"تحرير الشام": "بعد الزنوك قضينا على أشرار الشام"

المدن - عرب وعالم

الجمعة 2019/01/11
يبدو أن "هيئة تحرير الشام" قد خططت لمعركتها الأخيرة في إدلب ومحيطها بعناية كبيرة. حادثة تلعادة شمالي إدلب، السبب المباشر لاندلاع موجة الاقتتال الأخيرة، لم تكن إلا فرصة ذهبية استغلتها "تحرير الشام" بذكاء بالغ، لتنهي وجود "حركة نور الدين زنكي" في ريف حلب الغربي، وتحلّ من بعدها "أحرار الشام" و"صقور الشام" في سهل الغاب.

وكان أداء "تحرير الشام" في مختلف قطاعاتها المشاركة بالاقتتال، منظماً بشكل لافت. الفعاليات الجهادية التابعة لـ"الهيئة" نجحت في الترويج للمعركة كمشروع، على حساب فصائل المعارضة المسلحة التي ظهر أنها معدومة الرؤية وفي أضعف حالاتها، وليس لديها شيئ لتدافع عن نفسها.

استفادت "تحرير الشام" في معركتها من التشكيلة الجديدة لـ"حكومة الإنقاذ" التي يرأسها فواز هلال، والتي يتمتع أعضاؤها بعلاقات واسعة مع الأهالي في المناطق المستهدفة. وروّج أنصار "تحرير الشام"، لـ"الإنقاذ" في كل مراحل التمدد على حساب المعارضة. واستفادت "الهيئة" أيضاَ من التغييرات التي أجرتها على جناحيها؛ الشرعي والعسكري. وأولت "الهيئة" قادة تابعين لها من مُهجّري الغوطة الشرقية مواقع قيادية في المعركة، وكان أثر ذلك واضحاً في معركة الأيام العشر.

في أول أيام المعركة سُرّبت صور لمحادثة سرية بين قادة غرفة عمليات "تحرير الشام" في ريف حلب الغربي، يقول فيها أحد القادة: "لقد انتهينا من الزنوك (الزنكي) وجاء دور المرتدين في الصقور والأشرار (أحرار الشام)". وردّ عليه قائد العمليات: "يا أخوة لا تقولوا مرتدين، عمموا علينا من القيادة، لا تقولوا هذا الكلام على العام.

والتزم أنصار "تحرير الشام" بالتعميم، وتبنوا خطاباً مغايراً بما يخدم مصلحة معركتهم. جزء من نشاطهم الدعائي في مواقع التواصل الاجتماعي، تركز على دعوة مقاتلي الفصائل للانضمام إلى "تحرير الشام"، وتقديم أي مساعدة لازمة لهم، والدعوة للتسامح مع من اعتزل القتال.

البيانات والقرارات التي أصدرها جناحا "تحرير الشام"؛ العسكري والشرعي، ركزت على إطلاق سراح أسرى الفصائل، وتقديم منح مالية كما حصل مع مقاتلي "الزنكي" الذين ظلوا مرابطين في جبهاتهم في ضواحي حلب الغربية.

وكان لافتاً تحييد شخصيات "الهيئة" من الجهاديين الأكثر تشدداً، بعد انتهاء المعركة مع "الزنكي"، مثل "أبو اليقظان المصري"، لصالح شخصيات أقل تشدداً كمظهر الويس، ويزن الشامي، والأسيف عبدالرحمن، ممن حملوا على عاتقهم الترويج للمعركة بشكل مغاير.

جناح "الهيئة" العسكري أصدر قرارات تمنع العناصر من تداول الفيديوهات والصور من ساحة المعركة، وبالتحديد التي يظهر فيها أسرى وقتلى مقاتلي المعارضة. رئيس "القضاء العسكري" في "الهيئة" الملقب بـ"أبو عبدالرحمن الشامي"، أصدر قرارات بحق عناصر ومجموعات قيل إنها أطلقت النار بشكل عشوائي، وتوعد بمحاسبتهم، كما حصل في بلدة التح في ريف ادلب.

بيانات وقرارات رئيس الجناح الشرعي "أبو عبدالله الدمشقي"، كانت حاضرة بشكل شبه يومي، ومع كل تطور، وركز فيها على نصح عناصر "تحرير الشام" ودفعهم للتعامل بشكل سلس مع الأهالي في البلدات التي يدخلونها، ومعاملة أسرى الفصائل بشكل جيد.

واعتمدت "تحرير الشام" بشكل كبير على شيوخ العشائر العربية، والتجار المقربين منها في المفاوضات التي أجرتها مع الفصائل والفعاليات الشعبية والوجهاء، بدلاً من الاعتماد على الشخصيات الجهادية المستقلة كما جرت العادة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024