الحسكة:روسيا وإيران تلعبان في الباحة الأميركية

خالد الخطيب

الجمعة 2021/04/02
تتواصل التحركات الروسية والإيرانية في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا لمساعدة النظام السوري على البقاء في المنطقة الاستراتيجية التي خسر فيها الكثير من نفوذه لصالح قسد، بالإضافة الى مصالح يسعى الطرفان الى تحقيقها في مناطق النفوذ الأميركي التي تتركز فيها أهم الثروات السورية.

ونال الجانب العسكري الحصة الأكبر من مساعي الطرفين خلال شهر آذار/مارس، وتجلّى ذلك في كثافة عمليات تجنيد أبناء العشائر، أهمها (طي وحرب والعبيد والبكارة ويسار والشرابين)، وفي الأوساط الشعبية الموالية للنظام في المدن الكبرى كالحسكة والقامشلي وريفهما.

وتتسابق المليشيات الروسية والإيرانية في حملات التجنيد تتسابق على تقديم العروض الأفضل من ناحية الإغراءات المادية والميزات الأمنية ومهام التجنيد لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المتطوعين.

وقال مصدر محلي في الحسكة ل"المدن"، إن مكاتب التجنيد الرئيسية تتركز في المربعين الأمنيين التابعين للنظام في مدينتي القامشلي والحسكة ومطار القامشلي وفي عدد من الثكنات والمعسكرات التابعة لقوات النظام في ريف المحافظة".

وأضاف المصدر أن "المليشيات الإيرانية تمكنت منذ بداية 2021 وفي حملتها المكثفة في آذار من تجنيد أكثر من 500 عنصر في صفوفها، يتوزعون على تشكيلات لم يُعلن عن تسميتها بعد، ولم يتم الإعلان عن تبعية مجموعات المتطوعين الى أي تشكيل تقليدي روسي أو إيراني حتى الآن لأن عمليات التجنيد الحالية تتم في الغالب باسم قوات النظام".

وأشار المصدر إلى أن "المتطوعين الجدد في صفوف المليشيات الإيرانية يتوزعون على معسكرات مُستحدثة لتلقي التدريبات في قلب المربعات الأمنية وفي فوج طرطب قرب القامشلي، ويحصل المتطوعون على راتب شهري بالليرة السورية يعادل 75-100 دولار تقريباً، بالإضافة الى المميزات الأمنية التي يحظى بها المتطوع".

وأوضح المصدر أن "الإقبال على التطوع لصالح المليشيات الروسية أقل وذلك بسبب طبيعة المهام القتالية التي تطلب القوات الروسية من قواتها الاشتراك فيها بالإضافة الى عمليات التنقل المستمرة للمليشيات الروسية بين المحافظات، بينما لا يُطلب من المجند في صفوف المليشيات الإيرانية الخروج من المحافظة والاشتراك في مهمات قتالية كبيرة وخطرة".

ويرى الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة أن "حملات التجنيد الروسية والإيرانية تستهدف الشريحة المناهضة لقسد، والتي توالي النظام"، مشيراً إلى أن "هذه الشريحة من العشائر والأوساط المدنية لم تحصل على امتيازات ومساعدات قسد، وهؤلاء بحاجة فعلاً لأن ينخرط أبناؤهم في تشكيلات مسلحة مقربة من النظام ليحققوا توازناً من ناحية النفوذ والسلطة والقوة بعد أن عانوا لسنوات من هيمنة قسد وتحكمها بمناطقهم".

ويضيف حمادة ل"المدن"، أنه "من المنطقي أن نشهد تسابقاً روسياً-إيرانياً لخلق منظومة عسكرية موالية لهم وللنظام في هذا التوقيت وفي مناطق الثروة النفطية والزراعية"، معتبرا أنه "بإمكان هذه المنظومة والقوة العسكرية التي يجري إنشاؤها وتوسعتها أن تقتنص الفرص، كإشغال الفراغ الذي قد يشكله أي انسحاب أميركي مفاجئ من المنطقة، والضغط على قسد لتحصيل بعض المكاسب".

وهددت قسد مؤخراً وجود النظام السوري في محافظة الحسكة بعد أن حاصرت قواتها مربعاته الأمنية والإدارية في أكبر مدينتين، الحسكة والقامشلي، وهددت بطرده منهما، وكانت هذه الصدمة الأولى التي تعرّض لها النظام منذ أن تشارك مع قسد إدارة مناطق شمال شرقي سوريا قبل 8 سنوات تقريباً، لذا تبدو المساعي الروسية والإيرانية منطقية في هذا التوقيت وهي تهدف الى تقوية وجود النظام العسكري والأمني في المناطق الحيوية لكي لا يتكرر سيناريو التهديد السابق.

ولا تقتصر التحركات الروسية والإيرانية في الحسكة والقامشلي على الجانب العسكري، بل تشمل أيضاً التواصل والتنسيق المستمر مع العشائر المقربة من النظام في المنطقة، ففي 20 آذار/مارس عقدت قبيلة طي مؤتمراً للعشرية في مدينة القامشلي دعماً لترشح بشار الأسد لفترة رئاسية جديدة، ورفض ما أسموه ب"قوى الاحتلال"، وحضر المؤتمر مسؤولون من النظام والمليشيات الروسية والإيرانية في محافظة الحسكة..

ويلتقي الضباط الروس بشكل دوري مع وجهاء وشيوخ العشائر في الحسكة والقامشلي. وظهر في مقطع مصور مؤخرا، بعض وجهاء العشائر يطلبون من الضباط الروس دعم تشكيلات عسكرية عشائرية على شكل مجموعات تضم كلّ منها 150 عنصراً.

ويُجري وجهاء وشيوخ العشائر لقاءات أيضاً مع ممثلين للمليشيات الإيرانية في المنطقة، وسبق أن شهدت الحسكة مظاهرات وتحركات مناهضة لقسد أثناء حصار المربعات الأمنية، دعمتها المليشيات الإيرانية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024