خريطة الطريق في منبج قيد الاختبار

عدنان الحسين

الأربعاء 2018/06/06

أعلنت "وحدات حماية الشعب" الكردية سحبها كافة مستشاريها العسكريين من مدينة منبج، نتيجة اتفاق أطراف دولية من بينها تركيا كما ذكرت في بيانها، على وضع جديد في المدينة الواقعة على الحدود السورية-التركية.

ويأتي بيان الوحدات بعد ساعات من توقيع لجنة العمل الخاصة التركية-الأميركية على خريطة طريق، تتضمن في أبرز بنودها، التي نشرتها "المدن" في وقت سابق، خروج المقاتلين الأكراد بشكل كامل من المدينة وتسليمها إلى إدارة مدنية محلية وفق الأكثرية المتواجدة فيها، في إشارة للمكون العربي، وخلال مدة زمنية تبدأ بعد 10 أيام وتنتهي بين مدة أقصاها 3-6 أشهر. بالإضافة إلى تحديد نقاط مراقبة أميركية-تركية مشتركة في منبج ومحيطها.


ورغم وضوح نقاط "خريطة طريق منبج" بما يخص عناصر حفظ الامن، الذين سيكون معظمهم من أبناء العشائر، إلا أن هناك إشكالات كثيرة تواجه هذا المشروع. فالوحدات رغم إعلانها الانسحاب الكامل من منبج، إلا أن مصادر "المدن" تؤكد استمرار وجودهم بعد إزالة أعلامهم وإزالة الإشارات الخاصة بالوحدات عن اللباس العسكري والسيارات والمقرات، ووضع شعارات "مجلس منبج العسكري" بدلاً منها.

وتشير مصادر "المدن" إلى أن الاتفاق على إدارة المدينة أمنياً وعسكرياً سيكون تحت إشراف تركي-أميركي بحت لن يسمح بوجود أي قوى أو قادة من "مجلس منبج العسكري"، ممن يدينون بالولاء للوحدات، وفي مقدمتهم قائد المجلس الحالي محمد أبوعادل، الذي ترفض تركيا وجوده.

في المقابل، ترفض الولايات المتحدة وجود أي قيادي من الفصائل العسكرية ذات الطابع الإسلامي كـ"أحرار الشام"، و"الجبهة الشامية"، التي يمثل مقاتلو منبج فيها نسبة كبيرة، وتطلب الاعتماد على ضباط منشقين عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ممن يعملون في مناطق خاضعة لسيطرة "درع الفرات"، وبحسب المصادر سيتم الاعتماد على قائد لواء "جند الحرمين" إبراهيم البناوي، والقيادي العربي في "مجلس منبج العسكري" ماهر العوني.


ولعل أبرز الصعوبات تكمن حقيقة في كيفية إخراج المقاتلين الأكراد بشكل كامل من المدينة، ويظهر مدى صعوبة هذا الأمر من خلال زيارات مسؤولين في التحالف الدولي للمدينة، ولقاءاتهم مع "مجلس منبج العسكري" ثلاث مرات خلال الأسبوعين الماضيين، بهدف بلورة اتفاق خروجهم من المدينة، إلا أن الوحدات تنوي إبقاء اكبر عدد من قواتها، خاصة القادة المؤثرين كأبوعادل، ومسؤول الاستخبارات جميل خبات.


يمكن القول أن دخول الاستخبارات التركية وقوات خاصة لمدينة منبج برفقة قوات أمريكية سيسهل من إدارة المدينة مدنيا كذلك وضع اشخاص متوافق عليهم امنيا ومدنيا سيكون من أبرز التوافقات التي من شانها تسريع عملية الاستقرار فيها.


وإضافة إلى ذلك، تطرح أسئلة كثيرة أبرزها حول هوية الجهة التي ستتولى الرباط على جبهات المدينة ضد النظام، ومن سيحفظ الأمن في القرى المحيطة بمنبج؟ هل يمكن للعشائر تولي مهمة حفظ الأمن، رغم محاولة إعطائها دوراً أكبر في مفاصل السيطرة على المدينة؟ وفي حال لم تنسحب الوحدات، ماهو رد فعل تركيا، هل ستجبرهم أميركا على ذلك؟ 


ويعيش المدنيون حالة من الترقب والانتظار في المدينة لما ستؤول إليه الأمور، وتبدو الآراء منقسمة بين مؤيد لدخول تركيا ومتخوف من فشل الاتفاق، أو تغير بنوده، خاصة أن تظاهرات سابقة طالبت بدخول الجيش الحر إلى المدينة، إلا أن تجربة "درع الفرات" والفصائل فيها سيئة الصيت تثير حالة من الخوف كذلك على مستقبل المدينة.


مصادر أخرى تحدثت عن توافق جرى على اختيار "جيش الإسلام"، من أجل دخول مدينة منبج وتسلم زمام الأمور فيها عسكرياً، خاصة وأنه لا يزال يملك تنظيماً عسكرياً كاملاً. كذلك، من الأطراف المطروح تسلمها زمام الأمور، هو "لواء المعتصم" المدعوم أميركياً.


وقالت مصادر لـ"المدن"، إن اجتماعاً بين "مجلس منبج العسكري"، والوحدات الكردية، جرى الثلاثاء، في منبج من أجل بحث الاتفاق التركي-الأميركي. ووفقاً للمصادر، أكدت الوحدات لـ"المجلس"، أنه لن يدخل أي فصيل أو قوة من فصائل "درع الفرات" إلى المنطقة، وأن العرب الموجودين ضمن "مجلس منبج العسكري" سيديرون شؤون المدينة، بوجود نقاط مراقبة تركية فقط.


وينظر للاتفاق بأنه عودة تدريجية للعلاقات التركية-الاميركية في سوريا، بعد تعثرها على مدى العامين السابقين والعودة نحو مسار تشاركي وإشراك تركيا بشكل أكبر، خاصة أن أحد بنود الاتفاق، والذي لم يعلن عنه، يتيح لتركيا حماية أمن حدودها متى اقتضت الحاجة، فضلاً عن بند آخر يقضي بسحب السلاح الثقيل من "قسد"، ما عدا المناطق التي تقاتل فيها تنظيم "الدولة الإسلامية".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024