حلب: لماذا قررت "القاطرجي" خفض سعر المازوت؟

خالد الخطيب

الإثنين 2019/04/01
مع زيادة حدة العقوبات الأميركية على شركات شحن النفط إلى سوريا، خاصة الإيرانية منها، بات النفط المُنتج محلياً في الشرق السوري هو محط اعتماد السوق المحلية في مناطق سيطرة النظام. إلا أن سيطرة "مجموعة القاطرجي" الخاصة على "استيراد" النفط من مناطق سيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية، وتخزينه وتسويقه، جعلتها المحتكر الوحيد لسوق النفط المحلية.

"شركة BS للمشتقات النفطية" التابعة لـ"مجموعة القاطرجي الدولية"، قررت الأحد، تزويد المنشآت الصناعية والمعامل في المدن والمجمعات الصناعية في مناطق سيطرة النظام في حلب بالمازوت والفيول، بسعر 293 ليرة لليتر المازوت، و230 ليرة للفيول.

وكانت أسعار المحروقات قد شهدت ارتفاعاً كبيراً منذ بداية العام 2019، مع انخفاض الكميات المعروضة منها للبيع في محطات الوقود التابعة للشركة العامة للمحروقات. واضطر أصحاب المعامل والمنشآت الصناعية إلى الشراء من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، ووصل سعر ليتر المازوت إلى 500 ليرة، ما تسبب بإغلاق عدد كبير من المعامل والورش الصناعية.

مدير "شركة BC" فراس قاطرجي، قال في "فيسبوك"، إن خفض الأسعار وزيادة الكميات، يهدف إلى "دعم الصناعة الوطنية في حلب لكي تعود إلى مكانتها الطبيعية". وأعلنت BC عن مجموعة كبيرة من التسهيلات بدت مفاجئة للصناعيين، فالسعر المعلن عنه يشمل عمليات التوصيل والتفريغ، ويمكن لأصحاب المنشآت الصناعية أن يطلبوا احتياجاتهم من المحروقات هاتفياً على أن تتم تلبية احتياجاتهم في غضون 24 ساعة.

وزار مدير الشركة الخاصة، متقدماً رتلاً من صهاريج المازوت، المدينة الصناعية في الشيخ نجار في حلب، والتقى فيها أصحاب المعامل.

عمليات التسويق المفاجئة للمحروقات في حلب من قبل "BC"، جاءت بعد يوم واحد من وصول كميات كبيرة من المازوت المستورد إلى دمشق، والذي اشترته غرفة صناعة دمشق عن طريق لبنان. وأعلنت صناعة دمشق في 30 أذار/مارس عن بدء توزيع "المازوت الحر" على أصحاب المعامل والمنشآت الصناعية بسعر 475 ليرة سورية لليتر الواحد، وهو ضعف السعر الذي أعلنت عنه شركة BC في اليوم التالي.

قرار غرفة صناعة دمشق، جاء مستنداً إلى قرار حكومة النظام، في 4 آذار/مارس، الذي يسمح لغرف الصناعة والصناعيين باستيراد الفيول والمازوت لمدة ثلاثة أشهر، على خلفية توقف معظم الخطوط البحرية لشحن البترول إلى النظام السوري بسبب العقوبات التي تطبقها الولايات المتحدة على نواقل النفط إلى سوريا.

وكانت "مجموعة قاطرجي" قد أعلنت منتصف العام 2018 عن تأسيس "شركة أرفادا البترولية" برأسمال مليار ليرة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، تغيّر اسم الشركة في صفحتها في "فيسبوك"، إلى "BS Company‎‏".

وتولت مجموعة قاطرجي نقل النفط لصالح النظام من الشرق السوري الخارج عن سيطرته منذ العام 2014. واستفاد رجل الأعمال عضو مجلس الشعب حسام قاطرجي، من علاقاته مع تنظيم "الدولة" و"وحدات حماية الشعب" الكردية، لنقل النفط من حقل العمر في ديرالزور ومن حقول رميلان في الحسكة إلى مناطق سيطرة النظام. والقاطرجي موضوع على قائمة العقوبات الأوروبية منذ كانون الثاني/يناير 2019.

وهيمنت مجموعة قاطرجي على قطاع المحروقات، مستغلة سيطرتها على خطوط توريدها من الشرق السوري التي أضحت تحت سيطرة "وحدات الحماية" بعد طرد "داعش" منها. وخلال الشهور القليلة الماضية، تمكنت المجموعة من احتكار سوق المحروقات في مناطق سيطرة النظام، وخطوط تهريبه، ورفعت أسعار المشتقات النفطية، وتحكمت بعمليات التوزيع في السوق السوداء.

ووجدت غرف الصناعة في مناطق سيطرة النظام نفسها، بحسب تعميمات وزارة النفط، منذ الربع الأخير من العام 2018، أمام ضرورة التعامل مع شركة BC في حال عدم توفر المحروقات في الشركة العامة للمحروقات. ولم تلزم الوزارة "شركة BC" بأسعار أو كميات محددة. وتعاملت غرف الصناعة مرغمة مع "شركة BC" لأنها الخيار الوحيد المتاح أمامها، واشترت منها المحروقات بكميات محددة وبأسعار مرتفعة، وغالباً ما تم إجبارها على شراء المحروقات من السوق السوداء التي تديرها "BC" أيضاً.

قرار الحكومة بالسماح لغرف الصناعة باستيراد المحروقات كان متنفساً لها للافلات من قبضة "شركة BC". وبالفعل استوردت غرفة صناعة دمشق كميات كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، وكانت غرفة صناعة حلب على وشك استيراد كميات مماثلة، لولا العرض الذي تلقته من "شركة BC" الانتقامي.

لم تكن غرف الصناعة، والمعامل والمنشآت الصناعية، ضحية احتكار مجموعة القاطرجي لسوق المشتقات النفطية، فحسب، بل أثر ذلك على أوضاع جميع السوريين في مناطق سيطرة النظام الذين عانوا من ندرة وارتفاع أسعار المحروقات. وذلك في الوقت، الذي كانت فيه "شركة BC" تُخزّن المحروقات في مستودعاتها والمحطات التابعة لها، وتدير عمليات النقل من الشرق السوري، بحيث تبقي العرض محدوداً والأسعار مرتفعة. والآن، قررت "BC" الافراج عن المخزون لديها، فقط انتقاماً من غرف الصناعة التي تجرّأت على استيراد المحروقات لكسر احتكار "مجموعة قاطرجي".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024