"هيئة تحرير الشام" تجتاح معرة النعمان

محمد عبداللطيف

الجمعة 2017/06/09
شنّت "هيئة فتح الشام" هجوماً عسكرياً عنيفاً، ليل الخميس، على مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، بهدف الاستيلاء على مقرات "الفرقة 13" التابعة لـ"جيش إدلب الحر" من الجيش السوري الحر. واندلعت اشتباكات عنيفة، تواصلت بوتيرة مستمرة لأربع ساعات، ما أدى إلى سقوط قتلى من الطرفين وعدد من المدنيين. واستمرت الاشتباكات بشكل متقطع بعد منتصف الليل وحتى صباح الجمعة، رافقها استنفار أمني وتدقيق شديد على كافة حواجز "هيئة تحرير الشام" في غالبية قرى ريف إدلب الجنوبي.

ومع بدء آذان الافطار "المغرب" اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة، في الحارة الشمالية، سرعان ما توسعت لتشمل مزارع منطقة كفر روما وكافة أحياء معرة النعمان، التي كانت تشهد حفلة افطار في صالة الأنشطة لأكثر من 300 شخص غالبيتهم من الأطفال اليتامى وزوجات الشهداء. ومع تزايد حدة الاشتباكات رفعت مآذن المدينة نداءات استغاثة دعت فيها المدنيين للنزول إلى الشوارع والتظاهر تنديداً بالاقتتال، علّ ذلك يخفف من وتيرة الاشتباكات، ويساعد على إخلاء الأطفال والنساء العالقين في صالة الإفطار. وتيرة الاشتباكات لم تهدأ، خاصة وأن "هيئة فتح الشام" استقدمت تعزيزات جديدة وسيطرت على مقر "لواء المهام الخاصة" التابع لـ"جيش إدلب الحر" والذي تشكل "الفرقة 13" أحد أهم مكوناته. كما سيطرت "الهيئة" على مقر "الفرقة 13" القديم، وغالبية مقراتها الأخرى. واقتحمت "الهيئة" شارع الكورنيش وداهمت منزل نائب قائد "الفرقة 13" العقيد تيسر السماحي، ومنزل القيادي في "فيلق الشام" مروان نحاس، ومنزل علي السماحي الذي قتل قبل شهر تقريباً في اشتباكات مع أحد أمنيي سجون "العقاب" التابعة لـ"الهيئة".

وتزامن اقتحام "هيئة فتح الشام" لشارع الكورنيش مع دخول أبناء المعرة المتظاهرين إليه، فقامت "الهيئة" بإطلاق النار بشكل مباشر عليهم، ما تسبب في سقوط عدد من القتلى وجرح العشرات. وفي تلك الأثناء، استطاعت طواقم الدفاع المدني إخلاء الأيتام والنساء من صالة الافطار، بصعوبة، وسط الاشتباكات الدائرة في محيط منزل العقيد تيسير السماحي.

العقيد السماحي قاوم عملية اعتقاله، فقام عناصر "هيئة تحرير الشام" بقتله في منزله أمام زوجته وأطفاله، وحاولوا بعد ذلك استكمال مداهمة المنزل لكنهم فشلوا بعدما ألقت زوجة العقيد قنبلة يدوية عليهم أردت ثلاثة منهم قتلى.

العقيد السماحي وعدا عن كونه نائب قائد "الفرقة 13"، فقد كان يشغل منصب رئيس قسم شرطة "مركزية" معرة النعمان، ومعاون قائد شرطة إدلب الحرة.

وتعد معرة النعمان حاضنة شعبية لفصائل الجيش الحر، وهي المدينة الوحيدة التي مازال ناشطوها يرفعون علم الثورة السورية بحرية مطلقة، على عكس بقية المناطق المحيطة بها التي تهيمن عليها "هيئة تحرير الشام".

"هيئة فتح الشام" سبق واعتقلت عدداً من عناصر "فيلق الشام"، وسيطرت على مقرات له، قبل أيام، بعد اشتباكات في ريف إدلب الجنوبي. وأهم تلك الاشتباكات حدثت في منطقة الركايا، وسيطرت عليها "الهيئة"، بشكل مريب، بعد ما قيل إنه تعاون مع "لواء فرسان الحق" الذي يشكل مع "الفرقة 13" وفصائل أخرى "جيش إدلب الحر". الاشتباكات المسبقة مع "الهيئة" دفعت "الفيلق" لاستنفار حواجزه بشكل عام، ومنها حاجز مسايا في معرة النعمان، مع تدشيمه ورفع سواتر ترابية في محيطه. حاجز مسايا سقط بيد "الهيئة" مع مقار أخرى لـ"الفيلق" خلال الاشتباكات، وتم أسر غالبية عناصره. "فتح الشام" عادت وأخلت بعض النقاط التابعة لـ"الفيلق" في معرة النعمان، وقالت إن الهجوم عليها حصل بشكل خاطئ فردي. بدوره قال "الفيلق" إن مقراته لا تزال تحت سيطرته وإن هنالك "التباساً حدث مع تسيير عربات أثناء تبديل النوبات، وعلى أثر ذلك اندلعت الاشتباكات".

التوتر بين "جبهة النصرة" و"الفرقة 13" يعود إلى فترة الاشتباكات بين فصائل الجيش الحر و"جند الأقصى" في ريف إدلب وريف حماة الشمالي، منذ العام 2016 وحتى مطلع العام 2017. 

الاشتباكات بين "هيئة تحرير الشام" و"الفرقة 13" ظلت تتكرر وكان آخرها قتل "الهيئة" لعلي السماحي، شقيق العقيد تيسير، على أطراف معرة النعمان. اشتباكات الخميس/الجمعة، واقتحام "هيئة تحرير الشام" لمعرة النعمان، تعود أسبابها المباشرة، إلى حادثة وقعت قبل يومين، عندما أقدم مجهولون على قتل شخص طعناً بالسكاكين في منزله بعد الظن أنه الأمني في مؤسسة "العقاب" الأمنية لدى "هيئة تحرير الشام" أكرم الترك. وتبيّن لاحقاً أن القتيل هو والد الترك. وسبق ذلك، نجاة القيادي في "قاطع البادية" التابع لـ"الهيئة" خطاب الغدقة، من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة على طريق الحراكي-أبو دفنة في ريف معرة النعمان الشرقي.

و"العقاب" تسمية لمجموعة من المعتقلات والسجون التابعة لـ"جبهة النصرة" في جبل الزاوية في ريف إدلب، على طريق البارة كنصفرة، وعلى طريق البارة كفرنبل، وفي احسم ودير سنبل. وأغلب المطلوبين للاعتقال في "العقاب" هم ممن يناهضون فكر "القاعدة" ولهم تأثير في مجتمعاتهم المحلية، أو من الثوار الأوائل المنتسبين للجيش السوري الحر.

وقالت "هيئة تحرير الشام" إن الفاعلين في حادثة الترك، يتبعون لـ"الفرقة 13"، وطالبت بتسليمهم للقضاء، الأمر الذي أنكرته "الفرقة"، واتخذته "الهيئة" ذريعة لاقتحام معرة النعمان. 
"هيئة تحرير الشام" قالت صباح الجمعة، عبر معرفات إلكترونية تتبع بشكل غير مباشر لها، إن الحملة انتهت بعد اعتقال الفاعلين في قضية الترك وهما؛ محمد خشان ومهند الشحنة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024