حلب: الحرب على أشدها..والمعارضة تشكل مجلساً عسكرياً موحداً

خالد الخطيب

الجمعة 2016/02/05
أعلنت المعارضة السورية، الخميس، عن تشكيل "مجلس عسكري موحد" في ريف حلب الشمالي، يجمع مختلف الفصائل المقاتلة في المناطق الشمالية بالقرب من الحدود السورية-التركية، في مارع وتل رفعت وإعزاز والريف المحيط. ويرأس المجلس مجموعة من قادة بارزين في المعارضة الحلبية، على رأسهم عبد المنعم قرندل، قائداً للمجلس. ويضم المجلس أبو حسن مارع، ومحمود ندوم، وأبو حسين منغ، وأبو محمود دير جمال. وتمّ تعيين قائد "لواء عاصفة الشمال" -أحد مكونات "الجبهة الشامية"- هشام دربالة، كناطق رسمي باسم المجلس.

الناطق الرسمي باسم "المجلس العسكري الموحد" هشام دربالة، أكد لـ"المدن"، أن الهدف من تشكيل المجلس هو حشد القدرات العسكرية في كامل المنطقة الشمالية، ووضعها تحت تصرف قيادة المجلس الجديد التي تهدف إلى مواجهة الهجمة الشرسة من النظام وحلفائه من المليشيات الشيعية، والعمل على استعادة المواقع والقرى والبلدات التي خسرتها المعارضة خلال الأيام القليلة الماضية، بالإضافة للتصدي  لهجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يحاول استغلال الفرصة والتمدد على حساب المعارضة. وأشار دربالة بأن المجلس العسكري المشكل سيعلن النفير العام و ينظم عمل القوى الشعبية ممن حملوا السلاح ضمن وحدات قتالية منظمة.

وأوضح دربالة بأن "المجلس العسكري الموحد" هو المنسق العسكري العام في مدن أعزاز ومارع وتل رفعت والقرى والبلدات؛ من ماير جنوباً وحتى الحدود التركية شمالاً. وسيعمل على تنسيق الجهود العسكرية مع باقي الفصائل التي تقاتل جنوبي الخط الفاصل في ريف حلب الشمالي في حريتان وعندان وحيان، لشن هجمات عسكرية متزامنة خلال الفترة القادمة.

واستأنفت قوات النظام والمليشيات المقاتلة معه، فجر الخميس، هجماتها العسكرية البرية في محيط بلدة نبل الموالية شمالي حلب. وبمساندة جوية روسية مكثفة وبعد تمهيد ناري "مدفعي وصاروخي" عنيف استهدف الخطوط الأمامية للمعارضة المسلحة إلى الشمال من الطريق الواصل إلى بلدتي نبل والزهراء، تمكنت خلالها من السيطرة الكاملة على بلدة ماير وعدد من تقاطعات الطرق التي تصل بلدات مسقان وكفرنايا وكفين، لتصبح خط المواجهة الأول بين قوات المعارضة والمليشيات.



وشهدت الجبهات في محيط ماير ومعرستة وحردتنين شمالاً، معارك هي الأعنف، في محاولة من المليشيات للتقدم أكثر وتوسيع مناطق سيطرتها لتأمين طريق الإمداد الذي تمكنت من شقه الأربعاء، وقتل خلال المعارك أكثر من عشرين عنصراً منها بينهم ضباط. وتمكنت المعارضة من تدمير ثلاث مدرعات ثقيلة للنظام ومليشياته في محيط بلدة نبّل، كما قطعت الطريق لساعات بعدما استهدفت بلدة حردتنين بعشرات الصواريخ التي تسببت بانفجار مستودعات ذخيرة في البلدة، قتل على إثرها أكثر من 15 عنصراً. وفي المقابل خسرت قوات المعارضة، 20 من مقاتليها على الأقل، في غارات شنتها المقاتلات الروسية على مواقعها، وعلى طرق الإمداد.

وبالتزامن مع العمليات العسكرية التي يشنها النظام ومقاتلون من مليشيات شيعية في ريف حلب الشمالي، شنت "وحدات حماية الشعب" الكردية المتمركزة شمال غربي نبل، انطلاقاً من معاقلها في أبين والعباسية وجلبل، هجوماً من ثلاثة محاور، استهدف بلدتي الزيارة والخربة. واشتبكت "وحدات الحماية" –الذراع العسكرية لحزب "الاتحاد الديموقراطي" الكردي- مع المعارضة المسلحة التي انسحبت من مواقعها بفعل الضربات الجوية الروسية والقصف المدفعي والصاروخي العنيف. القصف نفذته المليشيات المتمركزة في محيط نبّل، والمشرفة على سير العمليات العسكرية التي تخوضها "وحدات الحماية". وسيطرت الوحدات بالكامل على البلدات المستهدفة وحاولت التقدم أكثر باتجاه بلدة دير جمال حيث لاقت مقاومة عنيفة أوقفت تقدمها.

