إدلب: المفاوضات فشلت مع روسيا.. وعاد الدعم التركي للمعارضة

خالد الخطيب

السبت 2019/12/28
استأنفت الطائرات الحربية والمروحية غاراتها على ريف معرة النعمان جنوب شرقي إدلب، بعد توقف مؤقت لأكثر من 48 ساعة. وشهدت جبهات المعرة تحركات عسكرية مكثفة ووصول تعزيزات كبيرة للطرفين، بعد فشل المفاوضات الروسية-التركية حول الهدنة.

وقصفت الطائرات الحربية، السبت، تل منس ومعر شورين شرقي المعرة، واستهدف برشاشاتها الطرق المتفرعة عن المعرة. وتشهد أطراف تل منس والغدفة وجديدة نواف شمالاً اشتباكات وقصفاً متبادلاً، في حين تواصل المليشيات المتمركزة في أبو جريف محاولاتها للتقدم شرقاً في جبهات أبو الظهور.

لا اتفاق هدنة؟
فشلت المفاوضات الروسية-التركية في التوصل لاتفاق هدنة يوقف العمليات العسكرية في معرة النعمان. ومن المرجح أن تستأنف المليشيات حملة القصف الوحشي، وأن تعود المعارك بشكل أعنف.

مصادر عسكرية أكدت لـ"المدن"، أن روسيا أصرت في المفاوضات على "عودة مؤسسات النظام الخدمية إلى كامل منطقة خفض التصعيد، لا في المعرة وحدها، إنما كامل المنطقة الواقعة شرقي الطريق إم-5، وهناك إجماع بين الفصائل على رفض تلك المطالب وهو موقف تدعمه تركيا، وربما يكون له أثر فعلي لصالح المعارضة في الميدان".

عضو "مركز المصالحة الروسي" المقرب من النظام الشيخ عمر رحمون، قال في "تويتر": "الخلاف الروسي التركي في ليبيا ستظهر نتائجه الطاحنة في إدلب، ونحن على عتبة معركة طاحنة، لقد بذلت الدولة السورية كل جهودها لاستعادة منطقة معرة النعمان عن طريق المصالحة رغبة منها بالحفاظ على المنطقة وسكانها، لكن الطرف الآخر هو الذي رفض المصالحة معرضاً المنطقة وسكانها للنزوح في هذه الظروف المناخية الصعبة".

لم تتحدث الفصائل المعارضة والإسلامية عن المفاوضات مطلقاً، ولم تعلق حتى الآن بشكل رسمي على المعلومات المتداولة حول فشلها، واحتمال عودة المعارك. لكن قادة في الفصائل بدأوا يلمحون إلى اقتراب موعد مواجهات مختلفة مع المليشيات في جبهات ادلب والتي ستشهد تغييراً على أكثر من صعيد.

هل حصلت المعارضة على سلاح نوعي؟
برغم توقف القصف الجوي لأكثر من يومين، إلا أن القصف البري ظل مستمراً، وشهدت الجبهات معارك واشتباكات محدودة بدا أداء المعارضة فيها أفضل من السابق، ما مكنها من استنزاف المليشيات والتصدي لها في أكثر من محور. وبدا أن المعارضة قد حصلت بالفعل على دعم عسكري نوعي، وبشكل خاص من الصواريخ المضادة للدروع، وهو السلاح الأهم الذي يمكن للمعارضة الاعتماد عليه لتحقيق توازن نسبي في النيران مع المليشيات.

استخدمت المعارضة في 48 ساعة فقط من المعارك والاشتباكات في جبهات المعرة أكثر من 30 صاروخاً مضاداً للدروع، استهدفت مدرعات ودبابات ومجموعات وأفراد ونقاط ثابتة ومتحركة، وخسرت المليشيات فيها أكثر من 60 عنصراً من طواقم الآليات المدرعة والنقاط المتقدمة بينهم ضباط. إنجازات المعارضة على حساب المليشيات في يومين هي ضعف ما أنجزته في معارك الأيام الأربعة الأولى والتي سيطرت خلالها المليشيات على أكثر من 45 قرية وبلدة.

يبدو أن الفصائل حصلت أيضاَ على صواريخ غراد متوسطة وبعيدة المدى، وكميات لا بأس بها من الذخائر المتنوعة، استخدم جزء منها مؤخراً في قصف مواقع المليشيات في سهل الغاب وجنوبي ادلب، وامتد قصف الفصائل إلى القرداحة في ريف اللاذقية.

الدعم التركي للمعارضة لتخوض جولة مختلفة من المعارك يجب أن يكون كبيراً وغير محصور لدى فصائل قليلة من "الجبهة الوطنية للتحرير"، في حال أرادت تركيا للمعارضة قلب موازين المعركة بالفعل. وعادة ما يتم دعم الفصائل بالسلاح لتغطية معارك محددة زمانياً ومكانياً، وسرعان ما تمتص المليشيات الصدمة وتعاود الهجوم وتستعيد ما خسرته لحساب المعارضة التي استنفذت كامل ذخائرها النوعية في الهجوم، ولم يبقَ لديها ما تدافع به عن مكاسبها.

المعارضة من الدفاع إلى الهجوم؟
حشدت الفصائل المعارضة والإسلامية تعزيزات كبيرة في جبهات المعرة، ويبدو أن الدعم للمعارضة يحتم عليها العمل في منطقة عمليات المليشيات ويمنع عليها فتح محاور قتال في جبهات أخرى. بامكان المعارضة الانتقال بسهولة من الدفاع إلى الهجوم في حال حصلت على الدعم الكافي لتحقيق أهدافها وأهداف حلفائها في استنزاف المليشيات واستعادة المواقع وقلب موازين المعركة. ولا يبدو أن المعارضة تفكر بأبعد من ذلك، إذ لا تريد مواجهة طويلة مع المليشيات وتريد تفادي تكرار سيناريو الهجمات المعاكسة الناجحة ولفترة محدودة والتي تليها حتماً خسائر بالجملة وانهيارات غير متوقعة. وهي تحتاج حتماً لتكتيكات مختلفة وقرار جماعي لا يتبع توجيهات الداعم في حال كانت المصلحة تتطلب ذلك.

وفي السابق، وتحضيراً للهجمات المعاكسة والجولة الجديدة من المعارك وصل "الحزب الإسلامي التركستاني" إلى جبهات المعرة، ومعه تنظيمات وتشكيلات جهادية أخرى كانت ممتنعة عن المشاركة. ويبدو لدى "التركستاني" صواريخ مضادة للدروع أيضاً، استخدمت ضد المليشيات، الجمعة. ومن المفترض أن نشهد مشاركة كاملة لأكبر تشكيلين مسلحين في ادلب؛ "هيئة تحرير الشام" و"فيلق الشام" وكلاهما لديه غالبية الأعداد والعتاد الحربي الذي يكفل قلب موازين المعركة إلى جانب المقاتلين النوعيين من التنظيمات والفصائل الإسلامية الأخرى.

وفي المقابل، حشدت المليشيات المزيد من التعزيزات العسكرية في منطقة المعرة لمواجهة المعارضة، ومواصلة التقدم، ولم تعد تكتفي بسقف أهداف محدد للسيطرة على منطقة المعرة كمرحلة أولى، وراحت تصرح بأنها ستواصل حتى سراقب ومشارف حلب شمالاً، أي كامل منطقة "خفض التصعيد" شرقي الطريق إم-5.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024