المصالحة الفلسطينية:خطوة متقدمة.. لكن الألغام قائمة

أدهم مناصرة

الخميس 2017/10/12

وقّعت حركتا "فتح" و"حماس" رسمياً، الخميس، بحضور رئيس المخابرات المصرية خالد فوزي، اتفاقاً حول المضي قدماً نحو البدء المرحلي لتطبيق اتفاق القاهرة الذي ابرمته الحركتان عام 2011.

وتُوج التوقيع على الإتفاق، بالإعلان عن إجراءات لتمكين حكومة الوفاق الفلسطينية من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون القطاع كما هو الحال في الضفة الغربية، بحد أقصى مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، والعمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك لعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، أكد الاحمد أنه تم الاتفاق الكامل على "مفهوم تمكين الحكومة" من العمل في غزة بما يضمن لها العمل بشكل طبيعي وفق صلاحياتها القائمة على القانون الاساس؛ بدءاً من الهيئات والوزارات جميعها دون استثناء، ومروراً بادارة المعابر كافة، سواء تلك التي مع الجانب الإسرائيلي، أو معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة ومصر، إذ سيتولى "حرس الرئاسة" التابعة للسلطة الفلسطينية إدارته على امتداد الحدود.

ووجهت مصر -بموجب الاتفاق- دعوة لكافة الفصائل الفلسطينية للاجتماع في القاهرة يوم الحادي والعشرين من نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل من أجل بحث القضايا الكُبرى المتمثلة بحكومة الوحدة ومنظمة التحرير والإنتخابات. وأوضح عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" صلاح البردويل إن إجتماع الفصائل سيناقش تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنفيذ باقي ملفات المصالحة الكبيرة وعلى رأسها منظمة التحرير والانتخابات والأمن.

من جهته، أكد نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" صالح العاروري، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الأحمد، أن مسيرة المصالحة لا تبدأ اليوم، بل هي قائمة على اتفاقات سابقة، موضحاً أن التطبيق على أساس "خطوة بخطوة"، أي أنهم في حال نجحوا في تجاوز الخطوة الأولى، فإنهم سينتقلون للخطوة التي بعدها، وهكذا.

وفي تصريحات لوكالة "فرانس برس"، رحب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالتوصل إلى اتفاق بين حركتي "فتح" و"حماس" في القاهرة، وشدد على أن ما تم إنجازه من اتفاق يعتبر اتفاقاً نهائياً لإنهاء الانقسام المستمر منذ عقد من الزمن. وقالت الوكالة إن عباس أصدر توجيهاته للحكومة وجميع الأجهزة والمؤسسات بالعمل الحثيث لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

من جانبها، أكدت حكومة الوفاق أنها على كامل الجهوزية والاستعداد للبدء الفوري بتحمل كامل المسؤوليات في المحافظات الجنوبية وتنفيذ خططها المعدة مسبقاً لهذه اللحظة. وبيّن المتحدث الرسمي باسم الحكومة بأن الخطط تشمل العمل السريع على إنهاء معاناة الغزيين.

شعبياً، تجمع المئات في ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة، للاحتفال بالاتفاق، مطالبين بتحويل الاتفاق إلى خطوات عملية على الأرض ووقف كافة الإجراءات التي اتخذت مؤخراً ضد قطاع غزة.

القيادي في حركة "حماس" حسن يوسف، قال لـ"المدن"، إن الإتفاق يعني أن يبدأ سكان غزة بالشعور بتلبية بعض الأمور الحياتية لهم، وذلك بعد تمكين حكومة التوافق من عملها، سواء على صعيد ملف الحريات العامة، والمصالحة المجتمعية، أو الكهرباء ومتطلبات الصحة والمياه والتحويلات الطبية للمرضى من أجل العلاج في الخارج.

وفي ما يخص الأجهزة الأمنية، أوضح يوسف أن قادة الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية سيذهبون من رام الله إلى قطاع غزة في الأيام المقبلة، من أجل وضع سياسة عامة لإدارة الأجهزة، وبحث سبل دمجها دون المساس بهكلتها الحالية، ولكن سيُضاف إليها عناصر من الاجهزة القديمة التي كانت تعمل في إطار السلطة قبل سيطرة حماس على قطاع غزة في يونيو/حزيران عام 2007.

أما قضية الموظفين، فستباشر اللجنة الإدارية والقانونية المشكلة سلفاً عملها، مع إضافة ثلاثة خبراء جدد إليها من أجل حل قضية الموظفين ودمجهم في غضون اربعة اشهر، مع الحفاظ على صرف ما بين 50 و60 في المئة من الراتب الشهري للموظفين المعينين ابان حكومة "حماس" في غزة، خلال الأشهر المُشار إليها.

وبعد اجتماع الفصائل كلها في القاهرة، بعد أربعة اسابيع لبحث القضايا الكُبرى، تعود حركتا "فتح" و"حماس" في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل لتعقدا اجتماعاً في القاهرة، لتقييم ومتابعة مرحلة الشهرين، وتحديد الخطوات اللاحقة.

مصدر مطلع على حيثيات حوارات "فتح" و"حماس" في القاهرة خلال اليومين الماضيين، كشف لـ"المدن"، أن الضحكات والتصريحات الإيجابية من الطرفين أمام الكاميرات لا تعني أن الحوارات كانت سهلة، بل كانت صعبة جداً، وكادت أن تتفجر عند الساعة الواحدة من صباح الخميس، لولا تدخل المصريين الذين يُصرون على النجاح بأي وسيلة.

وأضاف المصدر، أن "حماس" تعهدت خلال الحوارات أن حكومة التوافق لن ترى مسلحاً واحداً من كتائب "القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس" في الشوارع، ما يعني أنها ستكون "في الأنفاق تحت الأرض"، فيما تكون الأجهزة الأمنية الحكومية على الأرض.

ورغم التقدم الحاصل في المصالحة الفلسطينية، يؤكد مراقبون لـ"المدن"، أن الإتفاق الأخير بين الحركتين يُعتبر "رخواً" ويمكن وصفه بـ"اعلان مبادئ"، وثمة الغام وعقبات لا تزال في الطريق، الأمر الذي يدعو إلى الحذر من المُبالغة بالاحتفال، خصوصاً وأن الحديث يدور حتى اللحظة عن أمور إجرائية غير مكتملة في ما يخص خمسة ملفات تم نقاشها في حوارات القاهرة الأخيرة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024