وقتل نحو 45 مدنياً، بفعل القصف الجوي العنيف الذي نفذته المقاتلات الروسية في مناطق متفرقة من حلب وريفها الشمالي، وطال القصف بأكثر من 80 غارة جوية أحياء الشعار والكلاسة وطريق الباب وبعيدين والفردوس والمشهد وطريق الكاستيلو في مدينة حلب. بالإضافة إلى عشرات الغارات على ضواحي حلب الشمالية في حيان وعندان وحريتان ورتيان وبيانون وتل رفعت وكفين وكفرنايا ومسقان. وخلّف القصف الروسي مجازر مروعة أعنفها في حي المشهد، وتسبب بإصابة 100 مدني على الأقل، وخلّف دماراً هائلاً في المناطق السكنية المستهدفة.

وشهدت جبهات رتيان وبيانون وحيان، معارك عنيفة فجر الجمعة، تخللها قصف مركز من قبل قوات النظام والمليشيات على القرى والبلدات المستهدفة والقريبة من خط الاشتباك بأكثر من 1000 قذيفة صاروخية ومدفعية، فيما نفذت المقاتلات الروسية أكثر من عشرين غارة جوية على مواقع المعارضة وخطوطها الخلفية. وألقى الطيران المروحي عشرين برميلاً متفجراً على الأقل على حيان ورتيان.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم "الجبهة الشامية" العقيد محمد الأحمد، لـ"المدن"، أن قوات النظام والمليشيات تحاول التقدم على محاور جنوب حريتان لتأمين خاصرتها الضعيفة في تل جبين ودوير الزيتون، وإبعاد خطر المعارضة عن طريق إمداده نحو نبل. وتسعى القوات المهاجمة من خلال عملياتها العسكرية التوسعية في الضواحي شمالي الكاستيلو إلى حشر قوات المعارضة في جبهاتها المتقدمة في الملاح ومحيط حندرات وتل مصيبين. وهي جبهات تسهل السيطرة عليها في حال تقدم النظام باتجاه حيان ورتيان، لأن طرق إمدادها في الغرب ستصبح في مرمى نيران العدو، وبذلك يكون الطريق نحو المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بحلب، "الكاستيلو"، شبه مقطوع ويتحقق الحصار فعلاً، عبر فصل الريف الشمالي عن المدينة، وهو الهدف الأبرز لقوات النظام والمليشيات بعد وصولهما إلى هدفهما الأول في نبل والزهراء.

ولا يمكن تجاهل الضرر الكبير الذي أحدثه تقدم قوات النظام والمليشيات شمالي حلب، والذي تسبب بتشتيت جهود المعارضة وفصل مناطق سيطرتها في الشمال -حيث الثقل البشري والعسكري- عن مناطقها في مدينة حلب وضواحيها الشمالية. وبرغم الضغط البري، والجوي الذي تتعرض من قبل الطيران الروسي، إلا أن المعارضة تسعى إلى لملمة نفسها من جديد وشن هجوم معاكس حالما تصبح جاهزة لذلك. لكنها إلى الآن غير قادرة على المبادرة، وهي بالكاد تلتقط أنفاسها، وهي تتصدى للهجمات هنا وهناك متعرضة لخسائر متتالية في صفوف مقاتليها. فالروس يدركون تماماً أهمية الوقت وضرورة عدم إفساح المجال أمام المعارضة للتفكير حتى بتجميع قواها، لأنهم يدركون تماماً أن أي فرصة للمعارضة لن تكون في صالح المليشيات العاملة على الأرض.

من جهة أخرى، لقيت الطفلة غالية زكور، مصرعها، الخميس، خلال محاولتها العبور مع عائلتها من الأراضي السورية إلى الأراضي التركية، بشكل غير شرعي، شمالي بلدة إكدة الحدودية. والطفلة كانت قد نزحت مع عائلاتها من قرية صوران الباب، الخاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة"، بالقرب من المناطق التي تشهد معارك عنيفة بين النظام والتنظيم.

ويتجمع عشرات الألاف من العائلات السورية المهجرة من ريف حلب الشمالي والشرقي، قرب معبر باب السلامة الحدودي ومحيط إعزاز، أغلبهم نساء وأطفال وكبار سن، هربوا من جحيم القصف الروسي، والعمليات العسكرية التي تشنها قوات النظام والمليشيات شمالي حلب. ولا تزال الحكومة التركية تغلق معابرها الحدودية أمام الهاربين.

وشهد معبر باب السلامة الخميس تظاهرات حاشدة داعية إلى فتح الممرات الحدودية وتسهيل حركة دخول اللاجئين الجدد إلى الداخل التركي، والتقت الحشود بوالي ولاية كيليس التركية الذي لم يستجب لمطالب المتظاهرين ووعدهم بإقامة مخيمات مؤقتة داخل الحدود بالقرب من السلامة وبلدة سجو لإيواء الأعداد الهائلة من المهجرين.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024