موسكو تفخخ مسار جنيف عبر لجنة "إصلاحات دستورية"

منهل باريش

الإثنين 2018/01/29
نجحت المشاروات الدولية المكثفة في اقناع "الأمم المتحدة" بحضور اجتماع سوتشي، رغم الموقف الأميركي والفرنسي الرافض للمؤتمر. وكانت موسكو قد قدمت ضمانات بعدم معارضة مخرجات المؤتمر لمسار جنيف، ونقل لجان العمل التي سيتم التوافق عليها إلى اشراف الأمم المتحدة.

وتتجه موسكو إلى تشكيل 6 لجان أبرزها "اللجنة الرئاسية" و"اللجنة التنظيمية"، الأمر الذي يعني تحول "مؤتمر الحوار" إلى "جسد سياسي" مرتبط بموسكو مباشرة، ستحاول فرض وجوده كممثل لقسم واسع من "الشعب السوري" في مواجهة الهيئات السياسية للمعارضة وخصوصاً "الائتلاف الوطني"، بعد تمكنها من اختراق "الهيئة العليا للتفاوض" وازاحة من وصفتهم بالمتشددين منها بشكل نهائي وفرضها "منصة موسكو" وعدداً آخر من المستقلين المرتبطين بها كشركاء أساسيين مع باقي كيانات المعارضة.

وتعتبر "اللجنة الدستورية" أو "لجنة الإصلاحات الدستورية" كما ترغب موسكو بتسميتها هي اهم نتائج المؤتمر، والتي ستقوم بتقديم مقترحات تغيير دستور عام 2012 حسب الرؤية الروسية التي عبّر عنها رئئس "منصة موسكو" قدري جميل أكثر من مرة. والرؤية تتضمن ادخال تعديلات على منصب نائب الرئيس بحيث "يعين رئيس الجمهورية خمسة نواب، اثنان منهما للنظام، واثنان من المعارضة، ونائب مستقل بموافقة الطرفين"، وهو قطع طريق على مفهوم "هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية" بحسب بيان جنيف للعام 2012.

في السياق، علمت "المدن" أن نحو 120 معارضاً سياسياً وعسكرياً من المقيمين في تركيا  وافقوا على المشاركة في مؤتمر "الحوار الوطني السوري". وكانت أنقرة قد دعت إلى اجتماع للتشاور مع المعارضة من أجل حضور المؤتمر. ويعتبر "وفد القوى العسكرية للثورة" او مايعرف بـ"وفد أستانة" من أبرز المشاركين في "مؤتمر سوتشي"، بالإضافة إلى بعض المعارضين من "الائتلاف الوطني" بصفاتهم الشخصية، في حين رفض عدد كبير من القادة العسكريين حضور المؤتمر، وعلى رأسهم نائب رئيس أركان الجيش الحر العقيد هيثم عفيسي، والعقيد عبد الجبار العكيدي، وقادة "جيش ادلب الحر" و"جيش العزة" و"الفرقة الساحلية الأولى" وعدد من فصائل الشمال السوري. واشترط بعض من حضر اجتماع انقرة، الأحد والاثنين، وقف القصف الروسي على محافظة إدلب والغوطة الشرقية، وهو الأمر الذي رفضته موسكو مشترطة حضورهم إلى سوتشي أولاً.

وأعاد "جيش النصر" نشر قرار فصل بحق مسؤول العلاقات لديه النقيب مهند جنيد، حتى لا تُحسب مشاركته في سوتشي على أنها مشاركة رسمية من الجيش. وكان جنيد قد شارك في مؤتمرات أستانة السابقة، بصفته عضواً في "الوفد التقني العسكري" للمعارضة.

ويعتبر الرئيس السابق لأركان الجيش الحر العميد أحمد بري، أحد أبرز الوجوه العسكرية المشاركة في سوتشي، وهو رئيس الوفد السابق في جولات أستانة. وأعلن بري في كلمة  صوتية مسجلة أنه سيشارك في سوتشي، وقال: "كنت من الرافضين لسوتشي"، مضيفاً "وضعت في موقف شديد الحرج، ولكن اخذت موقفي لأن الاخوة الاتراك بحاجة منا لان نقف معهم"، مذكراً بـ"وقوف تركيا مع ثورة الشعب السوري وتحتضن ثلاث ملايين ونصف مليون لاجئ وتدعم الشعب السوري بالاغاثة والسلاح والجانب الإنساني"، رابطاً حضور سوتشي بـ"عملية عفرين والعلاقة الروسية التركية".

ويشارك من المعارضة السياسية الرئيس السابق لـ"الحكومة المؤقتة" أحمد طعمة، وهو الذي ترأس الوفد العسكري في "أستانة 8".

ووصل اكثر من 1300 عضو من مناطق سيطرة النظام، بحسب لوائح المدعوين، منهم نحو 140 عضواً من "حزب البعث العربي الاشتراكي"، بالإضافة إلى ممثلين عن "الجبهة الوطنية التقدمية" التي تصفها موسكو بـ"الجبهة المعارضة"، بالإضافة إلى ممثلين عن النقابات والاتحادات المرتبطة بـ"حزب البعث"، ورجال دين من مختلف الطوائف السورية وشيوخ عشائر.

وعن قرار "الهيئة العليا للتفاوض"، الذي اتخذ الخميس عشية انعقاد جولة مباحثات فيينا، قالت مصادر مقربة من قيادة "هيئة التفاوض"، لـ"المدن"، إن اتصالاً من جهة سعودية برئيس "الهيئة" طلب منه مقاطعة المؤتمر، الأمر الذي دفعه إلى عقد اجتماع للتصويت بعد مشاورة الجانب التركي الذي نصح بعدم اغضاب المملكة. واعتبرت مصادر "المدن" أن الروس سيقومون بتسوية قرار "الهيئة" بالمقاطعة مع السعودية، خصوصاً أن انقرة أعدت قائمة المدعوين من طرفها بعيداً عن "هيئة التفاوض" والائتلاف. وتشير المصادر إلى أن موافقة الأطراف المكونة لـ"هيئة التفاوض" بنتائج التصويت، تشير إلى تفاهم كبير بينها على قبول مخرجات سوتشي، رغم مقاطعتها.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024