موسم القمح: الدولة العاجزة عن الاطفاء.. تشعل الحرائق

المدن - عرب وعالم

الجمعة 2019/05/24
احترقت خلال الأيام الأخيرة مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بمحصولي القمح والشعير في ريف الرقة وديرالزور والحسكة، وإدلب ودرعا والسويداء، في كارثة جديدة تطال سوريا.

وتعود الحرائق هذه السنة بشكل عام، إلى درجات الحرارة المرتفعة التي أعقبت شتاءً مطرياً متأخراً لم تشهد المنطقة مثله منذ عقود. غزارة الأمطار بشّرت الفلاحين بموسم استثنائي من الغلال، إلا أن الحرائق قلبت أحلامهم كوابيساً. ويبدو الخصاب، أو العشب النامي على جوانب الطرق، السبب الأبرز لاندلاع الحرائق وعدم السيطرة عليها. إذ تكفى أعقاب سجائر مرمية باهمال إلى اندلاع حرائق لا يمكن التحكم بها.

طواقم الإطفاء تبذل قصارى جهدها، في مختلف المناطق، إلا أن الدولة السورية المتهالكة لا تبدو قادرة على ضبط هذه الحرائق، لإنعدام اعتماداتها المالية لأفواج الإطفاء، وتوقف التوظيف منذ زمن بعيد، وعدم وجود قطع غيار وصيانة للآليات المعطلة. الدولة السورية المهترئة، تبدو عاجزة عن مواجهة أي أزمة تواجه السوريين.

بيان مديرية الأرصاد الجوية، الخميس، قال بتأثر البلاد بمرتفع جوي شبه مداري مرفق بكتلة هوائية تبلغ ذروتها الخميس والجمعة. وتابع أن المرتفع يزيد من احتمال الحرائق نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستوى الرطوبة، وخاصة مع اقتراب مواسم الحصاد وامتداد الغطاء النباتي بشكل كبير هذا العام.

وإذ تعجز "الدولة الأسدية" عن اطفاء الحرائق في مناطق سيطرتها، فإنها تشعلها عمداً في مناطق المعارضة. في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، التهمت الحرائق الناتجة عن قصف مليشيات النظام بالقنابل الحارقة محصول القمح والشعير، وأتت على معظمه. مليشيات النظام تتعمد قصف الأراضي السهيلة المزروعة بالقمح في سهل الغاب، وصولاً إلى إدلب، بالقنابل الحارقة. ويحاول المزارعون بشتى الوسائل إطفاء الحرائق، إلا أن درجات الحرارة المرتفعة في هذا الطقس الصيفي الملتهب، تساهم بتمدد الحرائق، وخسارة مواسمهم.

الحرائق الأكبر والأكثر ضرراً اقتصادياً كانت في الرقة، حيث نشبت عشرات الحرائق الكبيرة، طالت المحاصيل الزراعية في قرية الطركة وبلدة المحمودلي وقرية أبو قبيع، وقرية الحميرة وقريتي الفسكانه وجهجاه وقرية الصخيرات وتويجن وبلدة تل تمر والقاسمية والأربعين، وتسببت باحتراق آلاف الهكتارات المزروعة بمحصولي القمح والشعير اللذين بدأ حصادهما في الأيام القليلة الماضية.

وتوجهت الإتهامات لـ"قوات سوريا الديموقراطية" بافتعال الحرائق في مناطق سيطرتها في الرقة وديرالزور والحسكة. البعض أشار إلى وجود دليلين واضحين على مصلحتها في ما جرى من حرائق؛ والاول رفض الكثيرين من المزارعين العرب بيعهم المحاصيل، والثاني هو الفارق في تسعير القمح والشعير بين الأكراد والنظام، وهذا الفارق يصل إلى 30 ليرة سورية لكل كيلوغرام، لذلك يُفضّل المزارعون البيع للنظام لسبب اقتصادي، وافتعال الحرائق هو تهديد للفلاحين بأن البيع يجب أن يتم لهم حصراً وإلا فإن مصير الباقي من المحاصيل سيكون مشابهاً لآلاف الدونمات التي احترقت بالكامل، بحسب ما نقلت "وكالة أكي" الإيطالية.

ولم يتدخل مسؤولو "الإدارة الذاتية" الكردية ولا "وحدات حماية الشعب" الكردي التي تسيطر على المنطقة، ولم تحاول تلك الإدارة المساعدة في إخماد الحرائق، وحدهم السكان هم من حاول إطفاء الحريق بوسائل بدائية، واستطاعوا في بعض الحالات وقف انتشار النيران إلى حقول تمتد على آلاف الهكتارات الأخرى.

تنظيم "الدولة الإسلامية" سرعان ما تبنى الحرائق في الرقة وديرالزور، في مثال صارخ على سهولة استغلال الظروف الطبيعية ونسبها لفاعل بشري يستطيع توظيفها سياسياً.

بكل الحالات، وبعد أن بشرت الأمطار بموسم زراعي ممتاز، يبدو أن الحرائق ستطال موسم القمح والشعير في سوريا، ليجوع السوريون أكثر وأكثر.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024