لماذا زار "النمر" مدينة الصنمين؟

خالد الزعبي

الأربعاء 2018/07/11
وصلت مليشيا "قوات النمر" إلى مدينة الصنمين وانتشرت فيها بشكل مكثف، بعد زيارات لقائدها سهيل الحسن، اﻹثنين والثلاثاء، إلى مقر "الفرقة التاسعة" في المدينة. ويتزامن ذلك، مع اجتماعات تعقدها وفود من بلدات ومدن درعا مع ضباط روس من "مركز المصالحة" في بصرى الشام، وسط انقسام شعبي تجاه "المصالحة".  

مصدر من الصنمين، قال لـ"المدن"، إن عناصر سهيل الحسن يتواجدون بأعداد كبيرة في المدينة، بعدما دخلتها أكثر من 40 سيارة دفع رباعي بعضها مزود برشاشات، و6 مدافع ميدانية تم نشرها في محيط "الفرقة التاسعة" وداخلها. وأقامت تلك القوات حواجز عسكرية بدأت بعمليات تدقيق وتفتيش للمارة، مع تحليق مكثف وعلى ارتفاع منخفض للطيران الحربي والمروحي لأكثر من ساعتين.

المرجح أن سبب زيارة الحسن لـ"الفرقة التاسعة" هو للتفاوض مع المعارضة في منطقة الجيدور، لتسليم تل الحارة في القطاع الشمالي، أحد أهم اﻷهداف الروسية في المنطقة. وتعني السيطرة على تل الحارة، سقوط ريف القنيطرة اﻷوسط وباقي مناطق الريف الشمالي من درعا من خلال استهدافها بشكل مباشر من التل.

وبدأ "اﻷمن العسكري" في الصنمين بـ"تسوية أوضاع" الشبان المتخلفين عن الخدمة اﻹلزامية والمنشقين عن قوات النظام، في منطقة اللجاة، ومنحهم مهلة 6 شهور للإلتحاق بقطعاتهم العسكرية، أو اﻹنضمام إلى "الفيلق الخامس" الذي تشرف عليه روسيا.

وكان وفد من مدينة انخل يضم قيادات في المعارضة قد توجه إلى مدينة بصرى الشام للإجتماع مع الوفد الروسي هناك، في وقت انقسمت اﻵراء في المنطقة بين مؤيد للتفاوض وفق ما تمليه روسيا ومعارض له. مدن نوى وجاسم والحارة أعلنت رفض المفاوضات وهو ما يفسر إرسال النظام تعزيزات عسكرية إلى بلدة جدية القريبة من مدينة الحارة، مساء اﻹثنين.


(المصدر: LM)

وفي مدينة انخل اندلعت اشتباكات بين عناصر من "هيئة تحرير الشام" رافضين للتسليم ممن تمركزوا في تلول المطوق وخربة فادة بالقرب من المدينة، وبين عناصر من "ألوية مجاهدي حوران" من المؤيدين للتسليم. وتعود علاقة "ألوية مجاهدي حوران" بالنظام إلى العام 2016، وكان التنسيق يتم في "اللواء 15" شرقي انخل، من دون وساطات وبشكل مباشر. وأثمر التنسيق بين الطرفين في تلك الفترة إعادة اﻷهالي للمدينة بعد نزوحهم عنها لمدة تجاوزت السنتين. وكان عثمان السمير، المعروف بـ"أبو قاسم جدي"، قائد "مجاهدي حوران" قد اجتمع مع قوات النظام ﻷكثر من مرة، آخرها الثلاثاء. وتلقى بعض قادة "مجاهدي حوران" العلاج في مشافي النظام، ولعل أبرزهم غصاب العيد، شقيق والدة عثمان السمير، وأحد القادة العسكريين في انخل. وتلقى العيد العلاج قبل سنتين في مشفى اﻷسد الجامعي في دمشق، بتنسيق مع قائد "اﻷمن العسكري" في الجنوب وفيق الناصر.

ووافقت انخل وسملين والطيحة وعقربا وكفرناسج وكفرشمس على التسليم بعد مفاوضات مع الروس، ما يعني أن القسم اﻷكبر من المنطقة قد توصل ﻹتفاق، في حين أعطيت مهلة حتى الساعة 12، ظهر اﻷربعاء، لبقية المناطق كي تعلن عن موقفها من المفاوضات.

والموافقة تعني وصول قوات النظام إلى تل الحارة، و"تجنيب المنطقة القصف والدمار"، ورفض المفاوضات يعني أن الطائرات الروسية ستبدأ قصفاً مكثفاً للمنطقة ﻹجبار الرافضين على الموافقة.

وكانت روسيا قد قسمت الجنوب السوري إلى 6 قطاعات؛ اللجاة، والقطاع الشرقي من درعا، ومدينة درعا، والقطاع اﻷوسط، والقطاع الشمالي، وحوض اليرموك الذي يسيطر عليه تنظيم "الدولة"، وتمكنت من بسط سيطرتها على 4 منها. وبقي القطاع الشمالي وحوض اليرموك خارج سيطرتها، ويتوقع أن تصبح قوات النظام على تماس مباشر مع حوض اليرموك، اﻷربعاء، لبدء عملياتها العسكرية هناك.

وقال شهود عيان إن عنصراً من تنظيم "الدولة الإسلامية" فجّر نفسه بسيارة مفخخة بالقرب من "سرية زيزون" على الحدود السورية-اﻷردنية، مساء الثلاثاء، ما تسبب بمقتل وجرح أكثر من 20 عنصراً من قوات النظام وعناصر من الجيش الحر، باﻹضافة لمدنيين. وكان عناصر النظام قد وصلوا إلى المنطقة، اﻹثنين، تنفيذاً للإتفاق الأخير بين المعارضة والنظام القاضي بسيطرة النظام على كامل الشريط الحدودي مع اﻷردن.

وتبقى أرياف القنيطرة بإنتظار تسوية تضمن أمن إسرائيل، بحيث تكون مشابهة ﻹتفاق بيت جن في غوطة دمشق الغربية، يبقى فيها مقاتلو المعارضة من أبناء المنطقة من دون أي تواجد عسكري للنظام داخل حدود منطقة وقف إطلاق النار 1974، وهو ما أكده وزير الدفاع اﻹسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في تحذيره لقوات النظام من اﻹقتراب من المنطقة، بعد جولة قام بها على مرتفعات الجولان المحتلة.

المخاوف اﻹسرائيلية من الوجود اﻹيراني على الحدود فرضت بقاء قوات المعارضة وأبناء المنطقة، وهو ما يفسر رفض الروس تهجير عناصر المعارضة إلى الشمال السوري لمنع التغيير الديموغرافي ومنع أي تواجد إيراني في الجنوب.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024