إسرائيل تستخدم "الانفلونسرز" العالميين لتشويه صورة حزب الله

سامي خليفة

الأربعاء 2021/04/21

ضمن حربه الباردة والمستمرة ضد حزب الله، لجأ الجيش الإسرائيلي إلى تكتيكٍ جديد لتشويه صورة الحزب، عبر استخدام مؤثرين أو ما يُعرف بالانفلونسرز العالميين على وسائل التواصل الاجتماعي، وتدريبهم بحرفية عالية على نيل استعطاف العالم ضد حزب الله، ونقل وجهة نظر إسرائيل من المناطق المحاذية للحدود اللبنانية. 

تشويه صورة الحزب عند الأقليات
انفجر التسويق عبر المؤثرين في السنوات القليلة الماضية نظراً لفعاليته، إذ أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام، يتأثرون جداً بآراء الأشخاص الذين يتابعونهم فيشكلون لديهم جزءاً كبيراً من عملية اتخاذ القرار. وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، عن قيام مجموعة من المؤثرين تُعرف باسم "ديجيتل Digitell"، بجولة على الجبهة الشمالية لإسرائيل، للتعرف على التهديدات التي يشكلها حزب الله لجميع السكان في الشمال، بما في ذلك الأقليات الدرزية والمسيحية والمسلمة.

الجولة تضمنت تفقد مجموعة المؤثرين نفق "رامية" الذي ينطلق من قرية رامية اللبنانية، وهو أهم نفق في منظومة الأنفاق الهجومية الخارقة للحدود، التي حفرها حزب الله باتجاه إسرائيل، وتم اكتشافها في حملة "درع الشمال". وتم حفر النفق لمسافة 680 متراً داخل لبنان، و77 متراً داخل إسرائيل، بعمق 82 متراً، واستمرت أعمال الحفر سنوات طويلة.

وركزت هذه الجولة التي نظمتها وقادتها وزارة الشؤون الاستراتيجية، والتي تُعتبر الأولى من نوعها منذ تفشي جائحة كورونا قبل أكثر من عام.. على الخطورة التي يشكلها الحزب على الأقليات في إسرائيل. إذ قال بعض المؤثرين الإسرائيليين الذين ينتمون لطوائف مختلفة أن سقوط صاروخ للحزب على قرية يهودية قريبة يهدد الجميع من دون استثناء.

نظرة عرب إسرائيل!
من خلال النقاشات التي أجرتها المجموعة مع وحدات الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية، تبيّن أن شيئًا واحدًا يربط بين بعض المؤثرين الذي يعيشون في المستوطنات القريبة من حدود لبنان، بصرف النظر عن العرق أو الجنس أو الدين، وهو الوضع الأمني ​​المتوتر مع حزب الله.

كان لجائحة كورونا، حسب الصحيفة، تأثير غير متوقع، حين زاد دعم العرب في الدولة العبرية للجيش الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى، لا سيما أن العديد من التقارير تشير إلى تغير نظرة المجتمع العربي خلال الجائحة، خصوصاً في شمال إسرائيل.

وبهذا الخصوص، يقول إبراهيم أبو أحمد، وهو عربي مسلم وباحث برز في مركز "ألما" للدراسات: "بدأ الفلسطينيون يدركون أن نصر الله يستخدم القضية الفلسطينية كأداة وليس لخدمة الفلسطينيين". مستطرداً "لقد ساعدت الجائحة في توحيد الأقليات شمال إسرائيل". 

من جهته، قال يوسف حداد، وهو جندي إسرائيلي من أصول عربية أُصيب خلال حرب تموز 2006، ويعمل اليوم كمؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن السكان العرب في الشمال يدعمون الجيش الإسرائيلي أكثر عندما يتعلق الأمر بجبهة حزب الله، ما يشير، على الأرجح، إلى تغيير في التصور فيما يتعلق بالجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل ككل.

