حمص: الشرطة الروسية تبيع المازوت بالسوق السوداء

أسامة أبوزيد

الأحد 2018/09/30
في ظل أزمة المحروقات في حمص، وجد عناصر من الشرطة العسكرية الروسية، المتمركزة في ريف حمص الشمالي، الفرصة سانحة لبيع مخصصاتهم من المازوت لتجار السوق السوداء.

وبات عدد من تجار المحروقات في الريف الشمالي يتزودون بالمازوت من سيارات للشرطة العسكرية الروسية، وفق شهادات الأهالي لـ"المدن". عناصر من الشرطة الروسية، وعلى مرأى من الأهالي، أفرغوا المازوت من سياراتهم في غالونات لتاجر محروقات من مدينة الرستن، شمالي حمص.

وأكد أحد تجار ريف حمص لـ"المدن"، أنه يتزود بالمازوت بشكل شبه يومي من سيارات الشرطة الروسية، بكمية تتراوح ما بين 80 إلى 150 لتراً، وبسعر 195 ليرة سورية (الدولار 450 ليرة) لليتر الواحد.

وأوضح التاجر أن بداية "العلاقة التجارية"، كما يحلو له وصفها، مع الشرطة الروسية، بدأت بعد تقرّبه من أحد عناصر الشرطة العسكرية الروسية، من أصول شيشانية، أثناء عبور التاجر المتكرر من حاجز للشرطة الروسية. وبحسب التاجر، فإن عدداً قليلاً من تجار المحروقات في الريف الشمالي يحصلون على المازوت بهذه الطريقة.

وأضاف التاجر، لـ"المدن"، أن العلاقة بدأت بتذمره وتشكيه المتكرر من قلة المحروقات، وطلبه من الشرطة الروسية، حدّ التوسل، تأمين المازوت، وحل مشكلة توفرها للأهالي في الريف الشمالي. ثمّ تطورت العلاقة إلى توفيره حاجيات ومتطلبات شخصية لعناصر الحاجز الروسي، ومقايضتها ببضعة لترات من المازوت، حتى وصل الأمر إلى "المال مقابل المازوت".

وهناك توجه لدى أهالي ريف حمص الشمالي، الذين فضلوا البقاء في مناطقهم بعد اتفاق "التسوية"، للتقرب من الشرطة العسكرية الروسية كونها "ضامن" الاتفاق، والحامي من انتقام المليشيات الشيعية الموالية للنظام التي كانت تتربص بالمنطقة.

أحد مقاتلي المعارضة السابقين من مدينة تلبيسة، ممن أجروا "تسوية أمنية" مع النظام في وقت سابق، قال لـ"المدن"، إن العلاقة التي تسود بين الشرطة الروسية وقياديي المعارضة السابقين في "جيش التوحيد"، سهّلت نشوء "العلاقة التجارية" وبيع المحروقات. و"جيش التوحيد" من أبرز فصائل المعارضة سابقاً التي "صالحت" النظام في ريف حمص الشمالي. اتفاق "المصالحة" في الريف اقتضى تسليم المنطقة للنظام، ودخول الشرطة العسكرية لحماية من تبقى، ومراقبة وضبط تنفيذ الاتفاق.

ويعتقد المقاتل السابق في صفوف المعارضة، أن السبب الذي دفع عناصر الشرطة الروسية لبيع المحروقات، هو حاجتهم لتأمين مستلزماتهم الشخصية، وتمويل مصاريف ترفيهية جانبية، لا تقدمها الخدمة العسكرية.

وعزا مسؤولو النظام في مدينة حمص، عبر وسائل الإعلام، أزمة المحروقات إلى "انتصارات الجيش"، وعودة تزويد ريف حمص الشمالي بالمحروقات بعد "تحريره"، من دون أن تزداد مخصصات حمص من المحروقات.

الشرطة العسكرية الروسية كانت قد دخلت ريف حمص الشمالي، للمرة الأولى، في مطلع أيار/مايو. ومنذ ذلك التاريخ، وصلت المحروقات إلى الريف، أربع مرات فقط، تزودت من خلالها محطات الوقود مرتين بالبنزين ومرتين بالمازوت. وقبل ذلك، خلال الحصار المديد للريف لسنوات، أثناء سيطرة المعارضة، كان التزود بالوقود يتم عبر طرق التهريب، من المناطق الموالية.

أزمة المحروقات في محطات الوقود في حمص، مشكلة قديمة/متجددة. لكن في آب/أغسطس، برزت المشكلة بشكل واضح ولم تجد حلاً لها بعد، مع طوابير السيارات التي تنتظر دورها في محطات الوقود. وزير النفط علي غانم، كان قد دشّن مؤخراً، مع محافظ حمص طلال البرازي، محطة تزويد بالوقود متنقلة، قرب مبنى المحافظة.

أجهزة النظام الأمنية في حمص، اعتقلت 29 شخصاً، بحوزتهم أكثر من 13 ألف ليتر من البنزين والمازوت، الخميس، ممن وصفوا بـ"المخالفين والمتلاعبين بالمحروقات"، وفقاً لوكالة "سانا". وتم الحجز على 6 سيارات، و7 دراجات نارية، كانت تستخدم في نقل المحروقات.

كما شهدت بلدات وقرى ريف حمص الشمالي، منتصف آب/أغسطس، حملة أمنية من قبل البلديات وقوات الشرطة لمصادرة "بسطات" بيع المحروقات، وضبطها.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024