وقائع اعتقال طلاب الإيغور في مصر.. بطلب من الصين

عمرو فؤاد

الخميس 2017/07/06

يعيش "س .ع "، وهو لاجىء من أقلية الإيغور الصينية المسلمة، في مصر منذ عشر سنوات، بعد هروبه  من موطنه الأصلي إلى مصر عبر تركيا، بحثاً عن حياة آمنة، وعمل يساعده علي الاستقرار، بعدما تعرضت عائلته إلى انتهاكات من قبل السلطات الصينية، وتلقيه تهديدات بالقتل.

تمتع اللاجىء بالاستقرار المعيشي والأمني طيلة السنوات السابقة، بعدما افتتح مطعماً في حي مدينة نصر، شرقي القاهرة، وتمكن من إلحاق أولاده للدراسة في الأزهر، وتمتعه بإقامة قانونية، والتسجيل لدى مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة. لكنه فؤجىء، في الثالث من الشهر الحالي، بقوة أمنية تقتحم مطعمه الذي يتردد عليه أقرانه من الإيغور، حيث تم إغلاقه واعتقال كل رواده والعاملين به، وهم أيضاً من أقلية الإيغور.


يحكي اللاجىء الذي يتحفظ على ذكر اسمه، وقائع اعتقال مجموعات كبيرة من أقليته المُقيمة في مصر، ويقول إن "حملة الاعتقال التي تستهدف أقلية الإيغور المسلمة بدأت في اليوم الثاني من الشهر الحالي، عبر حملة اعتقال مُنظمة  بمحافظات الشرقية والاسكندرية والقاهرة وكذلك في مطار الاسكندرية في توقيت متزامن، فضلاً عن اقتحام قوات الأمن  للمحلات التجارية والمطاعم التي تتردد عليها الأقلية الأوغورية".


يخشى الرجل الأربعيني، الذي هرب من بيته مع أسرته إلى منطقة جديدة مصير الترحيل لبلاده. ويقول "رعبنا الأساسي هو الترحيل للصين، فور وصولنا إلي هناك لن يسمع عنا أحد مجددا".


هذا الرجل ليس الوحيد الذي أصبح مُلاحقاً من قبل السلطات المصرية، إذ يعيش "ك . ص"، وهو طالب يدرس في جامعة الازهر منذ عامين، وقائع المعاناة بعدما تعرضت الشقة السكنية التي يستأجرها مع ثلاثة من زملائه للاقتحام، الثلاثاء الماضي، حيث تم اقتياد بعض زملائه إلى قسم شرطة أول مدينة نصر، فضلاً عن وجود أنباء كثيرة تتحدث عن احتجاز عشرات آخريين من زملائه داخل السفارة الصينية في القاهرة.


يحكي (ك. ص) وقائع اعتقال عشرات من طلاب الإيغور الذين يدرسون بالأزهر على مدار الأيام الثلاثة السابقة. ويقول  "علمنا.. أنها حملة اعتقال منظمة من جانب قوات الأمن حيال كُل منتسب لأقلية الإيغور داخل محافظات مصر"، موضحاً أن مجموعة من الطلاب الأزهريين ربما يكون قد جرى احتجازها في المطار.


الطالب الذي يدرس في السنة الثالثة في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، ويتمتع بإقامة قانونية داخل مصر، يعيش حياة من الخوف من الذهاب للجامعة أو النزول للشارع. ويقول "لم تُقدم جهات التحقيق أي اتهامات حيال المجموعات المحتجزة، فضلاً عن قيام قوات الأمن باعتقال مجموعة من زملائنا ذهبت للمجموعات المحتجزة في قسم شرطة أول مدينة نصر لتقديم المساعدة القانونية لهم".


ويُقدر الطالب الأزهري أعداد المعتقلين من أقلية الإيغور خلال الأيام الأخيرة بنحو 100 طالب.


وكان وزير الداخلية المصرية مجدي عبد الغفار، قد التقى نائب وزير الأمن العام الصيني تشن برفقة وفد أمني صيني رفيع المستوى، في 19 يونيو/حزيران الماضي. وتضمنت نتائج اللقاء الذي جرى في القاهرة، تفعيل قنوات تبادل المعلومات ذات الصلة بالتنظيمات المتطرفة وأنشطة الهجرة غير الشرعية، بحسب بيان مشترك صدر عن الطرفين.


الناشط الحقوقي عمرو مجدي قال إن "كل الدلائل في هذه القضية، ترجح أن حملة الاعتقالات جاءت بتوجيه من السلطات الصينية" بعد إبرام الاتفاقية الأمنية بين مصر والصين واللقاء بين وزير الداخلية ونائب وزير الأمن الصيني.


ويضيف مجدي أن الحكومة الصينية ضغطت على دول عديدة لترحيل الأويغور وهناك سوابق لذلك في دول أخرى مثل كمبوديا وغيرها، لكن الغريب أن تقوم مصر بالاستجابة لهذا الطلب. ويحذّر مجدي من أن "هناك تقارير صحافية عن أعداد متزايدة من أقلية الأيغور المقيمين في تركيا انضموا لداعش والجماعات المتطرفة (نتيجة الملاحقة) هل هذا هو ما تريده الحكومة المصرية من ترحيل هؤلاء من مصر؟".


ويلفت مجدي إلى أن الأزهر أصدر بيانات إدانة للقمع الشديد الذي تتعرض له هذه الأقلية المسملة في الصين وفتح أبوابه لها منذ سنوات. ويتساءل "لماذا الآن يتم اعتقالهم فجأة إلا إذا كانت حكومة السيسي تريد مجاملة الصين على حساب حياة البشر؟".


الباحث الميداني في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية محمد الكاشف، قال إن غياب المعلومات وعدم الشفافية من جانب الجهات الأمنية في توضيح ظروف احتجاز عشرات المنتمين لأقلية الإيغور، يدعو للتساؤل عن دور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في حماية هؤلاء وأسرهم، وهم يقيمون منذ سنوات ويتمتعون بأوضاع قانونية.


وكانت مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة "هيومن رايتس ووتش" سارة ليا ويتسن، قد قالت في بيان، الخميس، إنه "في تطور مثير للقلق، قبضت السلطات المصرية على عشرات الطلاب الأيغور، على ما يبدو لترحيلهم بطلب من الحكومة الصينية". وطالبت السلطات المصرية "أن تكشف عن أماكن تواجدهم، وتصرح بسبب اعتقالهم، وتسمح لهم بالوصول إلى محامين. على مصر ألا ترحلهم إلى الصين، حيث يتعرضون للملاحقة والتعذيب".


وحاولت "المدن" التواصل مع وزارة الداخلية، والمتحدث الإعلامي باسمها، لطلب توضيحات حول هذه القضية، من دون أن تتلقى أي رد.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024