الساروت شهيداً..

المدن - عرب وعالم

السبت 2019/06/08
توفي القيادي في "جيش العزة" عبدالباسط الساروت، الملقّب بـ"حارس الثورة السورية" بعد إصابته بجروح خطيرة خلال المعارك الدائرة بريف حماة الشمالي.

وأصيب الساروت في معركة تل ملح، شمالي حماة، بعد منتصف ليل الخميس/الجمعة، وتمَّ إسعافه على الفور إلى مستشفى ميداني بالقرب من خطوط الاشتباك، ومنه إلى أحد مشافي إدلب، ومن ثم نُقِلَ إلى أحد المشافي التركية، حيث توفي صباح السبت.

مرافق الساروت "خالد أبو علي"، كان قد قال لـ"وكالة ستيب" الإخبارية، إنه قد أصيب بنزيف حاد تمَّ إخضاعه لعملية جراحية فورية لمعالجة تمزّق الأوعية الدموية جرّاء الشظايا، بالإضافة لإصابته بكسور متعددة.

وتعرّض الساروت لإصابة بالبطن أدت الى نزيف تحت البريتوان، بالإضافة لثقوب بالمعدة، وكذلك بإصابة وعائية عظمية بالساعد والساق وتهشّم كبير بهما.

وظهر الساروت في شريطين مصورين عند تواجده على إحدى الجبهات، قبيل تعرضه للإصابة بساعات.

والساروت، من مواليد العام 1992، ابن عائلة نزحت من الجولان، واستقرت في حي البياضة في مدينة حمص. وكان حارس نادي الكرامة السوري، وحارس منتخب شباب سوريا. وأصبح مع بداية الثورة السورية أحد أبرز وجوهها الثورية.

وبرز الساروت كمنشد خلال سنوات الثورة الأولى ولقّب بـ"بلبل الثورة"، وتحولت هتافاته إلى أناشيد مثل "جنة يا وطنا".

ومع حصار حمص، وانتقال الثورة إلى طورها المسلح، بات الساروت قيادياً في "كتيبة شهداء البياضة"، وبعدها في "فيلق حمص".

حقد النظام على الساروت كان هائلاً، خاصة بعدما استقبل الساروت الفنانة فدوى سليمان في البياضة المحاصرة، وأنشدا سوية للثورة السورية. "اتحاد الكرة السوري" فصل الساروت ومنعه من لعب الكرة. ورصد النظام مليوني ليرة سورية، للقبض عليه. وحاول النظام السوري اغتياله 3 مرات على الأقل. وقتلت مليشيات النظام جميع أخوة الساروت؛ وليد في الخالدية 2011، ومحمد مطلع العام 2013، وأحمد وعبدالله في كانون الثاني 2014، وكذلك خاله محي الدين.

ويعتبر فيلم "العودة إلى حمص" من أشهر الأفلام التي ركزت على شخصية الساروت، وتحوله كأبرز العناصر التي قادت الحراك السلمي إلى حمله السلاح وقيادة الثورة في مدينته حمص بعد قمع النظام للمظاهرات السلمية. في الفيلم يظهر الساروت وهو يقول: "خسرنا أرواحا، وخسرنا بيوتا، وخسرنا ذكريات، لكن لن نخسر مطلبنا وهو الحرية".

كما أن الساروت بطل الفيلم الوثائقي "حارس الثورة عبدالباسط الساروت" من إنتاج قناة أورينت.

في نهاية عام 2014 وبعد خروجه مع مقاتلي المعارضة من مدينة حمص إلى ريفها، وفق إتفاق فك الحصار، سرت اشاعات عن مبايعة الساروت "بيعة قتال" لتنظيم "الدولة الإسلامية". وعلى الرغم من أن التنظيم لم يعلن ذلك الأمر، فقد لاحقت "جبهة النصرة" كتيبة الساروت في ريف حمص، واندلعت بينهما معارك متعددة.

أواخر آب 2015، ظهر الساروت في تسجيل مصور، أكد فيه عدم مبايعته لـ"داعش" ولا أي فصيل أو جبهة، وأن هدفه الأساسي هو إسقاط نظام الأسد فقط.

واضطر الساروت للذهاب إلى تركيا، هرباً من مطاردة "جبهة النصرة" التي كانت ترى في شعبيته خطراً عليها، وحاولت مراراً استقطابه لصفوفها. وبعد عودته من تركيا مثل الساروت أمام "المحكمة الشرعية" التابعة لـ"جيش الفتح" الذي كانت "النصرة" أحد مكوناته. وبعد تثبت براءته، عاد الساروت كقائد ميداني.

في العام 2011، كتب أسامة محمد، في وصف الساروت، حارس المرمى، وهو ينشد للثورة: "حينَ يفتح الساروت ذراعيه على اتساعهما ويَفْرِد كفيّه… تستيقظُ ذاكرةُ الجَسَد… فيتذكر ضربةَ الجزاء". فهو "حارسُ المرمى… ذكاءٌ وحساسيّة ومرونة وريفلِكس. والسرعة والارتقاء والقراءةُ والتوقيت. وميزات أخرى، أصعَبُها الهدوء الشديد والانقضاضُ الخاطِف… وأهَمُّها اتخاذ القرار… في كل جزء من كل لحظة. لا يطيرُ الحارس لِيَلمسَ الكرة بطرف إصبعه لأنها كرةٌ مطاطيّة… لا أحدَ يَعْرفُ مُخَيّلَتَهُ".

"حين يبسط الساروت ذراعيه على اتساعهما ويفرد كفيّه يتَذَكَّرُ جَسَدُهُ ضربة الجزاء. هكذا، يقف في المرمى حارس شباب سوريا. وربما… حارس مرمى منتخب شباب الثورة".
"حين يفرد حارس المرمى ذراعيه وكفيه… يُغْلِقُ الفراغ. ويجعل المهاجمَ أمام خياراتٍ أصعبَ. تلك حركة الأُمَّهاتْ في الذودِ عن أبنائها".

"لم يكن عبدالباسط يَدري إذ يبسط ذراعيه… أنَّهُ يَحْرِسُ الهوى والهواء… أبوابَ حمص السباعَ وهودَ وعمرو. وإنشاءاتِها وبيّاضَتها ووعْرَها… أحياءها… وأمواتها".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024