النهضة: لن نكون مجرد ديكور في اللعبة الديمقراطية بتونس

بسمة بوزكري

السبت 2015/01/24

لا تستسيغ حركة "النهضة" التونسية الدعوات التي تطالب بإقصائها من المشهد السياسي، كما تدعو جميع الأطراف إلى احترام وزنها السياسي كثاني قوة في البلاد، مشيرة أنها لن تقبل أن تكون "مجرد ديكور" في اللعبة الديموقراطية التونسية.

الحركة الإسلامية لم تشارك في الحكومة التي أعلن رئيسها المكلف الحبيب الصيد عن تشكيلتها الجمعة، حيث أشارت مصادر إعلامية إلى أن "النهضة" رفضت عرض الصيد الذي تضمن أربع كتابات دولة فقط، دون أية حقائب وزارية. 


رئيس مجلس شورى الحركة فتحي العيّادي يؤكد في حديث خاص لـ"المدن" أن حزبه لم يكن مستعجلاً أو متهافتاً على المشاركة في الحكومة. "لو توفرت شروط المشاركة لكنا ساهمنا في خدمة بلدنا وشعبنا، وإلا فسنكون في المعارضة وسنمارس دورنا بمسؤولية كبيرة" يقول العيادي.


لكنه يشير بالمقابل إلى أن "النهضة" شاركت سابقاً في المشاورات النهائية حول الحكومة، لافتاً إلى أن الحركة تتفق مع عدد كبير من الأحزاب حول برنامج الحكومة، لكنها تختلف معها حول تركيبتها.


رئيس حزب "الحركة الوطنية" التهامي العبدولي اقترح خلال حديث سابق مع "المدن" إشراك حركة النهضة في الحكم عبر تأسيس هيئة استشارية ملحقة برئيس الجمهورية أو الحكومة، يتم استشارتها في السياسة العامة للبلاد، وتكون النهضة مكّوناً أساسياً فيها، مشيراً إلى أنه "لا ضرورة تاريخية الآن لمنح حركة النهضة حقائب وزارية، خاصة أن وزراءها فشلوا في وقت سابق في تسيير الوزارات التي كانوا على رأسها".


العيّادي يعلّق على هذا الأمر بقوله "هذا الطرح غريب قليلاً لأن النهضة ليست حزباً وليد اليوم أو الانتخابات الأخيرة، بل هي حزب حاضر في تاريخ هذه البلاد بإسهاماته المعتبرة، وتعتبر نفسها امتدادا لكل محاولات الإصلاح التي انطلقت في بلادنا منذ زمن، وعندما ترغب الحركة بالمشاركة في هيئة استشارية فهذه الأمر يعود لها وليس لأي طرف آخر، وكل مشاركة لا تليق بالنهضة غير مرحب بها عموما، ونأمل أن تعي كل الأطرف أحجامها ودورها في الحياة الوطنية التونسية، فحركة النهضة حركة أصيلة قدمت الكثير لتونس وما زالت مستعدة أن تقدم وتضحي من أجل مشروعنا الوطني التونسي، وليس طرفاً هامشياً حتى يُقترح عليها أن تشارك في هيئة استشارية. نحن لا نقبل أن نكون مجرد ديكور في اللعبة الديموقراطية التونسية".


بعض المصادر قالت إن الحركة كانت تهتم أساساً بالوزارات ذات الطابع الاجتماعي، كوزارة الشؤون الاجتماعية والصحة، وقد رشحت بعض الأسماء لشغل هذه الحقائب من قبيل سمير ديلو وحسين الجزيري وزياد العذاري ولطفي زيتون، إضافة إلى بعض المستقلين.


العيّادي يؤكد أن هذه المعلومات هي مجرد تسريبات، مشيراً إلى أن "مؤسسات الحركة درست مشاركة الحركة بكل تفصيلاتها، سواء كان في الوزارات التي نريد أن نشغلها أو الأسماء المقترحة، ولدى الحركة كفاءات كثيرها ولكنها تركز حاليا على الكفاءات الشابة".


"النهضة" اقترحت في وقت سابق تحييد الوزارت السيادية في الحكومة المقبلة، ويبدو أن رئيس الحكومة أخذ بهذا الاقتراح في حكومته الجديدة، حيث منح حقائب الداخلية والعدل والدفاع لوزراء مستقلين، فيما ذهبت حقيبة الخارجية إلى الأمين العام لـ"النداء" الطيب البكوش.


العيّادي يعلّق على هذا الأمر بقوله "رؤيتنا للمرحلة المقبلة تؤكد أن تحييد هذه الوزارات سيساهم في إعطائها فرصة ليتم بناؤها على فلسفة جديدة، قائمة على خدمة المصلحة الوطنية وليس مصلحة هذا الحزب أو ذاك، وهذا من شروط استقرار التجربة الديموقراطية، ونحن نستغرب اليوم أن الذين يعارضون هذا الشرط هم من طالبوا به في وقت سابق عندما كانت النهضة في الحكم، وقد استجبنا لذلك في حينها".


وحول اتهام البعض لحركة "النهضة" بمحاولة إرباك الحكومة والتسبب بانقسام حزب "نداء تونس"، يقول العيّادي إن "الحركة لا تنطلق من فكر الإقصاء أو شق طرف معين، بل أكدت في السنوات الأخيرة أننا نحتاج للتوافق وتجميع القوى الوطنية لخدمة المشروع الوطني التونسي الذي انطلق بعد الثورة، وهو يختلف عن المشروع قبل الثورة الذي قام على الاستبداد والتسلط واحتكار السلطة والانفراد في إدارة الشأن العام، ولذلك نحن لا نُسر بتشتت أو ضعف أي من الأحزاب الوطنية، بالعكس نحن نرى أن قوة الأحزاب هي التي تساهم بقوة المشروع الوطني بصفة عامة".


ولم تتخذ "النهضة" قراراً نهائيا حول منح ثقتها للحكومة الجديدة في البرلمان، ويفترض أن تشهد الساعات المقبلة اجتماعاً لمؤسسات الحركة للنظر في هذا الأمر، في وقت تشير فيه بعض المصادر إلى أن الكتلة النيابية لـ"النهضة" قد لا تتجه لـ"معاقبة" الحكومة الجديدة، رغم استبعادها منها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024