بيروت..صورة نجاح زائفة تحاول إيران قمع حراكها

المدن - عرب وعالم

الجمعة 2019/11/08
من زاوية رؤية ضيقة، تبدو بيروت صورة للأناقة والنجاح، ومحلاتها الفرنسية والفنادق الفاخرة والسيارات المستوردة تمتزج مع سماء البحر الأبيض المتوسط، تقول وكالة "رويترز".

لكن مع توسيع زاوية النظر، وكما تحاول ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة أن تظهر، الرؤية التي تظهر هي وجود أمة تكافح عدم المساواة الشديدة، وفشل الخدمات الأساسية، وارتفاع معدلات البطالة والإحباط الشديد.

وتنقل "رويترز" في تقرير عن متظاهرين رؤيتهم للبنان. "لبنان هو فكرة جميلة. لكنها وهم. أنت تعتقد أنك في باريس، لكن إذا بحثت جيدا في المناطق ستجد الناس تموت في الطرقات".

على الورق، هناك العديد من الأسباب التي تجعلنا نتساءل كيف تمكن لبنان من الاستمرار لفترة طويلة. مع وجود 18 مجموعة طائفية معترف بها رسمياً، كانت السياسة منذ وقت طويل عملاً متوازناً دقيقاً. تغيير الولاءات يعرقل عملية صنع القرار، بينما تنتشر المحسوبية والزبائنية. الأعمال والسياسة هي شراكات عائلية.

وبحسب الوكالة، فوفقاً لقاعدة بيانات اللامساواة العالمية، يعدّ لبنان واحداً من أكثر البلدان "لامساواةً"، حيث يمتلك أغنى 1 في المئة من السكان حوالي ربع الدخل القومي والنصف السفلي يحصل على 10 في المئة فقط. على النقيض من ذلك، فإن أغنى 1 في المئة في الولايات المتحدة يملكون 20 في المئة من الدخل القومي.

وتضيف: "وسط بيروت مليء بمتاجر رانج روفر وهيرميس. يتميز برج الساعة الذي يعود تاريخه إلى ثلاثينيات القرن العشرين بواجهة من شركة رولكس السويسرية. ومع ذلك، فإن الاقتصاد ينكمش، حيث يبلغ الدين العام 150 في المنة من الناتج المحلي الإجمالي، والبطالة بين من هم تحت 35 عاماً تقترب من 40 في المئة".

الحراك الذي يشهده لبنان له أبعاده السياسية أيضاً، وسط وجود ولاءات سياسية خارجية بين الأحزاب اللبنانية، أوضحها انتماء "حزب الله" بشكل كامل لسلطة المرشد الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري.

وتقول مجلة "تايم" الأميركية: "لكن بينما يمكن للعراق ولبنان أن يقدما وعداً كبيراً إذا تعلم المحتجون من إخفاقات الماضي في المنطقة، فإنهم يمكن أن يثبتوا أنهم أكثر دموية في حالة وصول إيران إلى طريق التظاهرات".

للاحتجاجات في الشرق الأوسط التي ترسخت خلال العقد الماضي خصائصها الفريدة، لكن أوجه التشابه بين العراق ولبنان "استثنائية". كلاهما مجتمعان منقسمان للغاية خضعا لحروب أهلية طائفية مؤلمة. كلاهما له دساتير لتقاسم السلطة أو اتفاقيات سياسية تحاول الحفاظ على السلام من خلال تقسيم غنائم الدولة، وأدوار الحكومة والمناصب الإدارية، والمقاعد البرلمانية على أسس عرقية طائفية. لكن التشابه "الأكثر شؤماً" هو تدخل إيران المعروف في سياساتها الداخلية.

وتضيف "تايم" أن "الدعم المالي والسياسي والعسكري الإيراني لحزب الله اللبناني وللطبقة السياسية المهيمنة في بغداد من حزب الدعوة وإلى جماعة الحشد الشعبي المسلحة هو تهديد واضح للحراكات الشعبية".

لقد تعلم المتظاهرون من جماهير الربيع العربي السابقة استخدام أعدادهم الضخمة لحماية أنفسهم من قوات الأمن وعدم التخلي عن شبر واحد من ميدان التحرير في بغداد وساحة الشهداء في بيروت. يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لجذب الانتباه العالمي والحفاظ على دوران الكاميرات؛ وفي حالة العراقيين، يجدون وسائل بديلة لإيصال رسائلهم ومقاطع الفيديو إلى العالم عندما تغلق الحكومة الإنترنت. 

استخدم النشطاء العراقيون واللبنانيون رسائل غير طائفية وقومية لمقاومة الطرق الحالية لشغل المناصب السياسية. في العراق، تتضمن الشعارات مصطلح "أريد دولة"؛ في لبنان "كلن يعني كلن". لقد حمل كلاهما ملصقات تشير إلى الطائفية كمصدر للأمراض في بلديهما. إنهم يقاتلون بشكل متزايد ضد رسائل الحكومة الإيرانية ووسائل إعلامها المحلية، التي تقول إن المتظاهرين يحصلون على دعم من أجهزة الاستخبارات الغربية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024