الحكومة الليبية: بداية للحل أم مقدمة لتدخل غربي؟

بسمة بوزكري

الثلاثاء 2016/02/16

يثير إعلان المجلس الرئاسي الليبي عن تشكيلة حكومة الوفاق الوطني المعدلة برئاسة فايز السرّاج تساؤلات كثيرة حول أهمية هذه الحكومة السياسية، ودورها في إعادة الاستقرار لبلد تحكمه المليشيات المسلحة، في وقت يشير فيه بعض الخبراء إلى أن مهمة حكومة السراج تقتصر على إضفاء "شرعية شكلية" على تدخل عسكري غربي مرتقب في ليبيا، في ظل عدم قدرتها على ضبط الوضع الداخلي على الأرض.

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن، الأحد، عن تشكيلة حكومية جديدة برئاسة السراج تضم ثمانية عشر وزيراً، وتهدف لإنهاء الصراع المستمر منذ خمسة أعوام في البلاد.


وتهدف خطة الأمم المتحدة، التي شُكّلت بموجبها حكومة الوحدة، إلى الجمع بين الجماعات المتحاربة في ليبيا والمساعدة في التصدي لخطر متزايد من جانب تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف.


مدير "المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية" رياض الصيداوي، أكد لـ"المدن" أن نجاح أي حكومة ائتلافية بين حكومتي طبرق وطرابلس يعتمد على أمر واحد، هو دمج قوات "فجر ليبيا" مع الجيش الليبي، مشيراً إلى أن التوافق السياسي لا يكفي لحل المشاكل في البلاد.


وأضاف "أن يتم تشكيل حكومة سياسية لترضية لقوى عظمى أكثر منها نتيجة طبيعية لعملية تفاوض داخلي، وفي نفس الوقت يستمر وجود جيشين ليبيين وجهازي أمن واستخبارات في طبرق وطرابلس، فمن المستحيل أن تنجح هذه الحكومة، فالدولة يجب أن تحتكر العنف الشرعي المسلح كما يقول ماكس فايبر".


البرلمان الليبي رفض في وقت سابق منح الثقة لحكومة السراج الأولى، ما دفع المجلس الرئاسي إلى إلغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي بين الطرفين، الذي تم توقيعه مؤخراً في المغرب.


وتنص المادة المذكورة على نقل جميع صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنیة العلیا المنصوص عليها في القوانین والتشریعات اللیبیة النافذة، إلى مجلس رئاسة الوزراء فور توقيع الاتفاق، على أن يقوم المجلس باتخاذ قرار بشأن شاغلي هذه المناصب خلال عشرين يوماً، سواء بالموافقة أو استبدالهم بأشخاص آخرين.


ويبدو أن الخلافات حول التشكيلة المعدلة للحكومة مازالت مستمرة، حيث قرر البرلمان، الاثنين، تأجيل التصويت عليها 24 ساعة، مطالباً رئيس الحكومة المكلف فايز السراج بالحضور الى البرلمان، رغم تزايد الضغوط الدولية المطالبة باعتماد التشكيلة الحكومية الجديدة للإسراع في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية".


الصيداوي يؤكد أن حكومة السراج الجديدة "على المستوى الخارجي قد تمتلك الشرعية لدعوة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى التدخل العسكري وضرب تنظيم الدولة الإسلامية في سرت، وصبراتة حيث بدأ التنظيم بتهديد النفط، لأن كل اللعبة الموجودة في ليبيا هي حول النفط وليس حول القيم او المبادىء أو الديموقراطية".


ويوضح أكثر بقوله "طبرق وطرابلس تعرضتا لضغط غربي كبير لتشكيل هذه الحكومة، التي لا تتحكم عمليا في ليبيا، لكنها ستضفي الشرعية على تدخل أطلسي واسع النطاق، خاصة عندما نعلم أن قوات حلف شمال الأطلسي (الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا تحديدا) لديها مجال حيوي ومصالح كبيرة في هذا البلد، وكما أسلفت هم يرغبون بحماية مصالحهم بالدرجة الأولى، ولو كانوا يرغبون بنشر الديمقراطية والحرية لعملوا قبل ذلك على حل مشاكل الصومال، الذي يعاني من حروب أهلية منذ ثلاثة عقود".


وكانت الجامعة العربية وعدد من الدول الغربية رحبت بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، فيما هددت فرنسا بفرض عقوبات (لم تحددها) على أي طرف يرفض الاعتراف بهذه الحكومة أو يسعى إلى تعطيل عملها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024