مؤتمر التحول الديمقراطي:المؤثرات الخارجية على الجزائر والسودان

المدن - عرب وعالم

الثلاثاء 2021/10/12
اختتمت، في الدوحة، الثلاثاء 12 تشرين الأول/أكتوبر 2021، أعمال الدورة العاشرة للمؤتمر السنوي حول قضايا الديمقراطية والتحول الديمقراطي. وقد اختصت جلستا اليوم الرابع من المؤتمر معًا بتناول أثر العوامل الخارجية في مسارات الانتقال في السودان والجزائر. 

في الجلسة السابعة من أعمال المؤتمر، التي ترأسها الدكتور أشرف عبد الحي، الأستاذ المشارك في برنامج اللسانيات والمعجمية العربية في معهد الدوحة للدراسات العليا، عُرضت ورقتان. في الورقة الأولى بعنوان "حكومة الثورة الانتقالية في السودان والتطبيع مع إسرائيل: الخلفية التاريخية وجدل الراهن السياسي"، استعرض الدكتور أحمد أبو شوك، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة قطر، الموقف التاريخي للسودان من قضية التطبيع مع إسرائيل، باحثًا عن الأسباب الموضوعية التي دفعت حكومة الثورة الانتقالية إلى التحول عن رفض التطبيع والمضي في قبوله، وأوضح أن الأمر يرتبط برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ما دفع بالحكومة الانتقالية إلى إقرار ما سمي "اتفاقيات أبراهام". وخلص إلى أنّ موافقة الحكومة الانتقالية على التطبيع لم تكن أولوية انتقال ديمقراطي؛ فقد وصفت أغلب أطياف المعارضة السودانية أن موافقة الحكومة الانتقالية على التطبيع بـ "بالابتزاز السياسي"، الذي وقع تحت إغراءات استراتيجية تخدم الرؤية الأميركية الساعية لضمان أمن إسرائيل، وأخرى ماليّة تتعلق بالحد من آثار الأزمة الاقتصادية في مسار الانتقال في السودان.

أما الورقة الثانية بعنوان "التقارب مع العسكر: التأثير الخارجي في مسار الانتقال الديمقراطي في السودان"، عرضتها الباحثة مرافئ عبد الله الباهي الحسين، من جامعة الخرطوم، فقد تمثل هدفها في دراسة أثر الارتباطات الخارجية للمكون العسكري في مسار الانتقال، وبيّنت أن التدخّل الخارجي أخذ اتجاهات تنوعت بتنوع المصالح الاستراتيجية للفاعلين الخارجيين، وأن كل فاعل عمل على ضبط جوانب من التحوّل الديمقراطي بما يخدم مصالحه، عبر طرق مختلفة، منها الدعم الاقتصادي أو العسكري والوساطة وغيرها. وانتهت إلى تأكيد ما ذهب إليه منظّرو نظرية الأمننة من أن ظاهرة الأمن علائقية، وقضاياها لا يمكن تناولها بمعزل عن المحيط الإقليمي المعقد، الذي تتداخل فيه التأثيرات وعناصر الاعتماد المتبادل بين وحدات الإقليم والفاعلين الأساسيين.

وفي الجلسة الثامنة، وهي الأخيرة من أعمال المؤتمر، التي ترأسها عبده موسى، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عُرضت ورقتان. في الورقة الأولى بعنوان "التحولات الجيوسياسية وحراك 2019 في الجزائر"، طرح ياسر درويش جزائرلي، الأستاذ بقسم الدراسات الإنسانية في جامعة ولاية فتشبرغ، نقاشًا اختص بالتحولات الجيوسياسية التي جرى في ظلها حراك 2019 في الجزائر، وأكد خلاله أن التغيرات والعوامل الخارجية قد عززت مساعي الحكومة الجزائرية لتجاوز الحراك، وأن مرونة النظام الحاكم داخليًا وخارجيًا مكّنته من الادعاء بأنه استجاب لمطالب الحراك، في حين أعطت حلفاءه الدوليين مبررًا للوقوف معه. وبيّن أن ما جرى في شمال أفريقيا ودول الساحل قد وضع أمام الحكومة الجزائرية تحديين: تمثّل الأول في تعاظم دور الجماعات المسلحة على حدود الجزائر الجنوبية؛ ما اقتضى من الجيش مواجهتها، في حين تمثّل الثاني في خلل توازن القوى في شمال أفريقيا بعد سقوط القذافي. وفي الآن ذاته، توافرت فرصتان: أولاهما أن القوى العالمية رأت ضرورةً أن تحظى بدعم جيش قوي في الجزائر لمواجهة التحديات التي عجزت عنها في مالي؛ ما يضمن وقوفها وتعاونها مع الجيش الجزائري، والثانية تمثلت في توظيف النظام هذه التحديات لحضّ الشعب الجزائري على الوقوف إلى جانبه في هذه الأوقات التي وصفها بـ "العصيبة".

أما عربي بومدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حسيبة بن بوعلي في الشلف بالجزائر، فقد تناول في ورقته بعنوان "السياق الدولي للحراك الشعبي في الجزائر: دور العامل الخارجي بين الخيارات الاستراتيجية والاعتبارات القيمية"، حضور العامل الخارجي في الدول ذات المكانة المتميزة في التقسيم الجيوبوليتيكي للعالم، مبينًا ارتباط ذلك بالتنافس الدولي والإقليمي، وتطرّق إلى حدود التدخلات الدولية والإقليمية في توجيه مسار الحراك الشعبي الجزائري، مقارنةً بدول عربية أخرى بدا فيها الدور الخارجي فاعلًا محوريًا. وحاول الباحث تفسير مسألة غياب التدخلات الخارجية في الحراك الشعبي الجزائري، فضلًا عن تفسير غياب المستلزم الديمقراطي وحضور المستلزم الاستراتيجي في علاقة الجزائر بالقوى الخارجية، وخلص في الأخير إلى أنّ مسألة غياب التدخلات الإقليمية والدولية في الحراك الشعبي الجزائري ترتبط بالمستلزم الجيوسياسي والاستراتيجي، بعيدًا عن الاعتبارات القيمية والمعيارية، حيث يتحدد سلوك الموقف الخارجي بالموقع الجيوسياسي للجزائر. وأكد أنّ مخاطر عدم الاستقرار في الجزائر من شأنها خلق تحديات أمنية شديدة التعقيد في منطقة البحر الأبيض المتوسط، فضلًا عما تبرزه من أهمية الجزائر في معادلة التوازنات الاستراتيجية للمنطقة، خاصة بالنسبة إلى الأمن الأوروبي.

وبعد الجولة النقاشية لهذه الجلسة، اختتمت أعمال الدورة العاشرة من المؤتمر، وقد عرضت فيه 22 ورقة بحثية، وحفلت جلساته بتفاعلات نقاشية من جانب الحضور على منصة "زووم"، ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة التي جرى بث المؤتمر من خلالها.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024