مناظرة الرئاسة الأميركية:المهرج الذي لم يخرس

المدن - عرب وعالم

الأربعاء 2020/09/30
انطلقت المناظرة الرئاسية الأولى بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي جو بايدن بسجال لفظي حاد، تحضيراً للانتخابات الرئاسية المقررة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.

بدأت المناظرة بسؤال عن تعيين القاضية إيمي باريت لعضوية المحكمة العليا، ثم الحديث عن برنامج أوباما كير للرعاية الصحية، قبل الانتقال للحديث عن جائحة كورونا.
وفيما كان كل منهما يحاول الحديث كان الآخر يقاطعه لدرجة أن بايدن اتهم ترامب بالكذب ثم طلب منه أن يصمت. وبعد دقائق وعند حديث بايدن عن الذكاء رد عليه ترامب بالقول: "أنت لا تمت للذكاء بصلة".

وتحولت المناظرة إلى عرض فوضوي مع تبادل الاتهامات والإهانات والهجمات الشخصية قبل 35 يوماً من الانتخابات. وطلب بايدن من ترامب أن "يخرس" قبل أن ينعته في وقت لاحق بـ"المهرج". فيما عمد ترامب إلى وصف منافسه على أنه "دمية في يد اليسار الراديكالي".

وتطرق النقاش إلى نظام الرعاية الصحية الأميركي "أوباما كير"، حيث قال ترامب إنّ "الديمقراطيين لو كانوا في الحكم لمات مليون أميركي بسبب كورونا"، مضيفاً أن "إدارة برنامج أوباما كير للرعاية الصحية كارثة". ووعد ترامب ب"خفض أسعار الدواء".

ورد بايدن قائلاً إن "ترامب لم يعرض أي خطة بديلة للنظام المذكور لأنه لا يملك خطة في الأساس"، متهماً إياه بعدم الرغبة في تقديم المساعدة للمحتاجين. وتابع قائلاً إن "ترامب لم يقدم أي دعم للشعب في المجال الطبي، وكل ما يقوله حتى الآن هو كذب".

وأضاف "الملايين يستفيدون من برنامج أوباما كير، وما يفعله ترامب هو أنه يحرمهم منه ومن المساعدة، وليس لديه خطة حول الرعاية الصحية مثلما لا يوجد لديه أي خطة، ولا يعرف عما يتكلم".

وانتقل النقاش إلى قضية فيروس كورونا "كوفيد-19"، وقال بايدن إنّ "ترامب لم تكن لديه خطة في مواجهة كورونا"، متهماً إياه "بتجاهل الأزمة وممارسة لعبة الغولف". ومن جانبه، أكد ترامب أنّ "العديد من الدول لم تعلن صراحة عن وفياتها من جراء الفيروس مثل أميركا". وأضاف ترامب أنه وفّر "كافة التجهيزات الطبية لمواجهة كورونا، وأنّ أعداد الوفيات تراجعت".

وبخصوص نزاهة الانتخابات، قال بايدن إنه "لا توجد أية مخاوف من تزوير الانتخابات بالبريد، وترامب هو الوحيد الذي يؤمن بهذا التلاعب، والرئيس يحاول إخافة الناس من التصويت".

في المقابل، شدد ترامب على أنّ "التصويت بالبريد كارثة"، متهمًا كلاً من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ووزير الخارجية في عهده، هيلاري كلينتون بالتجسس على حملته الانتخابية في الانتخابات الرئاسية السابقة.

وقبل ساعات من المناظرة، نشر بايدن إقراراته الضريبية لعام 2019 ودعا ترامب إلى القيام بالمثل. واتخذ بايدن هذه الخطوة بعد يومين من كشف صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ ترامب دفع 750 دولاراً فقط من ضرائب الدخل الاتحادية في عامي 2016 و2017، بعد الإبلاغ لسنوات عن تكبد شركاته خسائر فادحة.

ومن المرتقب تنظيم مناظرتين أخريين في 15 و22 تشرين الأول/أكتوبر، على التوالي في ميامي بفلوريدا وناشفيل في تينيسي.

