خان شيخون تسقط بيد مليشيات النظام

خالد الخطيب

الثلاثاء 2019/08/20
تمكنت مليشيات النظام الروسية، فجر الثلاثاء، من السيطرة على مدينة خان شيخون والتلال والمواقع المحيطة بها، كما انسحبت المعارضة المسلحة من مواقعها في خطوط التماس في ريف حماة الشمالي.

المليشيات في الخان

شنت المليشيات، ليل الاثنين/الثلاثاء، هجوماً برياً واسعاً من ثلاثة محاور للسيطرة على ما تبقى من التلال والأحراش والمواقع المحصنة في أطراف خان شيخون الشرقية والشمالية والغربية. وتمكنت من السيطرة على حاجز السلام وتلة الحرش ومجموعة من الحواجز والمواقع على الطرق الفرعية والرئيسية التي تصل المدينة بضواحيها. وكثفت المليشيات قصفها البري والجوي مستهدفة كامل أحياء الخان ورصدت الطائرات الحربية تحركات المعارضة وامداداتها في الأطراف.

ودخلت المليشيات الأحياء الشمالية والشمالية الغربية من محوري تلة النمر وحاجز الفقير، ووزعت المليشيات أكثر من 1500 عنصر من "الفيلق الخامس" و"قوات النمر" و"لواء القدس" و"الحرس الجمهوري" ومجموعات تتبع للفرق العسكرية "التاسعة" و"السابعة" و"الثامنة" و"11" على كامل خط الاقتحام، ومعهم أكثر من 30 دبابة ومركبات تحمل رشاشات ثقيلة. وتمكنت المليشيات من الالتفاف على أحياء الخان الشرقية شرقي الطريق الدولي حلب-دمشق، واشتبكت مع المعارضة وسط المدينة بعد منتصف الليل.

عدد من الكتائب التابعة للفصائل المعارضة والإسلامية قررت مبكراً الانسحاب من الخان بسبب الضغط الناري وهجوم المليشيات العنيف، في حين اختارت مجموعات أخرى البقاء والمقاومة. المراصد المحلية أعلنت سقوط الخان قبل انسحاب المعارضة منها. وجرت بعد منتصف الليل معارك عنيفة في ساحة الشهداء وعلى جانبي الطريق الدولي في الأحياء الشرقية. وتمكنت المعارضة من قتل أكثر من 20 عنصراً، وتدمير دبابة. لكن، المقاومين فشلوا في وقف زحف المليشيات وخسروا عدداً من المقاتلين وقرروا الانسحاب إلى أطراف المدينة فجراً.



الانسحاب من الخان

سقوط الخان في قبصة المليشيات كان أمراً حتمياً لأن المليشيات أعدت لمعركة المدينة جيشاً جراراً من المليشيات والمدرعات والدبابات وكانت تتوقع مقاومة عنيفة. ومهّدت المليشيات بقوة نارية هائلة. الطائرات الحربية والمروحية نفذت أكثر من 100 غارة على أحياء المدينة وأطرافها منذ ساعات الليل الأولى، واستخدمت في غاراتها قنابل ارتجاجية وصواريخ فراغية استحال معها بقاء مقاتلي المعارضة في مواقعهم آمنين في انتظار الالتحام مع المليشيات.

الخان مدينة كبيرة وبرغم الدمار الهائل بسبب القصف الجديد والسابق للمليشيات إلا أن الصمود فيها كان ممكناً إلى حين دخول المليشيات والاشتباك معها في حرب شوارع.

مصدر عسكري معارض أكد لـ"المدن"، أن معركة الخان ليست متكافئة، عدم التكافؤ لا يقتصر على حجم النيران التي استخدمها الطرفين فقط، إنما في قدرة التحرك والمناورة والرصد. المليشيات كما اعتادت في معاركها الأخيرة استفادت بشكل كبير من المعارك الليلية ولديها معدات رؤية ورصد حرارية مكنتها من كشف واستهداف خصومها من مسافات قريبة وبعيدة.

وبحسب المصدر، فمن العوامل التي منعت الصمود؛ السيطرة على محيط المدينة والتلال المتحكمة بطرق الامداد، وهو ما أجبر مقاتلي المعارضة على الانسحاب خوفاً من الحصار.
وبدا أن المعارضة لم تخطط مسبقاً للصمود في الخان وقبلها مجموعة كبيرة من القرى والبلدات، وهي تقول بأن انسحابها تكتيك لازم يجنبها الاستنزاف في معارك لا جدوى منها في الوقت الحالي.

