ماذا وراء انشقاق طلال سلو عن "قسد"؟

عدنان الحسين

الأربعاء 2017/11/15
أكدت مصادر من فصائل "درع الفرات" في ريف حلب الشمالي، لـ"المدن"، انشقاق المتحدث الرسمي باسم "قوات سوريا الديموقراطية" العقيد طلال سلو، صباح الأربعاء، ووصوله إلى تركيا قادماً من مدينة جرابلس.

سلو أكد انشقاقه، وقال من منطقة الحدود السورية التركية، إنه بين "أصدقائه السوريين والأتراك".

وقالت المصادر لـ"المدن"، إن العقيد سلو، وصل في الساعة السادسة صباحاً إلى الحاجز الأخير لـ"سوريا الديموقراطية" في قرية عون الدادت شمالي مدينة منبج بـ15 كيلومتراً، مستقلاً سيارته الخاصة، ومعه سلاحه الشخصي. ويقابل حاجز "قسد" في عون الدادات، حاجز لـ"لواء الشمال" التابع للمعارضة في "درع الفرات"، وعلى بعد كيلومتر واحد منه.

وعند وصول سلو إلى حاجز "قسد" الأخير، قام بجولة سريعة على نقاط تماس "قسد" مع قوات الجيش الحر، والتي يفصل بينها نهر الساجور، ثم توجه لأقرب نقطة تماس قرب حاجز عون الدادات، لينطلق بسيارته باتجاه حاجز "لواء الشمال"، حيث كانت بانتظاره مجموعة أمنية تتبع للجيش الحر، ساهمت وانجحت عملية انشقاقه. مصادر "المدن" أكدت وجود مجموعة تتبع للاستخبارات التركية، قامت على الفور، بنقل سلو إلى مدينة جرابلس شرقي حلب، ومن ثم إلى تركيا.


(وصول سيارة سلو إلى حاجز "لواء الشمال")

ولم يكن عناصر الحاجز الأخير لـ"قسد" يتوقعون انشقاق سلو، باتجاه مناطق الجيش الحر، خاصة أنه المتحدث باسم "قسد"، وكان قد رُفّعَ إلى رتبة عميد، مؤخراً. ولم يكن بصحبة سلو، سوى بضعة مرافقين، ممن قدموا معه، وهم من المجموعة الأمنية التي أمنت انشقاقه. وتمكن سلو، بسهولة، من الوصول لمناطق الجيش الحر، بسيارته "تويوتا" المصفحة.

العقيد سلو، كان مقدماً في صفوف قوات النظام، قبل أن يُسجن لعامين، ويطلق سراحه ويتم تسريحه في العام 2006. ومُنح رتبة لواء فخرية في بداية الثورة، وهو ينحدر من بلدة الراعي من ريف حلب الشمالي. سلو تركماني الأصل، وكان قائداً لـ"لواء السلاجقة" المكون من التركمان السوريين والذي كان يتلقى دعماً كاملاً من تركيا في العام 2013. وبعد سيطرة "الدولة الإسلامية" على بلدة الراعي، مطلع العام 2014، اعتقلته "داعش" ليوم واحد، ثم اطلقت سراحه، ليتم تهريبه إلى تركيا. وهناك تواصلت معه "قوات سوريا الديموقراطية"، لينضم باسم "لواء السلاجقة" إليها، وكي يصبح المتحدث الرسمي باسمها.

ويقيم اثنان من أبناء سلو، الثلاثة، في تركيا، وتقيم زوجته وابنه الأصغر في السعودية. وبحسب تصريحات سابقة لسلو، فقد تخوّف على مصير ابنائه في تركيا، بعدما حصلوا على منحة دراسية تركية قبل أن تُسحب منهم لاحقاً. ويعتقد أن وجود أبناء سلو في تركيا شكل ضغطاً مضاعفاً عليه لينشق عن "قسد".

ويعتبر كثيرون أن تحالف "قوات سوريا الديموقراطية"، الذي تُشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية عموده الفقري، تحالف هش، تشكّل على وجه السرعة من واجهات ومكونات مختلفة، لم تمنع أبداً من استمرار هيمنة "وحدات الحماية" عليه، وهي الجناح العسكري لحزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي، الفرع السوري لحزب "العمال الكردستاني"، ألد أعداء أنقرة.

تعيين "قسد" لمسؤول الإعلام في حزب "الإتحاد الديموقراطي" مصطفى بالي، كمدير للمكتب الإعلامي لـ"قسد"، مؤخراً، كان قد ساهم في تهميش دور العقيد سلو، بشكل كبير، وسرت أنباء نقلاً عن مقربين منه، عن سوء معاملة قيادات "قسد" له، وعدم اخباره بالتحركات العسكرية إلا في أوقات متأخرة، كما نُقل عنه أن قيادة "قسد" سلّمته معلومات غير صحيحة، غير مرة، ليدلي بها لوسائل الإعلام.

تهميش سلو تواصل، ولم يعد يُدعى للاجتماعات مع المبعوثين والضباط الأميركيين في مناطق "الإدارة الذاتية" في الشمال السوري.

مصدر معارض قال لـ"المدن" إن طلال سلو، ومنذ تشكيل "قسد"، انتسب إليها بطلب من جهات تركية، للحصول على معلومات منها وفهم التركيبة والخطط التي تعمل عليها الولايات المتحدة في الشمال السوري. وحينما تم تهميشه، بشكل كامل، عملت تلك الجهات على سحبه من مناطق "قسد" حفاظاً على حياته. ولم تتمكن "المدن" من التحقق من صحة هذه المعلومات من مصدر مستقل.

ويعتبر انشقاق سلو ضربة قوية لـ"قسد"، كصاحب أعلى رتبة ينشق عنها. وسبقه انشقاق "لواء التحرير" بقيادة عبدالكريم العبيد، الملقب بأبو محمد كفرزيتا، والذي كان يشغل منصب مسؤول العلاقات الخارجية في "قسد"، بسبب ما قال حينها، إنه التهميش والعنصرية والتحكم بكافة قرارات "قسد" من قبل "الوحدات" الكردية.

وتتعرض القوات العربية في "قسد"، لتضييق مستمر، وحملات اعتقال بحق قياداتها وعناصرها، بشكل متكرر، بحجة "مكافحة الإرهاب". وليس للقوات العربية والتركمانية في "قسد" سوى صلاحيات محدودة، إذ تُمنعُ من التجول في مناطق "قسد"، عموماً، إلا بـ"مهام رسمية"، على عكس القوات الكردية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024