إيران تؤجل الأزمة النووية 3 أشهر..هل تكفي؟

المدن - عرب وعالم

الإثنين 2021/02/22
أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي في ختام زيارته لطهران، التوصل إلى "حل مؤقت" مع إيران لمدة ثلاثة أشهر يسمح بمواصلة عمليات تفتيش "مرضية"، رغم تقليص عمل المفتشين الدوليين اعتباراً من الثلاثاء.

وقال غروسي خلال مؤتمر صحافي مقتضب: "ستكون إمكانية الوصول (إلى المنشآت النووية) محدودة، دعونا نكون واقعيين، لكنه سيكون بإمكاننا الإبقاء على المستوى الضروري من المراقبة والتحقق"، مضيفاً أن "هذا ينقذ الوضع في الوقت الحاضر".

وأوضح غروسي أن "ما اتفقنا عليه هو شيء قابل للتطبيق ومفيد لجسر الهوة بيننا، وهذا ينقذ الوضع في الوقت الراهن"، مشيراً في الوقت ذاته، إلى القانون الذي أقره مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران، مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2021، والذي يلزم الحكومة بخطوات نووية، منها وقف العمل بالبروتوكول الإضافي، قائلاً إن "هذا القانون موجود وسينفذ، ما يعني أن البروتوكول الإضافي للأسف سوف يعلّق".

وكانت الحكومة الإيرانية أكدت أنها ستوقف العمل بالبروتوكول الإضافي بسبب استمرار العقوبات الأميركية، غير أنها أوضحت أن الخطوة لا تعني قطع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وصباح الاثنين، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية خطيب زادة أن إيران ماضية في وقف العمل بالبروتوكول الإضافي. وقال في مؤتمر صحافي إن "الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية جاء في إطار قانون البرلمان"، لافتاً إلى أن الاتفاق "مكسب جيد في أبعاد دبلوماسية وفنية".

وأضاف أن أطراف الاتفاق النووي هي إيران ومجموعة "1+4"، قائلاً إن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد عضواً بالاتفاق، داعياً إياها إلى رفع العقوبات "لكي تشارك في المباحثات".

وقال رداً على سؤال حول دعوة الاتحاد الأوروبي إلى اجتماع لأطراف الاتفاق النووي بمشاركة الولايات المتحدة، إن بلاده "تدرس مشاركة أميركا كضيف" في الاجتماع، مؤكداً أنها "ليست عضواً في الاتفاق لتشارك في اجتماعاته".

في غضون ذلك، أصدر رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، بياناً مشتركاً مع غروسي حول نتائج زيارته، ورد فيه أن الهيئة الإيرانية أبلغت الوكالة أنها "ستوقف تنفيذ الإجراءات الطوعية، كما وردت في الاتفاق النووي، اعتباراً من 23 شباط/فبراير، التزاماً بالقانون المقر من قبل مجلس الشورى الإسلامي".

وسمّى البيان في ثلاث نقاط ما تم الاتفاق عليه خلال المباحثات مع غروسي، إذ ينص بنده الأول على أن "إيران ستستمر في التنفيذ الكامل ومن دون أي حدود لاتفاق الضمانات الشاملة كما كان في السابق". واتفاق الضمانات هو نظام تفتيش كجزء من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي تعتبر إيران عضواً فيها.

والبند الثاني يصرّح بالتوصل إلى "تفاهم تقني ثنائي مؤقت منسجم مع القانون، على أثره ستواصل الوكالة الدولية الأنشطة الضرورية للتحقق والرقابة". كما أن البند الثالث يؤكد على "المراجعة المنتظمة لهذا التفاهم المؤقت بهدف التأكد من تحقيق أهدافه".

إلا أن البند الثاني من البيان وتصريحات غروسي، أثارا تساؤلات حول مواصلة هذه الأنشطة التي يفترض أن تتوقف مع تعليق البروتوكول، وهو ما دفع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إلى إصدار بيان توضيحي فجر الإثنين، لشرح الملابسات، قالت فيه إن "المقصود من استمرار أنشطة التحقق والرقابة الضرورية في البند الثاني، هو كما جاء شرحه في ملحق الاتفاق، أن إيران ستحتفظ لمدة 3 أشهر بالمعلومات عن بعض الأنشطة، التي تسجلها أجهزة الرقابة في المنشآت، ولن يكون بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية الوصول إلى هذه المعلومات، وهي ستبقى حصراً عند إيران، لكن بعد 3 أشهر سيتم تسليمها إلى الوكالة في حال رفع العقوبات، واذا لم ترفع سيتم شطبها نهائياً".

