دوما ما بعد اتفاق "التسوية": فلتان أمني..وخوف من المستقبل

عمار حمو

السبت 2018/04/14
التحق مئات المدنيين بالدفعة الثامنة من قوافل "التهجير القسري" التي غادرت مدينة دوما في الغوطة الشرقية، متجهة إلى جرابلس، مساء الجمعة، خوفاً من الانفلات الأمني التي شهدته المدينة عقب سيطرة النظام عليها، وقيام مليشيات النظام بعمليات سلب ونهب واعتداء بحق المدنيين.

وانطلقت 100 حافلة، ضمن القافلة الثامنة، تقلّ نحو 5000 مدني من مدينة دوما، بعد توقف لمدة 10 ساعات، ريثما تم تجميع الحافلات. مصدر على متن إحدى الحافلات قال لـ"المدن"، إن "أعداد المهجرين في هذه الدفعة يعدّ كبيراً مقارنة بالدفعات التي سبقتها، ويعود ذلك إلى حالة الهلع بين صفوف المدنيين، ممن كانوا يرغبون في البقاء، بعد الانتهاكات التي حدثت بحقهم".

ومدينة دوما هي آخر ضحايا "التهجير القسري" في الغوطة الشرقية، وتجاوز عدد المهجرين منها 30 ألف شخص بينهم قادة وعناصر من "جيش الإسلام". وتم الاتفاق بين "جيش الإسلام" والجانب الروسي على "تسوية" تقضي بخروجهم في 8 نيسان/أبريل، بعد استهداف المدينة بالسلاح الكيماوي.

وتشهد مدينة دوما حالة انفلات أمني وفوضى، منذ توقيع اتفاق بين "جيش الإسلام" والجانب الروسي، وكان آخرها عمليات سلب ونهب واعتداء على المدنيين نفّذها عناصر من قوات "حفظ النظام" التابعة للنظام، خلال اليومين الماضيين، بعد خروج أغلب قادة وعناصر "جيش الإسلام" من المدينة. مصدر محلي، أكد لـ"المدن"، وقوع حالات سلب ونهب لممتلكات المدنيين على يد عناصر النظام، وسط "تهديد بقوة السلاح لسلب أموالهم وحليّ نسائهن".

وأضاف المصدر أن "عمليات السلب كانت على أطراف المدينة، فيما لم تسجل وسط المدينة وأحيائها مثل تلك الحالات، ولكن الخوف من ازدياد تلك الحالات دفع بمئات المدنيين الذين لا يرغبون بالخروج إلى الالتحاق بحافلات التهجير وعزوفهم عن البقاء".

ومن المفترض أن تخرج قافلة، تاسعة، جديدة تقلّ مهجرين من مدينة دوما إلى ريف حلب الشمالي، السبت، لتكون خاتمة عمليات التهجير القسري من دوما، بحسب ما ذكر مصدر محلي لـ"المدن". بنود الاتفاق لا تحدد موعداً لتوقف إخراج المدنيين، فالعملية مستمرة حتى خروج آخر شخص يرغب بمغادرة المدينة إلى الشمال.

وبعد عمليات "التعفيش"، حذرت شخصيات من مدينة دوما من خطورة عودة شبان المدينة إلى حمل السلاح، ردّاً على الانتهاكات بحقهم، وهو ما دفع شخصيات من "لجنة المصالحة" من أبناء دوما المحسوبة على النظام، إلى إرسال "تطمينات" للمدنيين بعدم تكرار الحوادث وأن ما حصل هو "انتهاكات فردية تم القبض على مرتكبيها وتسليمهم إلى الجهات المختصة". وفي تسجيل صوتي لأحد رجال "لجنة المصالحة"، قال إن رئيس بلدية دوما السابق راتب عدس، تحرك مع 250 عنصراً من "قوات حفظ النظام"، الجمعة، إلى مدينة دوما لتأمين مداخل المدينة الخمسة. وبحسب التسجيل، فإن المسؤولين عن عمليات "التعفيش" من القوات الرديفة أي "مليشيات النظام"، وبعد الحادثة ستتراجع تلك القوات لمسافة كيلومتر واحد عن نقاطها حول المدينة.

ومن المفترض أن تبدأ عمليات "التسوية" لأهالي مدينة دوما، الأحد، بعدما تم تقسيم مدينة دوما إلى 4 قطاعات، وفرز 25 شخصاً لمتابعة إجراءات "التسوية" في كل قطاع إلى جانب لجان الأحياء، على أن تكتمل عمليات "التسوية" في غضون 15 يوماً، لأكثر من 90 ألف نسمة، هم من تبقوا في المدينة.

وعلى صعيد الأمن الداخلي، تتحمل الشرطة العسكرية الروسية مسؤولية حفظ الأمن وسلامة المدنيين، بحسب الاتفاق بين الجانب الروسي و"جيش الإسلام". وبعد وقوع انتهاكات بحق المدنيين، عززت الشرطة الروسية من وجودها داخل المدينة. وقال مصدر محلي في المدينة لـ"المدن"، إنه بدأ العمل على تشكيل لجان شعبية من شبان المدينة تعمل تحت إمرة الروس للحفاظ على أمن المدينة.

مصدر آخر قال لـ"المدن"، إن تشكيل لجان شعبية لحفظ أمن المدينة كان مطروحاً في المفاوضات الأولى بين "جيش الإسلام" والجانب الروسي، ولكن الاتفاق الموقع بين الطرفين لم يتضمن هذا البند، واستعيض عنه بتوكيل الشرطة الروسية بحفظ الأمن الداخلي، ولكن الفلتان الأمني وتخوف أهالي دوما بمن فيهم رجال "المصالحة" المحسوبين على النظام، دفع الروس إلى تفعيل هذا البند.

بعد ما يزيد من خمس سنوات على خروج مدينة دوما عن سيطرة النظام، يتخوف المدنيون من القبضة الأمنية للنظام عليها، وارتكاب انتهاكات بحق المدنيين فيها كما حصل في كلّ المناطق التي عادت إلى سيطرته. مصدر محلي قال لـ"المدن": "عادت دوما إلى بدايات الثورة السورية، ورجعنا إلى الخوف من المداهمات والاعتقالات، فضلاً عن الخوف من وقوع أعمال انتقامية بحقّنا".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024