جلسات "الدستورية" تنتهي بـ"لا أوراق"

صبحي فرنجية

الجمعة 2019/11/08
أنهت "اللجنة الدستورية المصغرة"، أعمال جولتها الأولى، الجمعة، بعد خمسة أيام من الاجتماعات اليومية، في جنيف برعاية الأمم المتحدة. وقدم كل من أطرافها الثلاثة؛ المعارضة والنظام والمجتمع المدني، أوراقاً حمل كل منها اسم "لا ورقة"، لدراستها خلال الفترة المقبلة، قبل بدء الجولة الثانية في 25 تشرين الثاني/نوفمبر. وكان طبيعياً، تشبث وفد النظام خلال الاجتماعات بملف "مكافحة الإرهاب"، ورفضه نقاش أي مؤشرات عن البعد الرئاسي في الدستور، ولا عن نظام الحكم، ولا حتى حول ملف المعتقلين.

مصادر "المدن" أشارت إلى أن أعضاء لائحة المجتمع المدني من المعارضين، حاولوا تقديم "لا ورقة"، الجمعة، تُطالب بإطلاق سراح المعتقلين من السجون، ما أثار غضب وفد النظام ومؤيديه في لائحة المجتمع المدني. وصرخ بعض أعضاء وفد النظام رفضاً لأي إشارة حول الموضوع.

وقال الرئيس المشترك لـ"اللجنة الدستورية" هادي البحرة: "كانت هناك لحظات من النقاشات، والخلافات، والمشاعر كانت حامية أحياناً، ونقاط توافق كثيرة، ولا سيما على الصعيد الوطني، استقينا منها رؤى وتطلعات للدستور الجديد لسوريا"، وأضاف: "بالتأكيد هذه اللجنة تنظر لكل التجربة السورية منذ العام 1920، وانتهاء بدستور 2012، ومراعاة الوضع التاريخي الحالي، وما يمكن تعديله، وما يتوجب إضافته للدستور الجديد".

وأكد البحرة أن "هناك عهداً علينا أن نكون مخلصين لوطننا وشعبنا، ونضع معاً مسودة يكون الشعب السوري هو صاحب القرار الأخير فيه، لا توجد وصفات ولا إملاءات خارجية، ولا يمكن إلا أن يوضع الدستور بقلم سوري، وبأفكار سورية وطنية، ولا يوجد مجال لأي تدخل خارجي".

بدوره، ركّز رئيس وفد النظام أحمد الكزبري، خلال مؤتمره الصحافي على "ملف الإرهاب"، قائلاً إنه "من الممكن وضعه كفكرة ويصاغ كمادة في الدستور"، مبيناً أن "الأطراف الأخرى قدمت العديد من الأوراق لكن لم تتم مناقشتها لأنها مخالفة لمبدأ جدول الأعمال الذي تم الاتفاق عليه"، وأضاف: "لم نأت إلى جنيف لبناء دولة جديدة، فالجمهورية العربية السورية دولة قائمة ولها دستورها وبرلمانها وحكومتها وجيشها ومؤسساتها"، واوضح أن الوفد في جنيف "لإصلاح دستوري، وقلنا إن هذا الإصلاح قد يكون بتعديل بعض مواد الدستور الحالي النافذ والذي سيبقى نافذاً إلى آخر لحظة، حتى يقرر الشعب السوري وضع دستور جديد".

المعارضة تنظر إلى مستقبل سوريا..والنظام يصر على "مكافحة الإرهاب" 
جاء في "لا ورقة" وفد المعارضة السورية، التي حصلت "المدن" على نسخة منها، مبادئ دستورية متعددة تم تحليلها وتجميعها من مداخلات أعضاء "اللجنة الدستورية" خلال اجتماعات اللجنة الموسعة، وجاء في لا ورقة وفد المعارضة، مبادئ "الالتزام الكامل بسيادة سوريا واستقلالها وسلامتها ووحدتها أرضاً وشعباً"، و"ضمان حرية وكرامة السوريين، وتحقيق العدالة الاجتماعية في ما بينهم"، و"استقلال القضاء، واستقلالية النقابات، ونزاهة الانتخابات والتصويت"، و"الفصل بين السلطات والتوازن بينها وعدم تغول إحداها على الآخر"، و"جيش وطني ومؤسسات أمنية تقوم على الكفاءة وتمارس واجباتها وفقاً للدستور والقانون وتلتزم بحقوق الإنسان"، و"انطلاق المبادئ الـ12"، و"ضمان التعددية السياسية"، و"المواطنة المتساوية"، و"ضمان تمثيل المرأة ومشاركتها في المؤسسات بنسبة لا تقل عن 30٪"، و"شكل الدولة"، و"القضية الكردية قضية وطنية"، و"المساواة التامة بين الرجل والمرأة"، و"المحافظة على ثروات الوطن وتنميتها واستعمالها لصالح الشعب السوري"، و"الافصاح عن المعلومات من قبل الدولة، خاصة مؤشر توزيع الدخل بين الأرباح والأجور"، وعلنية بيانات الدخل الدخل في القطاعات الكبرى، وأرقام وعقود الصفقات والاتفاقات"، وغيرها من النقاط التي تم استخلاصها من مشاركة الأعضاء الـ150. كما تطرقت الورقة إلى موضوع السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية.


