"تحرير الشام" ترفض تحكيم الشريعة..إدلب تُدار بالسياسة

خالد الخطيب

الإثنين 2021/09/20
تتمسك هيئة تحرير الشام بحملتها الأمنية ضد تنظيم "حراس الدين" التابع لتنظيم القاعدة، والمتواجد في إدلب، متجاهلة الدعوة التي وجهها زعيم التنظيم أبو همام الشامي منتصف أيلول/سبتمبر لحل الخلافات بينهما.

واعتقل الجهاز الأمني التابع لتحرير الشام أسامة الكرار أحد قادة حراس الدين خلال عملية دهم استهدفت منزله في أحد أحياء مدينة إدلب.

وقالت مصادر متطابقة في إدلب ل"المدن"، إن "دورية لعناصر الجهاز الأمني التابع لتحرير الشام طوقوا موقع تواجد الكرار، وانهال عناصر الدورية على الكرار بالضرب بشكل مفاجئ وثم اعتقلوه برغم اعتزاله العمل مع التنظيم منذ مدة".

وعملت تحرير الشام خلال الأيام القليلة الماضية على نقل معتقلي التنظيمات المناهضة لها من سجونها في ريف إدلب وبشكل خاص من الريف الجنوبي إلى سجون أنشأتها حديثاً في المنطقة القريبة من معبر باب الهوى الحدودي شمالي إدلب. واستنفر جهازها الأمني عناصره ونشر المزيد من الحواجز الأمنية على الطريق الرئيسية والفرعية داخل إدلب وفي ريفها.

وبدت تحركات تحرير الشام الأخيرة كتعبير عملي عن قرار رفض الدعوة التي وجهها زعيم تنظيم حراس الدين أبو همام الشامي لقيادة تحرير الشام، بأن يتم حل الخلاف معها عن طريق تحكيم الشريعة وأن يتصدر لحل الخلاف السلفي المعروف أبو قتادة الفلسطيني.

وقال أبو همام في بيان الدعوة الذي نشره التنظيم في تلغرام، "إننا نطالبهم بقضاء مستقل محايد يرتضيه الطرفان للنظر في حال إخواننا الأسرى، وحل ما بيننا من خلاف وما صادروه من ممتلكات ومقدرات، وماهم مستمرون به من اعتقالات للمجاهدين".

ويبدو أن قيادة تحرير الشام أوكلت مهمة الرد على دعوة زعيم الحراس لعضوي مجلس الشورى مظهر الويس والسلفي العراقي أبو ماريا القحطاني.

وقال القحطاني إن "أهل الأهواء لا ينفكون عن رفع شعارات المظلومية ونداءات تحكيم الشرع حسب أهوائهم". فيما قال الويس في تلغرام: "التحكيم الحقيقي للشرع يكون عبر الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية بالاعتصام وعدم شق الصف وإثارة الفتن في الجهات العسكرية والإدارية والمضي مع ما اصطلح عليه السواد الأعظم من المجاهدين والوجهاء ومع المشروع الإسلامي".

وأضاف "ليس من تحكيم الشريعة في شيء تدوير اسطوانات مشروخة تحت دعوى الحقوق المزعومة والمظلومية الكاذبة والتي لا تختلف عن دعاوى المنافقين في الهرولة نحو الشريعة عندما يظنون أنها تخدم أهواءهم".

وتعرض الويس والقحطاني لهجوم عنيف من السلفيين المناهضين لتحرير الشام بسبب موقفهم الرافض لدعوة تحكيم الشرع التي أطلقها زعيم حراس الدين لحل الخلافات وإيقاف الحملة الأمنية ضد عناصر وقادة التنظيم وإطلاق سراح معتقلي التنظيم.

وقال الباحث في الجماعات السلفية لدى مركز جسور للدراسات عباس شريفة إن "تحرير الشام تعرف نفسها اليوم بأنها السلطة في إدلب وعليه إن أي دعوة للتحكيم مع أحد التنظيمات السلفية المناهضة لها مرفوضة، لأنها لا تريد أن تبدو بصورة تنظيم يحل خلافه مع تنظيم آخر".

وأضاف "لذلك رأينا أن قرار رفضها لدعوة زعيم الحراس لم يصدر بشكل رسمي، إنما بشكل غير مباشر وعن طريق شخصيات بارزة في شورى تحرير الشام". وقال ل"المدن"، إن "قضية التحكيم عبر مرجعية سلفية سينتهي بحكم شرعي، بينما هي تريد حكماً سياسياً، بمعنى الاعتراف بسلطتها على المنطقة، واعتراف كل المناهضين لها بما فيهم حراس الدين بهذه السلطة والتسليم لها".

وأشار شريفة إلى أن "تحرير الشام ستواصل حملتها الأمنية ضد حراس الدين، ولكنها خلال هذه المرحلة ستركز على ثلاثة نقاط مهمة في حملتها، رصد وكشف مصادر تمويل حراس الدين وملاحقة مسؤولي التواصل مع قيادة القاعدة، الذين يكتبون الرسائل للقيادة الأم، إضافة إلى الكشف عن الخلايا العاملة خلف خطوط العدو، والتي تقوم بالعمليات في مناطق النظام كعملية تل السمن بداية العام 2021، والعملية الأخيرة للتنظيم في قلب دمشق منتصف العام".

وألمح شريفة إلى أن "دعوة زعيم الحراس جاءت منسجمة مع كلمة أيمن الظواهري زعيم القاعدة الأخيرة الذي نوه خلالها إلى تجاوزات تحرير الشام وتكلم فيها عن عمليات خلف خطوط العدو وباركها، كما جاءت الدعوة لإحراج تحرير الشام أمام جنودها الذين ربما يتعاطفون مع المظلومية التي يقدمها حراس الدين ويعملون على الترويج لها في الأوساط السلفية".

يبدو أن تحرير الشام في طريقها إلى الحرب على كل ما هو متصل بتنظيم القاعدة في إدلب، بما فيهم السلفيين المناهضين لها جماعات وأفراد، كما أن ملف عمليات خلف الخطوط التي طلب الظواهري من حراس الدين تكثيفها خلال الفترة القادمة، ضد النظام السوري على وجه الخصوص لا تعجب تحرير الشام.

وتحاول تحرير الشام الكشف عن العقل المدبر للعمليات خلف الخطوط والتوصل للمزيد من المعلومات حولها وذلك من خلال عمليات الاستجواب لقادة تنظيم الحراس الذين تعتقلهم، مستخدمة طرق ضغط وتعذيب متنوعة للحصول على المعلومات المطلوبة، وهو ما دفع مجموعة من قادة التنظيم المعتقلين في سجون تحرير الشام إلى الإضراب عن الطعام خلال النصف الأول من أيلول/سبتمبر.

من وجهة نظر تحرير الشام يجب أن يكون قرار مهاجمة النظام في الجبهات أو في داخل مناطق سيطرته صادراً عنها، هي من تقرر متى وأين سيكون وما هو حجم الهجوم وهدفه باعتبارها الجهة التي سوف تتحمل تبعات الانتقام المقابل، من ناحية التصدي للهجمات العسكرية أو توفير بدائل للمدنيين في حال قصد النظام الانتقام من قراهم.

وقال مصدر عسكري من تحرير الشام ل"المدن"، إنه "من السهل استهداف مناطق للعدو وتصوير إصدار ثم الانسحاب وترك المناطق المحررة وساكنيها ليواجهوا مصير مجهول وحملة انتقامية منظمة، هذا ما تفعله الجماعات المنفلتة ومن بينها حراس الدين".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024