باسيل يستنفد الحِيَل.. ولا يصنع حلاً

منير الربيع

الثلاثاء 2018/11/20

وضعت وساطة الوزير جبران باسيل أوزارها. وهي إذ وصلت إلى خواتيمها، لجهة اللقاءات مع كل القوى والأفرقاء، باستثناء القوات اللبنانية وتيار المردة، إلا أنها لم تُتوّج بالحلّ النهائي. فقد عجزت مساعي باسيل عن الوصول إليه، ووقفت عند حدود ما عبّر عنه، بتمنيه عقد لقاء بين النواب السنة الستة الخارجين على تيار المستقبل، والرئيس المكلف سعد الحريري.

 

المقايضة

حمل موقف باسيل بعد لقائه النواب الستة، جملة تأويلات، وعلى رأسها ما تمحور بين احتمالين، الأول استبعاد الوصول إلى حلّ، طالما أن باسيل قد قال إن على الطرفين التباحث في إيجاد الحلّ، وأن رئيس الجمهورية ليس طرفاً. بالتالي، لم يصل باسيل إلى أي قاسم مشترك بين أولئك النواب والحريري.

الاحتمال الثاني يلتمس بعض الإشارات الإيجابية بما أفصح عنه باسيل عن تراجع الرئيس ميشال عون عن مبدأ المقايضة مع الحريري بوزير سنّي مقابل مسيحي، ومنح الحريري خمسة وزراء سنّة، ما يتيح تسمية وزير من أحد النواب الستة.

 

القراءة التفاؤلية في الإحتمال الثاني، تنطلق من مبادرة رئاسية تهدف إلى حلّ العقدة السنية. لكن الخطوة لاقت إعتراضات كثيرة، حسب ما تعتبر مصادر متابعة. لأن ما يجري يوضع في سياق الخروج على الأعراف والتقاليد، التي تحمي التنوع لدى الرؤساء، وتخرج عن ما درجت عليه العادات. فيما مصادر أخرى تعتبر أن الخطوة قد تجد طريقها إلى التنفيذ، فما من خيار آخر بديلاً عنها، في ظل سقوط مقترحات المقايضة بين حزب الله ورئيس الجمهورية.

 

عود على بدء

بعض المتفائلين يستندون إلى معطيين، الأول لقاء باسيل مع الحريري الذي حدث الأحد، وعمد على الإيحاء به، بعد لقائه النواب الستة، بقوله إن رئيس الجمهورية تنازل عن مبدأ المقايضة، وأنه "التقى الحريري بالأمس (الأحد)" ما يعطي إشارة بأن الحريري أيضاً مستعد للتنازل في ضوء هذه الفكرة، التي لا تظهر أي طرف بموقع المنكسر. وبهذا المخرج، يكون عون قد بقي على موقفه ولم يتنازل من حصته لصالح النواب الستّة، والحريري استعاد كل المقاعد السنية، إنما عليه التخلّي عن أحدها لصالح من يمثّل النواب الستة، كي لا يُكسر الحريري أيضاً، عبر صيغة اختيار النواب لمن يمثّلهم من خارج أسمائهم، وهكذا يكون المخرج قد حفظ ماء وجه الجميع.

لكن هذا الحل، سيفرض على الحريري التخلي عن تسمية وزير من حصة الرئيس نجيب ميقاتي، إلا إذا أراد التضحية بوزيرين من حصته، مقابل احتفاظ رئيس الجمهورية بحصته كاملة. وهذا ما يدفع البعض إلى استبعاد الوصول إلى حلّ وفق هذا المنطق.

 

قريبة وبعيدة

منذ بداية تحرّكه، لم ينطلق باسيل بتوجه واضح، بل استشف آراء مختلف الأفرقاء، حول ما يمكن فعله، للوصول إلى المخرج الملائم، همّه الأساسي كان عدم تنازل رئيس الجمهورية من حصّته. في المرحلة الأولى، حاول إقناع الحريري بالتنازل لصالح سنّة 8 آذار، لكنه رفض. بعدها، حاول إقناع النواب الستة بالتنازل والتراجع عن مطلبهم، على أن يتم التعويض عليهم لاحقاً، لكنهم تشبثوا بموقفهم. ليطرح فيما بعد مسألة المقايضة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فيختار برّي النائب قاسم هاشم مثلاً من حصته ممثلاً للنواب السنّة، مقابل تسمية رئيس الجمهورية لوزير شيعي. لكن هذا الطرح لم يصل إلى خاتمة نهائية أو واضحة، رغم عدم إسقاطه كلياً.

 

وسط كل هذه المعطيات حتى الآن، لا أحد يمتلك تصوّراً نهائياً للأزمة القائمة، ولا حول كيفية الخروج منها، أو إذا ما حانت اللحظة السياسية التي تسمح بذلك. هنا تتضارب المعطيات أيضاً، بين من يتوقع الوصول إلى تسوية حكومية قريباً، وبين من يعتبر أنها لا تزال بعيدة، على ضوء التعقيدات الإقليمية التي ترخي بظلالها على الواقع الداخلي.. وتتوازن كفّتا التوقعين بالنظر إلى الضغوط الدولية التي تدفع باتجاه إنجاز تشكيل الحكومة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024