الحمضيات السورية إلى روسيا..الطريق طويل والدفع ليس نقداً

مصطفى محمد

الإثنين 2020/11/30
قلّل اقتصاديون سوريون من أهمية العقود التجارية التي وقعها وفد تجاري روسي مع غرفة تجارة وصناعة طرطوس، حول تصدير الحمضيات والخضروات السورية إلى الأسواق الروسية.

وترجّح التوقعات أن الاتفاقية التي تنص على تصدير حوالي 700 حاوية من الحمضيات والخضار والفواكه إلى سوريا، وفق ما أعلن رئيس غرفة تجارة طرطوس مازن حماد، لن تُنفذ، نظراً للتجارب السابقة التي انتهت إلى الفشل، بسبب عدم ملائمة الحمضيات مع المعايير الروسية، إلى جانب طول طريق الشحن.

ولطالما حاول النظام السوري فتح السوق الروسية أمام الحمضيات التي تُنتج محلياً في الساحل السوري، لكن اعتماد التجار الروس على السوق التركية الأقرب أعاق هذه المحاولات.

وقال أستاذ إدارة الأعمال في جامعة ماردين التركية الدكتور عبد الناصر الجاسم إن نتائج التجارب السابقة لتصدير الحمضيات السورية إلى السوق الروسية لا زالت ماثلة في الأذهان، حيث تعرضت شحنة حمضيات سورية تم شحنها إلى روسيا بحراً قبل نحو عامين إلى التلف نتيجة الطريق الطويل. وأضاف ل"المدن"، "حتى إن سلمنا بأن الصفقة ستتم، فقيمتها لا تشكل قيمة مضافة لاقتصاد النظام المتهالك".

وأوضح أن الجانب السياسي يطغى على الصفقة، "فبعد ارتفاع الأصوات المنتقدة لاستحواذ روسيا على ثروات ومقدرات البلاد، جاء هذا الإعلان خدمة للمزاعم بوجود علاقات اقتصادية وتبادل تجاري تحكم علاقة روسيا بالنظام".

ومثل الجاسم، قلّل رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا أسامة القاضي من أهمية الإعلان عن الصفقة، قائلاً ل"المدن": "تشكل قيمة هذه الصفقة والصفقات السابقة إلى شبه جزيرة القرم، رقماً متواضعاً للغاية، ولا يمكن أن تسدّ هذه الأرقام حاجة سوريا من الطحين لأكثر من يومين".

وأضاف أن النظام يعتقد أن الإعلان عن هذه الصفقات على تواضعها مفيد من الناحية الإعلامية، لكن من الناحية العملية فهذه الصفقات مضرة كثيراً لشعبنا في الداخل، لأن تصدير أي مادة سيؤدي إلى ارتفاع سعرها أولاً، وثانياً لأن الروس لن يدفعوا ثمن هذه المواد، فعلى أحسن تقدير سيتم السداد بالعملة المحلية "الروبل"، هذا إن لم تقم روسيا باقتطاع الثمن مقابل جزء يسير من ديونها المستحقة على نظام الأسد.

مقايضة مع الروس أيضاً؟
في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن النظام السوري عن تفعيل نظام المقايضة التجارية مع إيران، بحيث يتم تصدير زيت الزيتون والعدس إلى إيران، مقابل استيراد كميات من زيت عبّاد الشمس.
توجه النظام إلى المقايضة يبدو مبرراً، نظراً لشح العملات الأجنبية في خزينته، فهل تدخل هذه الصفقة مع روسيا في النظام ذاته؟ يجيب الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي قائلاً: "حاول النظام تفعيل نظام المقايضة مع الروس سابقاً، ولم يتم تنفيذ أي اتفاق للآن". وأضاف ل"المدن"، "غالباً، الهدف من الإعلان عن هذه الاتفاقية، يأتي في إطار امتصاص غضب أهالي الساحل السوري الذين تضرروا من الحرائق الأخيرة، التي طالت مساحات واسعة".

وتابع قضيماتي أن الحرائق أدت إلى حالة احتقان وغضب واسع نتيجة لعدم استجابة النظام لإطفاء الحرائق، وكذلك لقلة التعويضات مقارنة بالخسائر، ولذلك التقت مصالح النظام وروسيا التي يعنيها أمر الساحل كثيراً، على امتصاص هذا الغضب من خلال الإعلان عن صفقة الحمضيات.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024