السودان:العسكر يرتب الإنقلاب..والشارع يتحدى الحظر

عبدالرحيم أحمد

الجمعة 2019/04/12

يخيم الغموض على الدائرة الضيقة التي ترتب أوراق المجلس العسكري الانتقالي، حيث أعلن تأجيل الكشف عن أسماء أعضائه بغية إجراء مزيد من التشاورات، في وقت ينتظر السودانيون معرفة أسماء الأشخاص الذين سيقودون المرحلة الانتقالية.

وستعقد اللجنة السياسية العسكرية المكلفة من قبل المجلس العسكري الانتقالي لقاءً مع القوى السياسية، الجمعة، في حين تحتشد وسائل الإعلام الدولية والمحلية عند وزارة الدفاع لمعرفة ما ستعلن عنه اللجنة السياسية العسكرية.

وكان وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف قد أدى، في وقت متأخر الخميس، القسم رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، فيما أدى رئيس أركان الجيش السوداني كمال عبدالمعروف القسم نائباً له.


مشاهد القوة التي فرضها الجيش على البشير لم يكن لها ذلك الأثر شعبياً، إذ تحدى آلاف المحتجين حظر التجوال الذي فرضه الجيش برغم التهديد بمحاسبة من يخرقه، وواصلوا تحركهم مطالبين بتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية.

لحظة تاريخية
منذ فجر الخميس، والجميع كان يتحدث عن لحظة تاريخية. الجميع يتصل بالجميع على الهواتف، لإيقاظ النائمين من أجل ألا يفوتوا "هذه اللحظة التاريخية"، إذ كان الجيش قد أعلن سيطرته على الإذاعة الرسمية في أمدرمان لإلقاء بيان مهم، عرف الجميع قبل أن يسمعوه أنه إعلان عزل البشير.

مع شروق الشمس، الجميع كان في لحظة تأهب. نزل الناس إلى الشوارع محتفلين. الهتافات لم تتغير "حرية، سلام، عدالة.. الثورة خيار الشعب"، وكأنهم كانوا يشعرون بما سيتلوه الجيش بعد ساعات.

تأخر موعد إلقاء القوات المسلحة لبيانها، تسبب في لغط كبير. "البشير هرب إلى السعودية"، قال أحدهم وانتشر الخبر كالنار في الهشيم. "البشير وعائلته تحت الإقامة الجبرية" قال آخر، وهو ما سيؤكده لاحقاً بيان الجيش.

إلى جانب فرض الإقامة الجبرية على البشير، طال قرار الجيش، وفق أنباء ما تزال قيد التحقق بسبب عدم إفصاح السلطات عن أي معلومات إضافية، والي الخرطوم ووزير الدفاع الأسبق عبدالرحيم محمد حسين، رئيس الحزب الحاكم أحمد محمد هارون، علي عثمان محمد طه القيادي في الحزب الحاكم، مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني صلاح عبدالله قوش، وزير الصحة في ولاية الخرطوم مأمون حميدة.

العودة إلى الشارع
تجمع المهنيين السودانيين وقوى إعلان الحرية والتغيير، أبرز المنظمين للاحتجاجات الحالية، أصدرا بياناً يطالب بضرورة تسلم شخصية مدنية للمرحلة الانتقالية، بعيدة عن العسكر أو حاشية الرئيس المنقلب عليه.

وعليه، دعا تجمع المهنيين السودانيين، الذي بات "محرك الثورة السودانية" على حد وصف كثيرين، إلى الحفاظ على أماكنهم في الاعتصام المنعقد أمام القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، لكي لا تتكرر "مسرحية سقوط نظام المشير جعفر نميري قبل 30 عاماً"، ومنع "تكرار نفايات النظام السابق".

تلبية دعوة تجمع المهنيين السودانيين تخطى الخرطوم، لتدخل مدن عطبرة، كوستي، مدني، القضارف، كسلا، بورتسودان، نيالا، الأبيض، شندي والدمازين في اعتصام مفتوح بمشاركة الآلاف، لكن بصورة مفاجئة تحولت بعض تلك الوقفات إلى مواجهة مع الشرطة وقوات الجيش، خصوصاً في مدني وعطبرة، حيث قتل 13 مدنياً وأصيب عشرات آخرين، بعد لحظات فقط من بيان الجيش الذي قال إنه انقلب على البشير تلبية لمطالب الشعب.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024