ديرالزور: لماذا هاجم هويدي "الضبع" آبار العزبة النفطية؟

محمد محمد

الثلاثاء 2018/12/18
سيطر مسلحون محليون، الأسبوع الماضي، على آبار العزبة النفطية، من حقل الطابية، قرب المنطقة الصناعية على مدخل مدينة ديرالزور الشمالي، بعد مواجهات مع عناصر "قوات سوريا الديموقراطية" المدعومة أميركياً. ويأتي هذا النزاع في ظل التنافس للسيطرة على حقول ديرالزور، بين فصائل عسكرية تمثل العشائر العربية وبين "قسد"، للحصول على حصص من إيرادات النفط في المنطقة التي تشكل مركز ثقل القبائل العربية شرقي سوريا.

وهاجمت مجموعة من رجال عشائر بلدة خشام بينهم هويدي الضبع الملقب بـ"جوجو"، أحد المنتسبين لـ"قسد"، عناصر حراسة آبار نفط عزبة، في 11 كانون الأول/ديسمبر، وسيطرت على أغلب آبار المنطقة القريبة من معمل كونيكو للغاز في حقل الطابية. ودامت الاشتباكات المحدودة لساعات في محيط آبار العزبة. وبعد تحصن المسلحين الموالين لـ"قسد" والمنحدرين من عشيرة البكير داخل آبار العزبة، جرت مفاوضات أفضت إلى تسليم الحقل لمليشيا "قسد".

وتسيطر مليشيات "قسد" منذ العام 2017 على 80 في المائة من حقول ديرالزور المنتشرة في الجزيرة؛ كونيكو والعزبة والجفرة والعمر والتنك والجيدو وغيرها، بينما تسيطر قوات النظام على حقول التيم والخراطة والورد على ضفة الفرات الشامية.

المفاوضات التي جرت في حقل العمر النفطي، أفضت إلى اتفاق بين رجال عشائر بلدة خشام وقيادات في "قسد"، وجرت برعاية "التحالف الدولي". وتم حل الخلاف عن طريق تحديد نسبة معينة يحصل عليها رجال عشائر خشام، لوقف الاحتجاجات والمواجهات. وخصصت "قسد" ألف برميل نفط يومياً لأهالي البلدة من آبار منطقتهم، كي يتاجروا بها، في حين تبقى الحقول الكبيرة بعيدة المنال بسبب انتشار قوات "التحالف" فيها.

وكان من المتوقع مع نشوب الخلاف بين الجانبين، أن يقمع عناصر"قسد" هذا التحرك بشدة، الأمر الذي لم يحدث، لأن هذه المنطقة تنتشر فيها عشيرة البكير، التي ينحدر منها قائد "المجلس العسكري في ديرالزور" أحمد الخبيل "أبو خولة"، وكذلك "الضبع" الذي لديه 30 عنصراً ضمن "المجلس العسكري في ديرالزور".

هذه المجموعات العشائرية المسلحة من منطقة خشام، كان قد انضم قسم منها سابقاً، بشكل كتلة موحدة إلى "قسد"، فأمست صاحبة وزن نسبي فيها، ويشكلون إلى جانب أقاربهم من عائلة الخبيل، نواة "مجلس دير الزور العسكري". ولهذا يعود اختلاف تعامل "قسد" مع احتجاجات الأهالي من أبناء العشائر في محيط العزبة، عما هو الحال في منطقة الخابور.

ويُرجع الأهالي سبب انتفاض رجال العشائر ضد "قسد" ومحاولتهم السيطرة على آبار النفط في حقل العزبة، إلى تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة. في حين نشحن "وحدات حماية الشعب" الكردية، كبرى مليشيات "قسد"، النفط من حقول ديرالزور بالصهاريج باتجاه الحسكة، وتبيعه للنظام عبر مندوبين، وتصل الصهاريج إلى حماة وحمص بعد عبور نهر الفرات عبر سدّ تشرين في منبج وسد الفرات في الطبقة.

ويرى الأهالي أن حل الخلاف حول آبار العزبة، بشكل جذري، يكون عبر طرد قوات النظام من بلدات النازحين المقيمين على بعد بضع كيلومترات عن مناطقهم، خاصة من بلدة خشام. وكذلك، بإلغاء قرارات "قسد" بمنع الأهالي من العمل بتجارة المحروقات والنفط الخام، التي توفر مصدر رزق للأهالي. ويشير البعض إلى محاولة قيادة "قسد" المدعومة من "التحالف الدولي" إفقار السكان لإجبار الشبان على الانضمام إلى مليشياتها بهدف تأمين مصدر دخل لإعالة أهلهم.

وتنفى المصادر الأهلية أي دور محوري للضبع "جوجو" في ما حصل، وترى أن تصوير الوضع على ذلك النحو، هو محاولة لإعطاء مبرر لقوات "التحالف" من أجل اقتحام قرى العزبة ومعيزيلة وكشة وعظمان، التي تضم آلاف النازحين ممن دفعتهم الحاجة للمشاركة في طرد عناصر "قسد" من محيط الآبار.

مسلحو "مجلس ديرالزور العسكري" من عشيرة البكير ساندوا المنتفضين، وطالبوا بحصة من انتاج النفط، في حين شاركوا بقمع  انتفاضة الأهالي في منطقة شرقي الخابور بعد استيلاء "قسد" على آبار نفط السياد قرب بلدة الحريجي، خلال أيار/مايو، بعد اقتحام قرى السجر وطيب الفال وأبو النيتل، بحجة تسبب الأهالي باحتراق أحد الآبار.

وبرز اسم "الضبع"، منذ إندلاع الثورة السورية، بعد استغلاله الظروف وسيطرته مع أقاربه على الآبار ومعمل غاز "كونيكو". وتسبب الضبع، قبل سنوات، بمقتل أطفال خدج في مشفى ديرالزور بعد قطع الكهرباء عنها، إثر قطعه إمدادها بنحو 10 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً، كان يوفرها معمل كونيكو، لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية.

في مطلع العام 2014، اعتقلت "جبهة النصرة" الضبع، بعد خلاف حول "كونيكو". وبعد سيطرة التنظيم على المنطقة، التحق الضبع بـ"النصرة"، قبل أن يختفي. ثم ظهر في المعارك إلى جانب "قسد" في أيلول/سبتمبر 2017، لكن "قسد" عادت واعتقلته قبل شهور بسجن بلدة البصيرة، ما دفع أقاربه في "مجلس ديرالزور" وخارجه، لمهاجمة السجن وتحرير السجناء وبينهم "الضبع".

وكانت فصائل الجيش الحر قد سيطرت بالشراكة مع "جبهة النصرة" على هذه الحقول النفطية، حتى نيسان/أبريل 2014، حين هزمهما تنظيم "داعش" في معركة مركدة على الحدود الشمالية للمحافظة. وفتح ذلك الباب لـ"داعش" للاستيلاء على معظم حقول النفط السوري، وبينها العزبة والطابية "كونيكو" والجفرة، وكذلك الحقول شرقي الخابور.

وكانت حقول نفط محافظة ديرالزور تساهم بأكثر من ثلث إنتاج النفط السوري، ونفطها أجود من نفط حقول الحسكة. وأيضا كانت تساهم بثلث انتاج البلاد من الغاز، فيستطيع "كونيكو"، إنتاج ما يصل إلى مليوني متر مكعب في اليوم، وفق تصريحات إعلامية لممثل شركة الغاز السورية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024