عودة واشنطن للاتفاق النووي..ليست بهذه السهولة

المدن - عرب وعالم

الأربعاء 2020/11/18
قال وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إنه إذا أراد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن العودة إلى الاتفاق النووي فإيران ستعود فوراً إلى التزاماتها في الاتفاق.

وأضاف ظريف في حديث لصحيفة "إيران"، أن بلاده "لم تعارض التفاوض ولا تعارضه"، غير أنه قال إن ذلك "يمكن في إطار مجموعة 1+5"، أي بعد عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، إذ أشار إلى أن "الولايات المتحدة إذا أرادت أن تكون عضواً في الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب، فنحن مستعدون للتفاوض حول طريقة انضمام أميركا إليه".

وتوقع ظريف ظروفاً أفضل في عهد الرئيس الأميركي المقبل قائلاً: "إنني أتوقع أن الظروف بفضل من الله واستمرار المقاومة والإدراك الجيد للشعب الإيراني ستكون أفضل بكثير".

وخاطب ظريف بايدن قائلاً: "إذا أصبح السيد بايدن رئيس أميركا واستقر في البيت الأبيض يمكنه من خلال إصدار ثلاثة أوامر تنفيذية إلغاء جميع العقوبات، والقول إن الرئيس الأميركي المقبل لن يكون بمقدوره إلغاء هذه العقوبات مجرد كلام".

وتعليقاً على تقارير صحافية تقول إن عودة واشنطن في عهد بايدن إلى الاتفاق النووي ستكون مشروطة بعودة إيران أولاً إلى التزامات نووية أوقفتها، قال ظريف: إن "الذي يحدد الشرط هي إيران، حيث إنها والمجموعة 1+4 يجب أن تقبل بعودة أميركا إلى الاتفاق النووي".

يأتي ذلك في وقت يجري العمل في وزارة الخارجية الإسرائيلية على وضع إستراتيجية من أجل بدء اتصالات حول إيران مع إدارة بايدن، من أجل محاولة التأثير على مضامين أي اتفاق نووي جديد يتوقع أن يحاول بايدن التوصل إليه.

وذكر موقع "واللا" أن وزير الخارجية الإسرائيلية غابي أشكنازي قال خلال إحاطة مغلقة لأعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست: "لا نريد البقاء في الخارج مرة أخرى"، وإن على إسرائيل الامتناع عن تكرار أخطاء الماضي التي تسببت ببقائها معزولة فيما إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أجرت مفاوضات حول الاتفاق النووي عام 2015.

ونقل عضوا كنيست عن أشكنازي قوله خلال الاجتماع، إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تقدر أن إدارة بايدن ستنفذ وعد الرئيس في الانتخابات بمحاولة استئناف الاتفاق النووي، الذي انسحب منه ترامب. واعتبر أشكنازي أن مستشاري بايدن أيضاً يعلمون أنه كانت هناك نقاط ضعف في الاتفاق من العام 2015، وأنه ينبغي محاولة تصحيحها.

وقال مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى إن وزارة الخارجية شكلت فريقاً خاصاً، برئاسة أشكنازي، سيعمل على بلورة إستراتيجية حول كيف بإمكان إسرائيل البقاء في صورة المفاوضات المستقبلية بين الولايات المتحدة والدول الكبرى وبين إيران، وكيف سيكون بإمكانها التأثير على موقف إدارة بايدن في الموضوع ومضامين الاتفاق.

وتتخوف إسرائيل من فقدان كل المكتسبات التي حققتها في الملف الإيراني مع خروج ترامب من البيت الأبيض. وتقول صحيفة "واشنطن بوست" في مقال بعنوان: "حملة ترامب للضغط الأقصى على إيران على وشك أن تنتهي بالفشل"، إنه مع بقاء شهرين فقط في رئاسته ، لم يعد لدى ترامب الكثير لإظهاره بعد أربع سنوات من "الصقورية" المناهضة لإيران.

وتضيف أنه على عكس نبرة إدارته، فإن إعادة فرض العقوبات لم يعِد إيران إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق أكثر صرامة. كما أن حملة "الضغط الأقصى" لم تحدّ من نفوذ إيران وتدخلها في جوارها. يحافظ النظام على موطئ قدم له في اليمن والعراق ولبنان وسوريا من خلال وكلاء وحلفاء أصبحت مواقفهم في بعض الحالات أقوى الآن مما كانت عليه قبل بضع سنوات.

وتابعت: "أصبح من الواضح أن بعض مسؤولي إدارة ترامب المدفوعين أيديولوجياً ينظرون إلى الضغط الأقصى على أنه استراتيجية لانهيار النظام الديني في طهران في نهاية المطاف. ومع ذلك، لم يكن بوسعهم فعل الكثير حيث تم إخماد جولات الاحتجاجات الجماهيرية داخل إيران بوحشية من قبل القوات الحكومية. في غضون ذلك، عززت تكتيكات الضغط الأقصى التي تتبعها الولايات المتحدة من معسكر المتشددين في إيران قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل".

