"اتفاق الإطار" ومفاوضات الناقورة: الوفد والخرائط وحدود 1924

نادر فوز

السبت 2020/10/03
"اتفاق الإطار"، عبارة تقنية تؤكد أنّ لبنان متّجه إلى التفاوض مع إسرائيل والجلوس معها على طاولة الوساطة الأميركية. وبحسب ما يقول مطّلعون على أجواء عرّاب القبول اللبناني بالتفاوض، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، فإنّ "برّي لم يتّخذ القرار بالذهاب إلى التفاوض مع الإسرائيليين، بل فاوض على المفاوضات".
اتفاق الإطار، تحديد لمسار التفاوض وشكلها ومضمونها ونقاط المفاوضات. وبالنسبة للأجواء نفسها، التي تعبّر عن أجواء ثنائي حزب الله وحركة أمل، في المفاوضات التي أجراها برّي على المفاوضات مع إسرائيل تم تكريس العديد من المكاسب المعنوية، أن لا تفاوض مباشر ولا فصل بين الحدود البحرية والبرية ولا تنازل عن الحقوق. وكل هذا، بالنسبة للثنائي، ليس اعترافاً بإسرائيل على اعتبار أنه يمكن "لجهتين متقاتلين أن تجلسا على طاولة مفاوضات لوقف إطلاق النار". المسألة بسيطة، ويسهل التسويق لها في السياسة وعند البيئة الحاضنة، ولا خلاف على سهولة هذا الأمر.

تكليف الوفد
بعد الإعلان عن اتفاق الإطار لمفاوضات ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي، أمام الدولة اللبنانية مهمّة جدية تتمثّل بتشكيل الوفد المفاوض. وليس في هذه المهمة مهلة مفتوحة يمكن تمديدها، كما حال مبادرة الرئيس الفرنسي مثلاً. ولا مجال فيها للمحاصصة والتعيين والتقاسم والتناتش، كما حال تعيين الموظفين وغيرهم. إنما مهمة تستوجب من الطقم الحاكم أسلوب تعاط لم نعهده فيه بعد. وكيف يمكن أن يصدر تكليفاً مماثلاً عن حكومة مستقيلة تصرّف الأعمال؟ على الأرجح سيتم تكليف الوفد اللبناني بمرسوم عادي قد يصدر عن وزيرة الدفاع، يحدّد فيه أنه بناءً لتوجيهات رئيس الجمهورية وموافقة رئيس مجلس الوزراء يقرّر تشكيل الوفد المفاوض من الضباط والمستشارين التالية أسماءهم. يوافق اللواء الركن المتقاعد، عبد الرحمن شحيتلي، على هذه الصيغة. ويشير إلى إمكانية ترك نص التكليف مفتوحاً "من خلال إضافة عبارة تؤكد بإمكانية استعانة الوفد بالخبراء وبمن يراه مناسباً لتنفيذ المهة".

الثقة أولاً
شحيتلي، الذي شغل رأس الوفد اللبناني المفاوض على الحدود البحرية مع الولايات المتحدة وقبرص، يؤكد في اتصال مع "المدن" أنّ "الوفد اللبناني، إن كان عرضة للمزايدات السيايسة والصراعات الداخلية، الأفضل ألا يذهب إلى المفاوضات. يجب منح الوفد الثقة أولاً". ويشير شحيتلي إلى إنه على الجميع، اللبنانيين مواطنين وسياسيين، أن يعوا أن دخول المفاوضات لا يعني الحصول على كل شيء ولا على كل المبتغى. ويضيف أنّ "ترسيم الحدود البحرية ليس عقاراً له إحداثيات، بل عملية شائكة وبالغة الصعوبة تدخل فيها الكثير من العوامل والتقنيات". كما يشدّد في الوقت نفسه أنّ "ترسيم الحدود البحرية يختلف تماماً عن ترسيم الحدود البرية، والشخص الذي يفاوض في البحر غير الشخص الذي يفاوض في البر، وبالتالي يجب التعامل مع ملف المفاوضات بدقة ومسؤولية".

حدود 1924
بين تحديد المنطقة الاقتصادية (وبلوكات الغاز ضمناً) وترسيم الحدود البحرية الإقليمية والبرية، قد يبدو للوهلة الأولى أنّ الدولة اللبنانية تظهر في موقع الضعف أمام إسرائيل. الظروف الداخلية اللبنانية صعبة، سياسياً واقتصادياً وعلى المستوى الأمن الاجتماعي والمالي والصحي، في المقابل عدو نجح بتطبيع العلاقات مع دول عربية ويمسك بأدوات ضغط دولي. إلا أنّ نقطة القوة التقنية التي بين يدي الوفد اللبناني المفاوض تتمثل، بحسب شحيتلي، بالاتفاقية الموقعة في "عصبة الأمم" عام 1924 الذي سمّت الحدود مع فلسطين حدوداً دولية. وبعده الاعتراف الإسرائيلي بالحدود اللبنانية إثر توقيع اتفاق الهدنة بحسب حدود 1924. ومع هذا، "بين أيدينا نقاط قوّة مكرّسة في القانون الدولي، التعويل هو على حسن إدارة ملف التفاوضي، وعلى أنّ يكون الوسيط وسيطاً والمراقب مراقباً، وأن ينفّذا الدورين المطلوبين منهما".

حدّد مساعد وزير الخارجية مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، يوم 14 تشرين الأول موعداً مبدئياً لانطلاق مفاوضات الناقورة. بانتظار الموعد، ومواعيد أخرى لاحقة، يبقى الأمل ألا تقوم السلطة اللبنانية المسؤولة عن المفاوضات ببيع حقوق اللبنانيين من أجل أيام إضافية لها في الحكم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024