وتشي "لا ورقة" المعارضة الطويلة بمتابعة دقيقة لكل الاجتماعات، والكلمات التي تم تقديمها خلال اجتماعات اللجنة الموسعة، فيما تقع ورقة النظام في صفحتين، لا تحمل سوى فكرة "مكافحة الإرهاب"؛ "أحد أهم المواضيع بالنسبة للشعب السوري كافة".

وطالبت "لا ورقة" النظام بـ"تكاتف الشعب السوري من أجل محاربة داعش والنصرة، وكل المجموعات الإرهابية الأخرى التي تمارس الإرهاب في سوريا"، في سبيل "تقريب وجهات النظر وبناء الثقة، ومحاولة للوصول إلى أرضية مشتركة بين أعضاء اللجنة الدستورية، وتهيئة الأرضية اللازمة لتحقيق تقدم فعلي في عمل اللجنة". كما طالبت "لا ورقة" النظام "بضرورة العمل بشكل فعلي على تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب".

وكان رئيس "هيئة التفاوض" المعارضة نصر الحريري، قد طالب خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الرئيس المشترك لـ"اللجنة الدستورية" هادي البحرة، بتفعيل "سلة مكافحة الإرهاب" الواردة في القرار 2254، بالتزامن مع عمل "اللجنة الدستورية"، وأكد أن المعارضة جاهزة للعمل فوراً على السلة، كما طلب "بدعم اللجنة الدستورية للقيام بعملها الدستوري".

المجتمع المدني: كشف مصير المخفيين
المعارضون من لائحة المجتمع المدني، أكدوا في "لا ورقتهم"، على "العمل على الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي من قبل جميع الأطراف في سوريا"، و"الكشف عن مصير المخفيين والمخفيات قسريً والمخطوفين والمخطوفات من قبل جميع الأطراف"، و"توقف عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري التي مازالت مستمرة في سوريا"، و"تشكيل لجنة لجنة وطنية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين بشكل دوري وفق جدول زمني يُطلب من جميع الجهات التي تحتجزهم، وإيقاف العمل بالأحكام الصادرة عن المحاكم الاستثنائية، كالمحاكم الميدانية، ومحكمة الإرهاب". وأكدت "اللا ورقة" على أن "قضية المعتقلين والمخطوفين والمختفين قسرياً في سوريا هي من أهم القضايا التي تتضمنها قرارات مجلس الأمن، كما ورد في البند 12 من قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في كانون الأول 2015، الذي نصّ على ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين خصوصاً النساء والأطفال بشكل فوري".

"لا ورقة" الموالين للنظام من لائحة المجتمع المدني، تناولت ذات الموضوع الذي ركّز عليه وفد النظام؛ "ندين بأشد العبارات اعتداءات التنظيمات الإرهابية على أبناء شعبنا العربي السوري في محافظة حلب، وخرقها لمنطقة خفض التصعيد ووقف إطلاق النار فيها"، كما "استنكرت" اللاورقة "العقوبات الاقتصادية" على سوريا.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأوراق ستشكل نقاط النقاش التي ستنطلق منها جلسات اللجنة الدستورية المصغرة الثانية، والتي من المتوقع أن تنطلق في 25 تشرين الثاني، وتمتد على خمسة أيام، تليها استراحة أسبوعين قبل بدء الدورة الثالثة في كانون الأول المقبل.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024