لبنان أو غرفة عمليات حزب الله

نديم قطيش

الإثنين 2016/02/29

في واحد من تصريحاته خلال دردشات الاربعاء النيابي، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري مرة إن لبنان هو الأكثر استقراراً في المنطقة رغم الحرائق المشتعلة حولنا.

للبنان أن يتباهى بأمنه وأمانه، لو أنه مثَّل عن حق نقيض النموذج الذي يُقارن به. لكن أمن لبنان وأمانه سببه تماماً أن هذا البلد تحول الى غرفة عمليات إقليمية تنطلق منها شريحة لا بأس بها من أعمال التخريب، وتغذى بزيتها حرائق الاقليم.

فمن نظرية “سنكون حيث ينبغي أن نكون” في سوريا، التي اعلنها أمين عام حزب الله حسن نصرالله، مزيحاً نكتة حماية المقامات في سوريا، الى الشريط الذي بثته قناة العربية وقنوات لبنانية محلية عن مدرب من حزب الله في اليمن، ترتسم صورة لبنان كغرفة عمليات صرفة. فلا دولة ولا مؤسسات الا بالحدود الدنيا، التي باتت تضيق هي الاخرى كما يدل العجز الفاضح عن ادارة ملف كملف النفايات.

بإزاء ذلك، لا تخفى على أحد حدود قدرة القوى الداخلية، والمحكومة بوعيها لاستعداد وقدرة حزب الله على تكرار عملية السابع من ايار ٢٠٠٨. فالرسائل الامنية، من اشتباكات السعديات، الى تظاهرات الاحتجاج على برنامج سخر من نصرالله، تقدم نموذجاً لما يمكن أن يكون عليه الرد على مواجهة تتصدرها قوى داخلية، فيما مثل هذه الردود لا تقوى على الاضرار الجاد بالمملكة العربية السعودية!

وهنا تكمن فلسفة سياسة الهجوم السعودية الاخيرة التي تحرم حزب الله من الالتباس الذي اقتات عليه طويلاً لحماية “أمن غرفة العمليات” التي اسمها لبنان والتي يتحرك منها وفيها باعلى درجات الطمأنينة كما أشار الرئيس بري.

أعني بالالتباس، تصرف حزب الله بوصفه قوة عسكرية خارجية، تقاتل وتدرب في سوريا واليمن والعراق وتخطط للاغتيال والتفجير في قلب الرياض كما كشف المدرب في الشريط اليمني، وفي البحرين والكويت وغيرهما، وفي الوقت نفسه تطالب الجميع بالتصرف كقوى داخلية وظيفتها ترتيب السلم الاهلي اللبناني والعناية به وصيانته من دون الاعتراض او التأثر بدور حزب الله، بل من خلال التسوية الدائمة مع حزب الله.

الاستنفار السعودي هو استنفار لإنهاء هذا الترتيب أياً تكن التبعات، لا سيما في ظل مغامرة حزب الله بتوريط موقف لبنان الرسمي بتفاصيل الصراع السعودي الايراني، من موقع أرعن لم يكن بحاجة اليه، بمثل عدم حاجة العراق او الجزائر او عُمان اليه، وهي دول ذات تاريخ طويل من العلاقات الاستراتيجية مع ايران.

في العام ٢٠٠٦ خطف حزب الله جنوداً إسرائيليين وقاد البلاد الى مواجهة مدمرة مع إسرائىل انتهت بشبه وثيقة استسلام هي القرار ١٧٠١ الذي أحال المقاومة على التقاعد رغم كل الخطابات على المنابر!

في العام ٢٠١٦، خطف حزب الله سياسة لبنان الخارجية، وهو يقود البلاد الى مواجهة مدمرة هي الاخرى مع العرب، ولن تنتهي بأقل من “١٧٠١” ينظم علاقات لبنان العربية.

عشر سنوات مرت لا يبدو ان حزب الله تعلم منها شيئاً، سوى اتقان الانحدار الى حد إعتبار شتم الصحابة وهتك الاعراض كما شهد الجميع على الشاشات هو الرديف الشعبي “لقبضات المقاومين”. 

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024