معابر الركبان "الانسانية".. إلى مراكز الإيواء؟

عمار حمو

الثلاثاء 2019/02/19
أعلن النظام السوري وموسكو، عن فتح "ممرات إنسانية"، الثلاثاء، من مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، بعد أيام من زيارة وفدي الأمم المتحدة والهلال الأحمر للمخيم، واستبيان آراء الأهالي.

وذكرت وكالة "سانا" أن الهيئتين التنسيقيتين المشتركتين، السورية والروسية لعودة المُهجّرين، أعلنتا عن فتح ممرين إنسانيين، يبدأ العمل بهما، من الساعة التاسعة صباح الثلاثاء، لاستقبال قاطني الركبان في "مراكز تسوية".

مصادر "المدن" أكدت عدم افتتاح الممرات حتى اللحظة، وأكدت أن الصور التي تنشرها وسائل إعلام النظام هي من خارج منطقة الـ55 في التنف. فيما قالت مصادر محلية من مخيم الركبان، لـ"المدن"، إن لا حركة للمدنيين من مخيم الركبان إلى المعبرين، اللذين حددهما النظام، وهما؛ جليب وجبل الغراب، على أطراف منطقة التنف. نازح من بلدة مهين، قال لـ"المدن"، إن "الحركة طبيعية في المخيم ولا يوجد أي حركة للناس باتجاه المعابر".

واتهم النظام وروسيا فصائل المعارضة بعرقلة خروج المدنيين من المخيم، وهو ما نفاه مصدر عسكري في "جيش مغاوير الثورة"، في حديثه لـ"المدن"، إذ قال: "الممرات من مخيم الركبان إلى مناطق النظام مفتوحة، خاصة طريق دمشق-بغداد الذي مرّت منه قافلة المساعدات الأممية الأخيرة"، مؤكداً أن الفصائل في منطقة الـ55 لا تمنع خروج أي مدني من المخيم.

وقالت مصادر رسمية ومدنية في مخيم الركبان لـ"المدن"، إن العمل على هذه الممرات جاء من طرف النظام وروسيا فقط، من دون أي تنسيق أو ترتيب مع الهيئات المدنية والعسكرية داخل المخيم. مصدر في "جيش مغاوير الثورة"، أكد لـ"المدن"، أنه "لم يتم إبلاغ الفصائل بخصوص هذه الممرات، ولم يتم أي تنسيق بين الطرفين، وجاء الإعلان عن هذه الممرات في إعلام النظام فقط".

وأشار المصدر إلى أن عمليات "التسوية" والعودة من المخيم لمناطق النظام ليست جديدة، إلا أنها كانت تتم في حالات فردية، حيث يخرج الراغبون من المخيم إلى مدنهم وبلداتهم من دون أية عراقيل من الفصائل. ولم تلقَ عمليات التسوية في الماضي رواجاً لدى سكان المخيم، لعدم وجود أي ضمانات من النظام للراغبين في الخروج، فضلاً عن تشديده على الطرق الواصلة إلى المخيم.

ويبدو أن النظام ينتهج بفتح "الممرات الإنسانية" سيناريو الغوطة الشرقية، وذلك ببث الفوضى داخل المخيم، واستخدام أسلوب العصا والجزرة، لإيقاع سكان المخيم في فخّ مراكز الإيواء.

مصدر مدني قال لـ"المدن" إن "النظام يسعى عبر عرّابي المصالحات إلى الترويج للمصالحات، وكل المحاولات السابقة باءت بالفشل، ولكنه استغل الإعلان عن فتح الممرات الإنسانية وسط ظروف إنسانية صعبة، والحديث عن توافق دولي بتفكيك المخيم ونقل قاطنيه".

وقال المصدر: "أغلق النظام كل المعابر غير الرسمية التي كانت تزود المخيم بالمواد الأساسية عبر مهربين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية، ويبلغ سعر لتر الكاز اليوم 1100 ليرة سورية (2.10 دولار)، فيما كان سعره قبل أسبوع 400 ليرة".

ويتوقع المصدر أن يشدد النظام على شبكات التهريب التي تمدّ المخيم بالمواد الأساسية، في سبيل دفع الناس إلى المعابر تحت "ضغط الحاجة".

وحذّر المصدر في مخيم الركبان من وقوع قاطني المخيم، في فخّ "المصالحات"، مشيراً إلى أن معظم قاطني المخيم مطلوبون للنظام، أو ذوو مطلوبين. وقال المصدر: "لا أحد من سكان المخيم يفضّل العيش في ظروف إنسانية صعبة، ولكن خوفهم من انتهاكات النظام تجعلهم يتمسكون بالمخيم عن العودة إلى مدنهم الواقعة تحت سيطرة النظام".

وذكرت مصادر لـ"المدن" أن فتح ممرات من المخيم إلى مناطق النظام "لا يفيد إلا شريحة بسيطة من سكان المخيم، وهم كبار السن، والعائلات التي لا يوجد بين أفرادها مطلوبون للنظام أو شباب في سن التجنيد الإجباري". مصدر قال لـ"المدن": "معظم قاطني المخيم يفضلون الخروج إلى الشمال السوري الواقع تحت سيطرة المعارضة".

وكان فصيل "لواء شهداء القريتين" قد أجرى مفاوضات مع النظام قبل شهور لإخراج مقاتليه مع دفعة من سكان مخيم الركبان إلى مناطق "درع الفرات"، ولكنه فشل بعد رفض الجانب التركي وصول قافلة التهجير إلى مناطق نفوذه. مصدر عسكري في منطقة الـ55 قال لـ"المدن": "مفاوضات الخروج إلى الشمال لا تزال جارية، وانضمت فصائل أخرى إلى لواء شهداء القريتين في السعي لترتيب عملية الخروج إلى الشمال".

ويعدّ إعلان النظام عن فتح "ممرات إنسانية" من الركبان أول خطوة عملية في تطبيق المفاوضات الأردنية الروسية، التي تقضي بتفكيك مخيم الركبان وإعادة قاطنيه إلى مدنهم وبلداتهم الواقعة تحت سيطرة النظام.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024