وأجرت شبكة "سي إن إن" الأميركية استطلاعاً للرأي بعد المناظرة، أظهر أن 6 من بين كل 10 أشخاص تابعوا المناظرة، قالوا إن جو بايدن قدم أداء أفضل. 28 في المئة فقط قالوا إن أداء الرئيس دونالد ترامب كان أفضل.

وأظهرت نتائج الاستطلاع أن ثلثي الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في الاستطلاع قالوا إن إجابات بايدن كانت أكثر مصداقية (65% لبايدن و29% لترامب) وأن مهاجمته للرئيس ترامب كانت ترى أكثر عدلا بنسبة 69 في المئة مقابل 32 في المئة فقط قالوا إن هجوم ترامب ضد بايدن كان عادلاً.

مجلة "بوليتكو" الأميركية وصفت المناظرة بأنها "لحظة ملحمية من العار الوطني" و"إحراج للعصور".وقالت إنه "في فترات متكررة ليلة الثلاثاء، ساد رد الفعل الطبيعي للإنسان، خفض صوت التلفاز، والنظر بعيداً. أصبحت المناظرة الرئاسية الأولى في الانتخابات العامة 2020 غير قابلة للمراقبة تقريباً".

أولئك الذين استمروا في المشاهدة تمّت مكافأتهم بطريقة منحرفة: لقد شهدوا التاريخ يُصنع. كانت الإجراءات مشهداً أسطورياً، وتدنياً جديداً في السياسة الرئاسية، وعلامة عالية جديدة في العار القومي.

وقالت المجلة إن نقاشات المناظرة العامة -التي كانت سمة متكررة للانتخابات منذ عام 1960 وظهوراً مؤسسياً منذ عام 1976- بقيت حتى يوم الثلاثاء أحد الأبعاد القليلة للحياة العامة للأمة للحفاظ على هالة معينة من الجدية. لقد تغير ذلك في اللحظات الافتتاحية لمناظرة كليفلاند بين بايدن وترامب. كانت الدقائق ال90 التي تلت ذلك بمثابة تقطير مثالي تقريباً لسياسات الإهانة والسخط والمقاطعة واللامبالاة، وهي أمور شائعة في البرامج الحوارية، وفي الأخبار على قنوات الكابل، وعلى تويتر.

لا يوجد سر لماذا حدث هذا. من الواضح أن ترامب وصل من أجل تمزيق قواعد المناظرة الرسمية ، وتجاهل أي ادعاء باللياقة، بحسب "بوليتكو". في العديد من النقاط، انطلقت مقاطعاته دون انقطاع. وكذلك فعلت عمليات الإقصاء التي قام بها، بما في ذلك السخرية من أداء بايدن في الكلية قبل 56 عاماً عندما قال له: "لقد تخرجت إما في أدنى مستوى أو قريب من أدنى مستوى في صفك" قبل أن يضيف "لا يوجد شيء ذكي فيك يا جو". كما تحدث عن مشاكل المخدرات التي يعاني منها هانتر بايدن وقال بشكل غير دقيق إنه تلقى تسريحاً مشيناً من البحرية.

ترك وابل الاتهامات بايدن أمام خيار. يمكنه إجراء مقارنة من خلال الإذعان للقواعد ومحاولة الظهور بمظهر الصبر والأدب. لقد فعل ذلك في بعض الأحيان. أو يمكن أن يحاول احتضان روح المساء. "هلّا تصمت يا رجل؟" تحدى بايدن ترامب، قبل أن يبدي آسفه قائلاً: "هذا غير رئاسي للغاية". كان اسم بايدن الأكثر حيوية في ذلك المساء هو "المهرج".

ورأت "بوليتكو" أنه "بعد الوصول إلى هذه النقطة، ليس من الواضح إلى أين نذهب في المناظرتين المتبقيتين. من الصعب أن نتخيل أن المناقشات التالية قد تكون أكثر انحطاطاً من هذه. من الصعب أيضاً معرفة الديناميكيات الموجودة في السياسة الأميركية المعاصرة لدفعها إلى مستوى أعلى".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024