ديرالزور: شروط "داعش" تعرقل خروج المدنيين من حويجة كاطع

محمد حسان

السبت 2017/11/04
تمكنت مليشيات النظام، خلال الساعات الـ48 الماضية، من السيطرة على معظم أحياء مدينة ديرالزور، باستثناء قسم صغير من حيي الرشدية والحويقة شمالي للمدينة، حيث ما زال عناصر "الدولة الإسلامية" يتمركزون فيهما.

سيطرة مليشيات النظام جاءت بعد معارك عنيفة مع التنظيم، استمرت لأيام، رافقها قصف جوي مكثف من طائرات حربية روسية، مهّدت للمليشيات الدخول إلى تلك الأحياء. وقام عناصر التنظيم المتواجدين داخل المدينة، بعمليات انسحاب متتالية على مدى الأيام الماضية، من أحياء المدينة الداخلية إلى حيي الرشدية والحويقة، وحويجة كاطع المجاورة لنهر الفرات.

وتسببت المعارك بين الطرفين، بمقتل وجرح أكثر من 50 عنصراً من مليشيات النظام، بينما خسر التنظيم أكثر من 40 عنصراً بين قتيل وجريح، معظمهم من العناصر المحلية، وما تزال المعارك مستمرة في حيي الحويقة والرشدية، آخر معاقل "الدولة الإسلامية" في المدينة.

مدير "شبكة ديرالزور 24" الإعلامية عمر أبو ليلى، قال لـ"المدن"، إن مليشيات النظام، قامت بعد دخولها إلى حيي الحميدية والعرضي، بتنفيذ عمليات إعدام ميدانية بحق مجموعة من المدنيين الذين لم يتمكنوا من المغادرة نتيجة القصف المكثف، ومنهم ثلاثة أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، من عائلة واحدة.

وأضاف أبو ليلى، أن مليشيات النظام قامت باعتقال عدد من العائلات في تلك الأحياء، وتم سوقها إلى جهات مجهولة، فيما لا يزال مصير كثيرين من المدنيين مجهولاً حتى اللحظة، بينهم جرحى تحت أنقاض المباني المدمرة نتيجة القصف.

وتهدف مليشيات النظام من تحركاتها العسكرية، إلى طرد التنظيم مما تبقى من أحياء المدينة، لتتفرغ بشكل كلي لمعركة السيطرة على مدينة البوكمال، وقرى ريف ديرالزور الشرقي.

ويترافق تقدم مليشيات النظام، مع مفاوضات بين تنظيم "الدولة الإسلامية" و"قوات سوريا الديموقراطية"، بغرض السماح للمدنيين وعناصر التنظيم العالقين في الجزء المتبقي من ديرالزور، بالخروج إلى مناطق سيطرة "قسد" في بلدة الحسينية في ريف ديرالزور الغربي. ووافقت "قسد" على عملية الخروج إلى مناطق سيطرتها، مقابل تسليم عناصر "داعش" أنفسهم لها، شريطة الحفاظ على حياتهم، وعرضهم على محاكم قضائية لبحث مصيرهم، الأمر الذي يرفضه عناصر التنظيم حتى اللحظة.

ويفاوض "داعش" مع "قسد" كي تفتح طريقاً لعناصره بعد خروجهم من أحياء ديرالزور إلى مناطق سيطرته في البوكمال وقرى ريف ديرالزور الشرقي، الأمر الذي رفضته "قسد" بشكل مطلق، ما تسبب بعرقة خروج المدنيين الذين يتجمعون في حويجة قاطع، ويقدر عددهم بقرابة 500 شخص، معظمهم من النساء والأطفال وبينهم عدد من الجرحى.

ويعاني المدنيون العالقون في ما تبقى من أحياء مدينة ديرالزور، من ظروف صعبة للغاية، نتيجة نفاذ الطعام الذي كان بحوزتهم، بالإضافة إلى استمرار استهدافهم من قبل مليشيات النظام بقذائف المدفعية والهاون، ما تسبب بسقوط عدد من الجرحى.

ويتزامن تقدم مليشيات النظام في مدينة ديرالزور، مع معارك تخوضها ضد تنظيم "الدولة" في الجهة الجنوبية من مدينة البوكمال، بهدف التقدم والسيطرة على المدينة الاستراتيجية الواقعة على الحدود السورية العراقية. وتشن الطائرات الحربية الروسية عشرات الغارات يومياً على مناطق الاشتباكات، ومدينة البوكمال والقرى المحيطة بها، بالإضافة لاستهداف البوكمال بصواريخ باليستية من بوارج روسية متمركزة في البحر الأبيض المتوسط.

القصف الجوي والصاروخي الروسي تسبب بسقوط أكثر من 15 قتيلاً مدنياً في قرى السويعية والمراشدة من ريف البوكمال، وجرح ما لا يقل عن 20 آخرين، خلال الساعات الـ24 الماضية، بالإضافة إلى تدمير عشرات المنازل.

في الجهة الشمالية لنهر الفرات، تستمر "قسد" و"مجلس ديرالزور العسكري"، بدعم جوي من طيران "التحالف الدولي"، بالتقدم على حساب "داعش" في قرى ريف ديرالزور الشمالي والشرقي. وتمكنت "قسد" ليل الجمعة/السبت، من السيطرة على قرية جديد بكارة وأجزاء من قرية الصبحة في ريف ديرالزور الشرقي، وما تزال المعارك مستمرة بين الطرفين في الجهة الشرقية من قرية الصبحة وأطراف قرية الدحلة.

وتهدف "قسد" من تحركاتها العسكرية، إلى التقدم شرقاً للسيطرة على مدينة البصيرة، كبرى مدن ريف ديرالزور الشرقي شمالي نهر الفرات، والسير بمحاذاة النهر لطرد التنظيم، ومنع أية عمليات هجومية تستهدف خطوط إمدادها المارة من البادية الشمالية لتلك القرى، والواصلة إلى حقلي العمر والتنك النفطيين.

المعارك الأخيرة في ديرالزور كشفت انهياراً غير مسبوق لـ"الدولة الإسلامية"، الذي يقوم بعمليات انسحاب متتالية من مناطق سيطرته في المحافظة، تاركاً وراءه مستودعات مليئة بالأسلحة والمعدات للقوى التي تهاجمه، كما حدث في مدينة الميادين وأحياء مدينة ديرالزور.

ويرى البعض أن هروب عناصر التنظيم المحلية والأجنبية، وسياسة الأرض المحروقة التي تتبعها القوى المهاجمة من قصف جوي وصاروخي، وغياب تكافؤ القوى، هي أسباب في خسائر التنظيم المتتالية في ديرالزور، فيما يرى أخرون أن التنظيم أتم مهمّته التي خلق من أجلها في سوريا، بانتظار رؤيته في أماكن أخرى.

ويشهد التنظيم منذ شهور عمليات فرار كبيرة لعناصره، إلى مناطق سيطرة "قسد"، خاصة العناصر المحلية، بسبب تهاون "قسد" معهم وغياب أي لوائح إسمية لمقاتلي التنظيم، ما يجعل من فرص تهربهم من أي ملاحقة قانونية وقضائية، كبيرة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024