مئات قليلة من مقاتلي المعارضة في "الجبهة الوطنية للتحرير" و"هيئة تحرير الشام" و"جيش العزة"، وآخرين دافعوا عن المدينة. وفي حال كانت هناك خطة للصمود وخوض حرب شوارع مع المليشيات، لكانت المعارضة قد زجت بأعداد أكبر من مقاتليها للدفاع عن المدينة، وحتماً سيكون قرار الصمود مكلفاً للغاية.

شمالي حماة

باتت خطوط التماس في ريف حماة الشمالي خالية بالكامل من تواجد المعارضة المسلحة. مقاتلو "الجبهة الوطنية" و"تحرير الشام" و"جيش العزة"، أخلوا كامل مواقعهم العسكرية ومقراتهم في خط التماس في الوقت الذي كانت فيه المليشيات تتمدد في أحياء الخان وتمشطها.

مدن وبلدات اللطامنة وكفرزيتا ولطمين واللحايا ومورك وأرض لطمين وغيرها من المواقع والبلدات شمالي حماة، لم يتم إخلاؤها بالكامل من مقاتلي المعارضة، وفيها مدنيون بأعداد قليلة.

المليشيات لم تتقدم نحو كامل المنطقة التي أخلتها المعارضة حتى الآن، بل نحو المواقع العسكرية التي أخلتها المعارضة في خط التماس فقط. ولا معلومات مؤكدة حول انسحاب أو بقاء نقطة المراقبة التابعة للجيش التركي في مورك.

ما تزال المليشيات مشغولة في تثبيت مواقعها في محيط الخان، المعارضة قالت إن انسحابها من جبهات القتال في ريف حماة الشمالي كان قراراً صعباً وضرورياً بعد خسارة خان شيخون، وباتت الطرق الواصلة بين ادلب وشمالي حماة مرصودة نارياً من قبل المليشيات، وأي تأخر في قرار الانسحاب سيكون مكلفاً.

غرفة عمليات "الفتح المبين" نفت الانسحاب الكامل من ريف حماة الشمالي لحساب المليشيات، وقالت، الثلاثاء: "بعد القصف الشديد من قبل قوات العدو المجرم، الذي يتجنب المواجهة مع المجاهدين باتباع سياسة الأرض المحروقة، أعاد المجاهدون ليلة أمس التمركز في جنوب مدينة خان شيخون، مع بقاء الجيب الجنوبي تحت سيطرة المجاهدين في مورك واللطامنة وكفر زيتا وغيرها من البلدات، وإننا في غرفة عمليات الفتح المبين، نؤكد على خيارنا في مواجهة هذا العدوان الآثم الذي قتل الأطفال والنساء ودمّر البيوت فوق رؤوس ساكنيها، ويشهد كل العالم إجرامه بصمت، سنقاتل عن أرضنا ونذود عنها بكل ما نستطيع، ولن نسلم أرضاً حررناها بدماء من سبقونا من الشهداء، وليعلم المحتل أن ثمن عدوانه سيكون باهظاً جداً".

هدف المليشيات المقبل

لم تنسحب المعارضة من جبهاتها في سكيك وترعي وما تزال التمانعة شرق خان شيخون تحت سيطرة المعارضة، أي أن الطريق بين ادلب وجنوبي حماة ما يزال مفتوحاً بعرض 10 كيلومترات، برغم خطورته ورصده من قبل المليشيات، وإذا لم توسع المعارضة سيطرتها على جانبي الممر فإنها مجبرة على استكمال انسحابها من باقي مناطق ريف حماة الشمالي.

وواصلت المليشيات قصفها البري والجوي، صباح الثلاثاء، مستهدفة قرى وبلدات جنوبي ادلب الواقعة على جانبي الطريق الدولي بين خان شيخون ومعرة النعمان، واستهدفت الطائرات الحربية قرى وبلدات النقير ومعرة حرمة والتح وكفر سجنة والشيخ مصطفى وترملا وغيرها.

سيطرة المليشيات على الخان جنوبي ادلب وخطوط التماس شمالي حماة من دون مواجهات مع المعارضة ستفتح شهيتها لمواصلة التقدم، والتهديد بفرض حصار كامل ربما لإجبار المعارضة على الانسحاب الكامل من ريف حماة الشمالي، وقد تواصل المليشيات التقدم نحو معرة النعمان والسيطرة على المطقة الواقعة على جانبي الطريق الدولي بين الخان والمعرة في مرحلة لاحقة، وهذه المنطقة يتركز فيها قصف المليشيات الجوي والبري بشكل عنيف في الساعات ال48 الماضية ويؤكد نية المليشيات مواصلة عملياتها العسكرية شمالاً في ريف ادلب الجنوبي الشرقي.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024