وتجري الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) محاولات لإعادة إيران والولايات المتحدة إلى طاولة التفاوض النووية، لكن الشروط السابقة للحوار تعطّل المحاولة حتى اللحظة. وتوقّع تحليل لوكالة "رويترز" أن تواجه محاولات إحياء الاتفاق النووي الكثير من العقبات والتحديات.

وأبدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر من مرة إمكانية إجراء محادثات مع إيران بشأن عودة البلدين للالتزام بالاتفاق، كان آخرها، الخميس، حيث أعلنت استعدادها لإرسال مبعوثها الخاص، روب مالي، للقاء المسؤولين الإيرانيين ومناقشة كيفية التوصل إلى إحياء الاتفاق، لكنها تشترط بداية عودة طهران لاحترام كامل التزاماتها.

ويرى التحليل أن الرد الإيراني على الدعوة الأميركية كان متشدداً، عندما أكد وزير خارجية طهران محمد جواد ظريف، ضرورة رفع غير مشروط لكل العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وقال مسؤول أميركي ل"رويترز"، إنه لا يرى صعوبة كبيرة في تحديد كيفية إحياء الاتفاق، ولا فيمن يجب عليه أن يتخذ الخطوة الأولى. وأضاف "مسألة من يذهب أولاً... لا أعتقد أنها ستكون الأكثر صعوبة، لكن التحدي الأكبر ربما يتمثل في تحديد ما الذي يعنيه الامتثال، من وجهة نظر كل طرف".

وقال: "مثلاً العقوبات الأميركية التي يمكن رفعها والخطوات التي اتخذتها إيران لخرق الاتفاقية انتقاماً من انسحاب الولايات المتحدة، هل يمكن التراجع عنها كلها وكأنها لم تكن؟". فالجانب الإيراني يطالب الولايات المتحدة برفع كل العقوبات التي فرضها ترامب لكن الأمر ليس بهذه السهولة، وفقا للتحليل.

ويرى الخبراء أن بايدن سيجد أنه من المستحيل تلبية مطالب طهران برفع بعض العقوبات، لأنه سيُقابل بحملة من الانتقادات من الجمهوريين وربما من بعض الديمقراطيين أيضاً.

وقال المحلل هنري روم من مجموعة "أوراسيا" لرويترز: "هذه قضية حساسة للغاية من الناحية السياسية في الولايات المتحدة لأن عدداً منها (العقوبات) مرتبطة بالإرهاب"، مضيفاً أن الطرفين "سيحتاجان إلى الانخراط في عملية معقدة من التفاوض لتقرير ما هي العقوبات التي يمكن إزالتها والأخرى التي سيتم الإبقاء عليها".

هناك تحديات أخرى تشير إليها "رويترز"، منها ما يتعلق بدعم إيران لوكلاء إقليميين، والتي تتضمن من هم مشتبه بهم في تنفيذ عمليات ضد القوات الأميركية، مثلما يحدث في العراق، وهو ما يجعل من الصعب على واشنطن تقديم تنازلات لطهران.

من الناحية الأخرى، يشكل تراجع إيران عن سلسلة انتهاكاتها للاتفاق النووي، عائقاً إضافياً أمام العودة للاتفاق النووي. ومن أحدث إجراءات التراجع عن الالتزامات، بدء إجراءات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة.

لكن الأزمة تكمن في صعوبة التراجع عن الخبرات المكتسبة من البحث والتطوير لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي من شأنها أن تساعد إيران على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 90 في المئة، بحسب ما قال المحلل في معهد "بروكينغز" للأبحاث روبرت أينهورن ل"رويترز".

غير أن ما تواجهه إيران من اقتصاد هش بسبب العقوبات الأميركية، فضلاً عن وباء كورونا، يجعل الخيارات أمام طهران ضئيلة للغاية بخلاف التفاوض. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن "التحول في موقف واشنطن يمثل فرصة لإيران، لكن الطريق مليء بالعقبات". وأضاف "ما زلنا في موقف محفوف بالمصاعب"، و"إذا تجاهلت إيران تلك التحذيرات فسيكون هناك على الأرجح "رد فعل صارم للغاية".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024