درعا:"حزب الله" يُشرف على تدريب "فصائل التسوية"

قتيبة الحاج علي

السبت 2018/11/10
تواصل مليشيا "حزب الله" اللبنانية تغلغلها في الجنوب السوري، وسط سعيها للسيطرة على مختلف المفاصل الرئيسية التي تضمن لها البقاء لأمد طويل في المنطقة. وبعد تجنيد الشباب وفتح مراكز التطوع، وإن بطرق غير مباشرة، وصلت سيطرة الحزب إلى الفرق العسكرية التابعة لقوات النظام. وكشف مقطع مسرب لإحدى الدورات العسكرية لعناصر من "فصائل التسوية" في محافظة درعا، خضوعهم لإشراف وتدريب من قبل عناصر "حزب الله".

مشروع "حزب الله" للتمدد والتجنيد في محافظة درعا، بدأ منذ منتصف آب/أغسطس، وظهر واضحاً في أرياف درعا الشرقية والشمالية الشرقية، مقارنة مع الريف الغربي، فيما يبدو أنه ابتعاد من الحزب عن منطقة الـ80 كيلومتراً التي حددتها إسرائيل لإبعاد إيران ومليشياتها عن حدود الجولان. ولا ينفي ذلك الجهود التي يبذلها الحزب لتجنيد واستقطاب الشباب من أبناء ريف درعا الغربي، لكن ضمن سياسة غير معلنة.

واعتمد التمدد في جزء منه على سيطرة الحزب على الفرق والوحدات العسكرية التابعة لـ"الجيش السوري". السيطرة عليها تُمكّنُ الحزب من إدارة عشرات آلاف المقاتلين في الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وتعفيه من المسؤوليات المالية والإدارية لهم، وتحافظ له على الغطاء الذي يسعى لتوفيره لنفسه ولمقاتليه للعمل والانتشار في جنوب سوريا، من دون التصادم مع المحيط الإقليمي أو مع الجانب الروسي.

منطقة اللجاة في ريف درعا الشمالي الشرقي شهدت الظهور الأبرز لحالة سيطرة "حزب الله" على مفاصل قوات النظام، بعدما كشف مقطع فيديو مُسرب عن تخريج دورة عسكرية من مقاتلي "فصائل التسوية" مدرجة تحت وحدات "الفرقة التاسعة" في قوات النظام التي تنتشر في الصنمين ومحيطها. أحد ضباط "الفرقة التاسعة" خطب بالعناصر الذين لم يتجاوز عددهم العشرات، وأثنى على إشراف "الإخوة" في "حزب الله" على هذه الدورة.

مصادر "المدن" قالت إن الضابط الذي ظهر في المقطع المسرب، هو العميد غسان، المنحدر من إدلب، من ملاك "الفرقة التاسعة". وقد ظهر العميد غسان، لمرة واحدة فقط خلال هذه الدورة، أثناء استعراض تخريجها في قرية إيب في منطقة اللجاة، بذريعة انشغال قائد الفرقة وعدم حضوره.

وافتتح العميد غسان حديثه مع المجندين بالإشارة أن تدريبهم كان بـ"رعاية عظيمة من الأشقاء اللبنانيين"، موضحًا أنهم "جماعة الحزب" بحسب تعبيره، قبل أن يثني على العناصر المشاركين في الدورة ومن سبقهم.

الضابط في قوات النظام أكمل خطابه بمدح الشعب السوري واللبناني واصفاً إياهما بـ"الشعوب الراقية والمتحضرة وأفضل شعب في الأمة العربية"، قبل أن يضيف أن "الشعب العراقي يأتي بعدهما"، بحسب وصفه.

مصادر "المدن" أكدت أن الدورة العسكرية التي أشرف عليها "حزب الله" في منطقة اللجاة، كانت دورة اقتحام واشتباك بالأسلحة الفردية بمشاركة عربات نقل مدرعة BMP، وأن ضباط الحزب تعمدوا استخدام منطقة اللجاة لوعورتها الصخرية. وأضافت المصادر أن جميع الدورات التي يُشرف عليها الحزب في جنوب سوريا هي دورات قتالية وتدريبات على الاشتباك في المسافات القريبة، من دون مشاركة الأسلحة الثقيلة من المدفعية وراجمات الصواريخ.

إشراف الحزب وإدارتهم الكاملة على العناصر المشاركين هذه الدورات، أوجد حالة من "سوء الفهم" لدى كثيرين منهم الذين أصبحوا يعتبرون أنفسهم من عناصر الحزب، إلا أنهم فعلياً يتبعون بشكل كامل لـ"الجيش السوري".

الحالة العسكرية في جنوب سوريا باتت معقدة جداً، مع انتشار العديد من الأطراف بمرجعيات مختلفة. "الجيش السوري" بات يخضع لإدارة وإشراف من "حزب الله" اللبناني، الذي يعمل بالإضافة لذلك على التجنيد لصالحه أيضاً، كما أن العديد من "فصائل التسوية" ما زالت تحتفظ بأسلحتها الخفيفة وربما تخفي بعض المتوسط والثقيل. ويُضاف إلى ذلك تواجد "الفيلق الخامس" الذي يخضع للإشراف الروسي في ريف درعا الشرقي. هذا عدا عن  انتشار فروع الأمن التابعة للنظام، والشرطة العسكرية التابعة لروسيا، من دون إغفال بعض التشكيلات التي ما زالت إيران تعمل على ترسيخها في المنطقة.

انتقال الحزب بشكل تدريجي من التواجد والقتال بشكل مباشر في سوريا إلى التواجد من خلال ما يُعرف بـ"المستشارين"، والقتال بالنيابة باستخدام العناصر المحلية واستخدام "الجيش السوري" كواجهة للتجنيد، قد يخلّصه من التكلفة البشرية والمادية لتواجده المباشر. لكن هذا التمدد في بيئة ذات "طابع سني" بالكامل، تحيط بها دول إقليمية تعتبر التمدد الشيعي على حدودها "خط أحمر"، يُنذر بأن جنوب سوريا مرشح للاشتعال من جديد.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024