"فتح" تخشى التمزّق: هل تتخلى عن القائمة المشتركة؟

أدهم مناصرة

الخميس 2021/01/21
أشعل التصريح الذي أطلقه عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ناصر القدوة قبل ايام والذي رفض فيه "القائمة المشتركة" مع حماس، فتيل "الهمز واللمز" عن خلفيته، وما إذا أوحى بخلافات خفيّة تدور رحاها في أروقة "فتح" بل والسلطة.

تصريح القدوة تلقفه محلل الشؤون العربية في القناة "12" الاسرائيلية ايهود يعاري، ليضعه في سياق عنوان عريض مفاده "انفجار في السلطة".

وفيما رفض أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" ماجد الفتياني وأيضاً عضو مركزية الحركة عباس زكي التعليق على تصريح القدوة وخلفيته، وقالا ل"المدن": "اسألوه هو". قال قيادي آخر من "فتح" إن حركته لم تبحث حتى اللحظة تفاصيل الشراكة السياسية القادمة على ضوء الانتخابات المرتقبة.

وكشف القيادي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، ل"المدن"، عن اجتماعات داخلية ل"فتح" خلال الأيام القادمة تستبق لقاءات الفصائل المقررة في القاهرة مطلع شباط/فبراير، مبيناً ان هذه الاجتماعات الاستباقية ستحدد آليات "فتح" الانتخابية على صعيد الاختيار ومَن يكون في القائمة ومع مَن تتحالف.

وبدا القيادي الفتحاوي متوتراً حينما تحدث عما قال إنها "حسابات دقيقة تقتضيها المرحلة المقبلة كونها ليست سهلة"، مشيراً إلى أن فتح "تعمل وتستعد وكأنّ الانتخابات غداً. وأن هناك قاعدة حركية لفتح يجب أن يكون لها رأي". وهو ما أعطى انطباعاً حول وجود خلاف في أروقة الحركة بشأن القائمة المشتركة" ومواضيع اخرى.

وحول اجتماعات الفصائل المرتقبة في القاهرة، شدد على ضرورة أن تكون اجرائية لتسهيل وحماية العملية الانتخابية وصيانتها وضمان شفافيتها، ما يعني أنها يجب ألا تأخذ وقتاً طويلاً؛ لأن الفترة التي تفصلنا عن الانتخابات التشريعية قصيرة.

غير أن هذا القيادي لم ينفِ نهائياً فكرة القائمة المشتركة التوافقية بين "فتح" و"حماس" حينما قال إنه "من المبكر الحديث عنها الآن".

من جهته، قال مدير مركز "مسارات" هاني المصري ل"المدن"، إن ما صرح به ناصر القدوة بحكم موقعه المهم، ليس أمراً عابراً بل هو تطور كبير؛ إذ انه ينم عن خلاف في أروقة "فتح" حيال القائمة المشتركة وعناوين أخرى.

وبيّن المصري أن الرسالة من تصريح القدوة هي "أنه في حال لم يتم التراجع عن (المشتركة) هناك خطر لتشكل قوائم في الحركة لمواجهة هذه القائمة"، موضحاً أن عدداً من قيادات "فتح"
ومحاورها الأساسية يعارضون هذا الشيء.

وذهب المصري إلى أبعد من ذلك حينما قال إن تصريح القدوة يندرج في سياق تعزيز اتجاه في "فتح" يركزّ على إصلاح الوضع الداخلي في الحركة والسلطة بعد أن ضاق بهم ذرعا، كاشفاً عن أن اللجنة المركزية ل"فتح" لم تلتئم منذ فترة طويلة وهو ما يعكس وجود خلافات في أروقة الحركة إزاء العديد من القضايا.

وقدّر المصري نسبة مئوية لحصول الانتخابات من عدمه قائلاً: "30 في المئة ستحصل، و70 في المئة لن تحصل..." مستنداً على معطيات مرتبطة بعقبات متوقعة من شأنها أن تفجّر الجهود الرامية إلى إجرائها في أية لحظة. مع العلم أن رئيس السلطة محمود عباس كان قد أصدر مرسوماً لإجراء الانتخابات عام 2010، لكنها لم تُجرَ نتيجة الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس".

وتحدث هاني المصري عن أن "المحكمة الدستورية" التي شكّلها رئيس السلطة قبل سنوات وما وصفها ب"القرارات الفردية" بشأن تعيينات في السلك القضائي مؤخراً لا تبعث على الاطمئنان، ولا تخلق جواً صحّياً نحو الانتخابات. واعتبر أن خلفية سير "فتح" و"حماس" نحو الانتخابات تعود إلى أن الحركتين اتفقتا على أن محمود عباس هو المرشح للإنتخابات الرئاسية.

وفي السياق، أكد مصدر سياسي مقيم في رام الله ل"المدن"، أن أول حديث عن مقترح "القائمة المشتركة" الجامعة ل"فتح" و"حماس" في اي انتخابات تشريعية كان عام 2012، ثم تم نقاشها رسمياً عام 2015، مشيراً إلى أنه سمع شخصياً بها من رئيس السلطة محمود عباس وتجادل معه حولها قبل سنوات.

واعتبر المصدر أن "المشتركة" هي التي شجعت أقطاباً في "فتح" و"حماس" على الانتخابات لأنها مضمونة النتائج وتذلّل مخاوف الحركتين من الخسارة.. لكنه رجح أنه قد يتم التراجع عن الفكرة أو على الأقل دراستها، ما يجعل تمريرها ليس بالأمر السهل نظراً لارتدادات كبيرة قد تحدث إذا لم يتم التراجع عنها.

لكن قيادياً آخر في السلطة الفلسطينية كان له رأي آخر. إذ كشف ل"المدن"، عن أن "القائمة المشتركة" مع "حماس" ليست أصل الخلاف في صفوف "فتح"، وإنما حالة التمزق التي تعيشها الحركة والخشية من ان تذهب ضعيفة إلى قائمة ائتلافية كهذه، وهو ما يتسبب بخروج قوائم انتخابية من قلب الحركة من شأنها أن تشتت وتقسم الصوت الفتحاوي.

وهنا، ينصب النقاش داخل "فتح" الآن على سؤال مفاده "هل هناك أمل وإمكانية لتوحيد صفوف فتح وذهاب الحركة إلى الانتخابات قوية لا مُبعثرة؟".. ثم بعد ذلك يُمكن ل"فتح" أن تقرر مسألة القائمة المشتركة وغيرها من الأمور.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024