كورونا سوريا يتحدى الإنكار الرسمي..وإقبال جنوني على المعقمات

نور عويتي

الخميس 2020/03/12
حالة من الرعب يعيشها المدنيون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في سوريا، خوفاً من تفشي وباء كورونا، وسط تكتم حكومة النظام على أي معلومات تفيد بتفشي الفيروس وتهرّبها من تحمل مسؤوليتها في حماية المدنيين؛ خاصةً بعد أن تم تأكيد انتشار الفيروس في سوريا، من خلال ما نشرته صحيفة "DAWN" عن اكتشاف السلطات الباكستانية تسع حالات جديدة لمصابين بفيروس كورونا من الوافدين الجدد إلى مطار كراتشي، ستة منهم كانوا متواجدين في سوريا قبل وصولهم إلى المطار. 

لكن النظام السوري لايزال مصمماً على النكران، فبعد أن قام المرصد السوري لحقوق الإنسان بنشر معلومات عن توثيقه 62 حالة لمصابين بفيروس كورونا في أربعة مدن سورية، دمشق وحمص واللاذقية وطرطوس، أصدرت وزارة الصحة السورية بياناً تنفي فيه تسجيل أي إصابة بالفيروس.

ووسط هذه المعلومات المتضاربة، يحاول المدنيون في سوريا وقاية أنفسهم عبر اتخاذ احتياطات أولية بسيطة، فهلعوا إلى الصيدليات لشراء المنظفات والمعقمات الطبية، لتزيد هذه الكارثة من معاناتهم الاقتصادية. 

وقال مصدر ل"المدن" يعمل في إحدى صيدليات العاصمة دمشق: "هناك طلب جنوني على المطهرات الطبية والكمامات وفيتامين سي والمنتجات الطبية التي تحتوي العسل؛ الذي يزيد من المناعة. وبسبب الحصار الاقتصادي الذي تعيشه سوريا، فهناك شح في المواد الأولية لصناعة تلك المنتجات الطبية، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير".

وأوضح أن "سعرالكمامة القماشية، التي زاد الطلب عليها رغم أنها لا تفيد في التحصين من مرض كورونا، يبلغ اليوم 3500 ليرة سورية، بينما كان سعرها قبل أسبوع 300 ليرة سورية. أما الكمامات الجديدة فهي نادرة جداً وغير متوفرة عند أغلب الموزعين، ووصل سعرها إلى 9500 ليرة، بعد أن كان سعرها قبل أيام لا يتجاوز 1000 ليرة".

ويضيف المصدر أنه "منذ أن بدأت أزمة كورونا وتوقف استيراد المواد الأولية من الصين، ومن بينها عكبر العسل، الذي يستخدم لصناعة سكاكر الحلق، التي زاد عليها الطلب أيضاً؛ توقفت بعض معامل الأدوية ذات الجودة العالية، وأصبحت هذه المواد محصورة بشركة "الإنتاجية" الحكومية؛ التي قامت باستغلال الموقف بدورها، وأصبحت لا تبيع هذا النوع من الأدوية إلا ضمن طلبيات كبيرة تتضمن أدوية لسنا بحاجتها". 

وتابع أنه "لا يتم بيعها للصيدليات إلا عن طريق المحسوبيات وشراء كميات كبيرة من الأدوية من تلك المعامل. وكذلك قاموا برفع سعر المطهرات رغم توافرها، فأصبح سعر عبوة مطهر اليدين 500 ليرة، بعد أن كان سعرها 250 ليرة الأسبوع الماضي، وزجاجة الكحول الطبية أصبح سعرها 2500 ليرة بعد أن كان سعرها 500 ليرة الأسبوع الماضي".

ولا تتعلق المشكلة بارتفاع الأسعار وحسب، وإنما بندرة هذه المواد، حيث يقول المصدر: "إن أغلب الموزعين  لم يعودوا قادرين على تأمين هذه المواد، ولاسيما أن بعض تجار المنتجات الطبية يفضلون تصدير هذه المواد للبنان ليضاعفوا أرباحهم، ولاسيما الكمامات؛ لتعجر معظم صيدليات دمشق اليوم عن تأمين حاجة الناس من الكمامات وبعض المستحضرات الوقائية".

وقد بدأت حالة من الذعر تتسرب إلى المواطنين في دمشق، بعد أن قامت مجموعة من الناشطين في الداخل بنشر قصص عن حالات إغماء شهدوها في شوارع العاصمة، ومن بينها ما ورد عن سقوط شاب مغمياً عليه في مقهى "الروضة" في شارع العابد في دمشق، بعد أن اجتاحته نوبة من السعال العنيف. 

وأكد مصدر ل"المدن" كان متواجداً في موقع الحدث الرواية، وقال: "تم الاتصال بالإسعاف حينها، وعندما وصلوا طمأنوا المتواجدين بأنه ليس هناك كورونا في سوريا، حتى قبل أن يفحصوا المريض. وبرروا ما حدث معه على أنه هبوط مفاجئ بضغط الدم نتيجة لتدخينه الأركيلة".  

يذكر أن وزارة الصحة لم تأخذ حتى الآن أي تدابير بخصوص الأماكن العامة التي تقدم الأركيلة، والتي تعد من أهم العوامل المساهمة بنقل المرض.

ومن ناحية أخرى، فإن بعض المدنيين الذين أصابتهم أعراض مشابهة لأعراض الكورونا بتخوفون من قصد المشافي العامة، على خلفية ما أشيع على وسائل التواصل الاجتماعي حول تصفية المدنيين الحاملين للفيروس قي تلك المشافي.

ويبدو أن ما يشاع على مواقع التواصل الاجتماعي ليس من وحي الخيال، حيث أفاد مصدر ل"المدن" بأنه تم نقل أخيه إلى مستشفى المواساة بشكل إسعافي منذ ما يقارب الأسبوع، إثر نوبة سعال حادة أصابته، وتم إدخاله إلى العناية المشددة وتشخيص حالته على أنها التهاب قصبات حاد. وفي اليوم التالي تم إعلام أهله بوفاته، ومنع أمن المشفى أهل المريض من رؤية الجثة أو أخذها لدفنها، لتترك هذه الإجراءات الغريبة الكثير من علامات الإستفهام.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024