع الشيعي على الثنائي "حزب الله" وحركة "أمل"، يهرب أكثر لنفي التوتر بين الشارع السني والحزب بإعطاء التشنج المذهبي الموجود في البلاد بعداً سياسياً. ويقول: "هناك قوى كثيرة وكبيرة في الشارع السني مؤيدة لخيار المقاومة وبالتالي لحزب الله، والخلاف مع المستقبل سياسي وليس مذهبياً".

عدم اعتراف الحزب وفق مصادره بوجود تباعد واضح بين الشارع السني والحزب منذ العام 2005، ينقلب عن سؤال المصادر عن إمكانية إحتفال الحزب مجددا في ذكرى 25 أيار في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس كما حصل عام 2000؟. هنا تعود المصادر الى واقعيتها وتجيب: "كلا طبعاً"، قبل أن تسترسل ، شارحة أن "الإحتقان لا يزال موجودا في الشارعين وما يجري من حوار ليس سوى حوار بين نخب بعيد كل البعد عن مخاطبة الشارع الملتهب مذهبيا، إذ ان الخطوات العملية على المستوى الشعبي لم تسلك طريقها إلى النور بعد".

المستوى الميداني في "حزب الله" لا يختلف عن المستوى السياسي. تؤكد مصادر ميدانية في الحزب لـ"المدن" أن  "لا لجان شعبية من الطرفين (المستقبل وحزب الله)، شكلت في المناطق المتداخلة للبدء بمعالجة أثار البعد والتشنج على المستور الجماهيري"، مؤكدة ان "الحوار لا يزال محصوراً بقيادات الطرفين، ولم تصلنا أي تعليمات بالانفتاح على المستقبل أو القواعد الشعبية"، لكنها في المقابل تشير إلى تعميم من أجل "الالتزام العام بعملية نزع الشعارات الحزبية، لأنها مصلحة مشتركة"، إضافة إلى تعميم بـ"تخفيف حدة الخطابات على المنابر بشكل لا يستفز الشارع المستقبلي"، أما القضايا الأخرى على الأرض فتؤكد المصادر أنها "رهن التعليمات التي تأتي بعد جولات الحوار القادمة"، لكن ملف "سرايا المقاومة" محسوم بالنسبة للحزب، و"لم يحن أوانه بعد ورحل حتى البدء بالتداول بالاستراتيجية الدفاعية".

ثمة من يعتبر أنه من المبكر بالنسبة لـ"حزب الله" مخاطبة الشارع السني. مصادر سياسية متابعة للحوار، تشير لـ"المدن" إلى أن هدف الحزب وحتى المستقبل من الحوار، واضح، وهو التهدئة، وسحب فتيل التوتر، وتطويق أي إمكانية لتدهور الأمور داخلياً، لكن بالنسبة للحزب لا يمكنه اليوم مخاطبة الشارع السني، طالما أنه غير قادر على تقديم أي تنازل ممكن أن يصالح عبره هذا الشارع، لا بالإنسحاب من سوريا، ولا على سبيل المثال، الإعتذار عن يوم "7 أيار" الذي يعتبره مجيداً.

عشرة أعوام، والشرخ يكبر. ما ينطبق على علاقة "حزب الله" بالشارع السني، ينطبق أيضاً على علاقة تيار "المستقبل" بالشارع الشيعي، بفارق القوة، وتسجيل النقاط، والشعور بالغبن والهزيمة لدى الطرف الأول، والشعور بالنصر لدى الطرف الثاني.

عشرة أعوام، أدرك بعدها "حزب الله" ضرورة التحاور مع ممثل "السنة" بعد إقصاء لحكومة الرئيس سعد الحريري، وإقالة مذلة، كان سبقها تأليف وفق منطق القوة الذي أفرزه "7 أيار"، رغم ذلك ثمة من يرى أن "حزب الله" يدرك هذه الخطورة. هي الخطورة ذاتها التي أملت عليه المصالحة مع النائب وليد جنبلاط بعد 7 أيار، والمصالحة مع الشارع الدرزي عبر لجان مشتركة. لا شك أنه يدرك أيضاً ضرورة التصالح مع الشارع السني، المعارض له، ما خلا بعض الأصوات السنية التي لا تقدم ولا تؤخر، لكن الأوان لم يحن بعد، وإلى أن يحين، التهدئة فقط هي المطلوبة اليوم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024