محتوى يروي قصة إسرائيل
اجتمعت المجموعة في وقت لاحق مع الضابط المسؤول عن الأمن في كيبوتس هانيتا، التي تقع على بعد أمتار قليلة من الحدود اللبنانية. وعندما سُئل الضابط عن التحديات اليومية التي تواجهها المنطقة، تحدث في الغالب عن عدم اليقين، وقال مستدركاً "حزب الله يرى ويوثق كل ما نقوم به. عند اندلاع أي حادث أمني، فنحن مسؤولون عن الدفاع عن أنفسنا خلال الدقائق القليلة الأولى".

ليس الهدف الوحيد من هذه الجولة طبعاً التعرف على الوضع الأمني في الشمال، فالمقصود منها تزويد الإنفلونسرز بمنصة تتيح لهم إنشاء محتوى أفضل والوصول إلى المزيد من الأشخاص. وقد تأسست مجموعة "ديجيتل Digitell"، قبل ثلاث سنوات من قبل إيدو دانيال، مدير الإستراتيجية الرقمية بوزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية. واليوم تُعد جزءاً لا يتجزأ من الوزارة، وتلعب دوراً أساسياً في إحياء رؤيتها من خلال إنشاء محتوى موثوق يكشف ما تزعم أنها الحقيقة وتروي قصة إسرائيل من قبل الأشخاص الذين يعيشون فيها.

جهود مضنية
توازياً، شرح إيدو دانيال أهمية ما يقوم به في حوارٍ مع "جيروزاليم بوست"، إذ قال: "تضم هذه الشبكة العالمية أكثر من 100 فرد من المؤثرين الرقميين ومديري وسائل التواصل الاجتماعي. بعضها جزء من مؤسسات أوسع، وبعضها مستقل تماماً".

وتابع "كان هدفنا هو الوصول إلى هؤلاء الأفراد نيابة عن دولة إسرائيل، وتزويدهم بمنصة تتيح لهم القيام بعمل أفضل وتوفير إطار العمل والشبكات والموارد". مضيفاً أنه قبل الجائحة، وفرت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية للمجموعة ندوات تضم محاضرات وتدريبات أشرف عليها بعض من أكبر الأسماء في صناعة الشبكات الاجتماعية.

وفيما أضاف دانيال أن شركة "تويتر" أرسلت فريقاً من قبلها ليعقد حلقة نقاش حول المنصة نفسها، حصد الفيديو الذي نشره أحد المشاركين في الجولة من داخل نفق رامية التابع لحزب الله، على تطبيق "تيكتوك"، ما يقرب من 400 ألف مشاهدة في غضون أيام قليلة.

عواقب وخيمة
في الأثناء، ووسط التوترات الإقليمية، حذر وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية، بيني غانتس، خلال جولة تفقدية للأوضاع على الحدود الشمالية، من محاولات لحزب الله لتحدي إسرائيل بطرق جديدة، محذراً أن الحزب "سيواجه عواقب وخيمة" إذا أقدم على ذلك.

وأكد غانتس أن "الجيش الإسرائيلي في حالة استعداد عبر الحدود الشمالية بأكملها وهو بالتأكيد جاهز على النحو الأمثل على الجبهة اللبنانية".

كما حضر غانتس برفقة ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي جانباً من تمرين عسكري لوحدة "ناحال" يحاكي مواجهة عسكرية مع قرى لبنانية تتواجد فيها عناصر لحزب الله. ثم أجرى تقييماً للأوضاع، وتفقد نفقاً تحت الأرض حفره حزب الله وتم تحييده من قبل الجيش الإسرائيلي.

وفي إشارة إلى دور إيران، قال غانتس: "إيران، بنشاطها الإقليمي التخريبي، تواصل دعم حزب الله والمنظمات الإرهابية الأخرى بينما تحاول أيضاً الحصول على قدرة نووية عسكرية، وهو أمر لا يمكن السماح به. ستواصل دولة إسرائيل العمل مع شركائها بشكل عام ومع الولايات المتحدة على وجه التحديد كي لا تسمح لإيران بتجاوز العتبة النووية".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024