وبينما تسببت العقوبات الاقتصادية بألمٍ عميقٍ للاقتصاد الإيراني والإيرانيين العاديين، فقد أجبرت حكام إيران على استئناف بناء مخزونهم من اليورانيوم المخصب، والذي قد يتجاوز الآن 12 ضعفاً من المستوى الذي حدده الاتفاق النووي لعام 2015. إيران من الناحية النظرية أقرب الآن إلى صنع سلاح نووي مما كانت عليه عندما تولى ترامب منصبه.

من جهتها، ترى صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير بعنوان: "بايدن يريد العودة إلى الاتفاق النووي..لكن الأمر ليس سهلاً"، أن بايدن وعد بالتحرك بسرعة للانضمام إلى الاتفاق النووي مع إيران طالما عادت إيران أيضاً إلى الامتثال. لكن قول هذا الوعد أسهل من فعله.

وتضيف أنه "في حين أن تعهد بايدن أسعد الموقعين الآخرين على الصفقة، الذين كانوا غاضبين من انسحاب ترامب منه، فإن العودة إلى الطريقة التي كانت بها الأمور قد تكون مستحيلة، ومعقدة بسبب السياسات الإيرانية والأميركية.. ترامب، حتى لو كان بطة عرجاء، يتحرك بسرعة لزيادة العقوبات الأميركية ضد إيران وبيع أسلحة متطورة لأعدائها الإقليميين، وهي سياسات يصعب على رئيس جديد التراجع عنها".

من المتوقع أن تطالب إيران، حيث يواجه الرئيس حسن روحاني معارضة شديدة من المحافظين في الانتخابات المقرر إجراؤها في تموز/يونيو 2021، بثمن باهظ للعودة إلى الاتفاق، بما في ذلك الرفع الفوري للعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب وتعويضات بمليارات الدولارات. تلك هي المطالب التي من غير المرجح أن يلبيها بايدن، خاصة في ظل معارضة الكونغرس القوية.

وتضيف الصحيفة أن "إيران لديها بعض النفوذ. عندما تولى ترامب منصبه، كان لدى إيران ما يقرب من 102 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، والذي كان إنتاجه محدوداً بموجب اتفاقية عام 2015. قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي إن لدى إيران الآن أكثر من 2440 كيلوغراماً".

يعتقد البعض أن ترامب سيتخذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك المزيد من التخريب والهجمات الإلكترونية على برامج إيران النووية أو الصاروخية أو حتى العمل العسكري، والتي من المرجح أن تدعمها إسرائيل ومصر والحلفاء في الخليج.

ويقول مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والمؤيد منذ فترة طويلة لسياسة صارمة تجاه إيران: "لا أعتقد أن الإدارة انتهت من قضية إيران.. أعتقد أن الناس سوف يجرون بقوة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة ضد إيران، مع العلم أنه بعد كانون الثاني/يناير قد تكون هناك سياسة مختلفة تجاه إيران".

إذا كان من الممكن إعادة صياغة الاتفاق الإيراني، فقد قالت إيران إنها منفتحة على المحادثات بشأن قضايا أخرى، لا سيما المخاوف الإقليمية بشأن العراق وسوريا. لكن إيران رفضت حتى الآن وضع برنامجها الصاروخي على الطاولة، والذي يخضع بالفعل لعقوبات منفصلة من جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

المفتاح، كما هو الحال مع جميع السياسات الرئيسية في إيران، هو المرشد علي خامنئي (81 عاماً). هو يعتبر أميركا دولة محكوماً عليها بالفشل في "تدهور سياسي ومدني وأخلاقي". لقد وافق على الاتفاق النووي لأنه وعد بمزايا اقتصادية كبيرة من رفع العقوبات، والآن يبدو أنه ينظر إلى شكوكه بشأن الولايات المتحدة التي أكدها انسحاب ترامب من الاتفاقية. لكن مع التغيير في القيادة الأمريكية ، فإنه يرى مرة أخرى إمكانية تخفيف القيود الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة مجدداً.

ويقول كريم سجادبور من مؤسسة كارنيغي: "على الرغم من غطرسة خامنئي، فإن رئاسة بايدن تمثل فرصة وتحدياً لطهران.. الفرصة هي فرصة لتحسين اقتصاد البلاد المحتضر. التحدي هو أن طهران لن تكون قادرة بعد الآن على استخدام ترامب بشكل فعال كذريعة أو إلهاء لقمعها الداخلي وفشلها الاقتصادي وعدوانها الإقليمي".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024